ثلاثة أسباب وراء ورطة بريطانيا في أفغانستان

ت + ت - الحجم الطبيعي

وحده الوقت كفيل بمعرفة ما إن كانت أفغانستان ستتمكن من بناء مستقبل لنفسها بعد سنوات من العنف والاضطراب. إلا أن العجز عن قراءة مستقبل البلاد، لا يمنع بريطانيا من احتساب الضرر الذي سببته لنفسها، سيما لمؤسسة طالما كانت محط تقدير البريطانيين تقليدياً. فالجيش البريطاني، الذي بدا لسنوات صامداً بوجه الحديث عن التراجع الوطني، من خلال كفاءته المهنية، واندفاعه، وقدرته على تدبر أموره بموارد ضئيلة، قد خسر السمعة الجيدة التي كان يتمتع بها يوماً. وتشارك القوات البحرية والجوية عملية السقوط من عل، ولو بدرجة أقل.

إلا أن الأضرار لم تقتصر على سمعة هذه المؤسسة وحسب. فالقتلى، وأصحاب الإصابات الخطرة، وآلاف الجنود الذين عادوا إلى بريطانيا مدمرين نفسياً يمثلون ثمناً أكبر من أن يحتمل .

القوات البريطانية المسلحة، التي طالما أنقذت السياسيين من عواقب قراراتهم الخاطئة أو المتهورة في الماضي، عبر انتزاع الانتصارات أو أنصاف الانتصارات على الأقل، لم تتمكن من تحقيق ذلك في العراق وأفغانستان. وتشير الدلائل إلى أن ضباط الجيش تحديداً كانوا حريصين على إظهار تميزهم ونفعهم، بحيث أخذوا على عاتقهم تنفيذ مهمات تفوق قدراتهم، وتتخطى عامل الحذر المعتاد. وقد اختاروا فعل ذلك لعدد من الأسباب.

أولها الزهو، الذي لا تأمن منه الكثير من الجيوش، سيما بعد تحقيق نجاح دراماتيكي. ثانياً، سلوك القوات المسلحة البريطانية حيال الأميركيين الممتزج برغبة جامحة في تحقيق النفع، ومشاعر غير خافية من الحسد. ثالثاً، نظرة رومانسية للتاريخ يوم كانت بريطانيا قوة عظمى.

تسود العالم بأسره نزعة تميل إلى اعتبار القوة العسكرية حلاً مناسباً للمشكلات القائمة، حتى حين لا يكون ذلك مناسباً. فما نفع الجيوش الحديثة، وكيف ومتى يمكن لها أن تكون ذات فائدة، كيف يمكن تمويلها وما الأمور التي يمكن طلبها من الجنود المدنيين، كل تلك أسئلة تصعب الإجابة عنها. يحتاج الجيش البريطاني إلى تسخير ذكائه الجماعي لإيجاد جواب عنها، في حين يتعين على الطبقة السياسية في بريطانيا أن تكون أكثر ارتياباً حيال الإسراع إلى اعتماد قرار الحرب على غرار ما فعلته في السنوات الأخيرة.

Email