ثلاثة عوامل تعرقل الجهود الأميركية في تسليح قوات البيشمركة وتدريبها

وفاء واشنطن بوعودها للأكراد يجنبها إرسال قواتها

البيشمركة لم يصلهم إلا قدر ضئيل من الأسلحة الأميركية أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، في خطابه حول مكافحة تنظيم «داعش» إن أميركا: «لن تنجر إلى حرب برية أخرى في العراق»، لكنه أضاف أن المستشارين العسكريين الأميركيين «مطلوبون هناك لدعم القوات العراقية والكردية بالتدريب والاستخبارات والمعدات».

وبناء على هذه الخطة، وصل إلى قوات البيشمركة الكردية في العراق القليل جداً من حيث الأسلحة والتدريب، وهم يتوسلون إلى واشنطن أن تفي بوعودها.

وفي هذه الأثناء، في مدينة خزر المواجهة، الواقعة بين الموصل التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» وأربيل عاصمة إقليم كردستان، تقود قوات البيشمركة شاحنات صغيرة غير مدرعة، ويحمل عناصرها بنادق كلاشينكوف «إيه كي-47»، في المواجهة ضد مقاتلي «داعش» المسلحين بدبابات أميركية ومركبات هامفي مدرعة ومدفعية ثقيلة.

وهذا الخلل في التوازن يتكرر على طول الحدود التي يتشارك فيها الأكراد مع «داعش» في العراق، البالغة عشرة كيلومترات ونصف الكيلومتر. ومنذ أن غزا «داعش» العراق في أوائل يونيو الماضي، كان هناك تحسن في الأوضاع نتيجة الغارات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة، لكن القليل جداً قد تغير من حيث توفير المعدات والتدريب لحلفائنا الأكراد.

إجراءات فورية

ويتعين على التحالف الذي يدعم الضربات الجوية أن يتخذ إجراءات فورية، في سبيل توفير المعدات الهجومية والدفاعية التي يحتاج إليها البيشمركة، لتتناسب مع قوة النيران لدى «داعش».

والفشل في القيام بذلك يزيد من احتمال أن تضطر أميركا، برغم تعهدات الرئيس أوباما بعدم توريط القوات الأميركية، إلى جانب دول التحالف الأخرى التي تشمل فرنسا وأستراليا وبريطانيا، إلى إرسال قوات لهزيمة «داعش».

وما يعوق الجهود الأميركية في تسليح قوات البيشمركة وتدريبها ثلاثة عوامل على الأقل: أولاً، يستمر الدبلوماسيون الأميركيون في اتباع ما يسمى «سياسة العراق الواحد» التي تعتبر تقديم مساعدة مباشرة إلى حكومة إقليم كردستان، سواء عسكرية أو غير عسكرية، ضربة محتملة للوحدة الوطنية العراقية. ومهما تكن المصلحة الأميركية التي خدمتها هذه السياسة في السنوات التي سبقت بروز «داعش»، فإنها تهدد الآن أوثق حلفائنا في العراق، وتضع قوات البيشمركة في وضع غير مواتٍ في قتالها ضد «داعش».

ثانياً، تستمر الولايات المتحدة في التزامها بإصرار الحكومة العراقية على أن تتوقف كل الشحنات المتجهة إلى الأكراد أولاً في بغداد، حيث يمكن للمسؤولين العراقيين تأخيرها أو حتى منعها من الوصول إلى إقليم كردستان تماماً.

ثالثاً، تمنع أنظمة وزارة الخارجية الأميركية حكومة إقليم كردستان من شراء أسلحة ومعدات أميركية الصنع من دون «شهادة المستخدم النهائي» الصادرة عن بغداد، وهي شهادات تزيد الحكومة العراقية للغاية من صعوبة الحصول عليها.

وتقدر حكومة إقليم كردستان أن لديها أكثر من 150 ألف عنصر في قوات البيشمركة، نحو خمس مرات أكثر من أعلى تقدير لعدد المقاتلين في «داعش».

وعناصر البيشمركة ملتزمون بمحاربة «داعش»، ويمكن أن يشكّلوا «القوات على الأرض» التي يرغب التحالف بقيادة الولايات المتحدة في تجنب الحاجة إلى نشرها بنفسه. لكن هذه القوات تصارع في حربها ضد «داعش»، لأنه تنقصها حتى المعدات التكتيكية الأساسية المستخدمة من قِبل الجيوش الحديثة.

تغييرات مساعدة

ويمكن أن تغير أميركا هذا الوضع عن طريق: أولاً، تزويد الأكراد بأسلحة ثقيلة ومعدات دفاعية مطلوبة، وتحديداً مركبات هامفي مدرعة ودبابات وصواريخ مضادة للدروع.

ثانياً، رفض السماح لبغداد بتأخير أو منع مثل تلك الشحنات، وثالثاً، تغيير أنظمة وزارة الخارجية الأميركية للسماح بإصدار شهادات المستخدم النهائي من جانب حكومة إقليم كردستان، ورابعاً، نقل بعض المعدات العسكرية الأميركية الزائدة إلى الأكراد (بما في ذلك مركبات مدرعة) المخزنة في قواعد أميركية في المنطقة.

في شهادته أمام الكونغرس في سبتمبر الماضي، أشار رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي إلى احتمال أن تكون هناك حاجة، في نهاية المطاف، إلى القوات البرية الأميركية لمقاتلة «داعش».

ورسالته تعرضت لانتقادات من جانب أولئك الذين يعارضون إرسال جنود أميركيين للقتال في العراق مرة أخرى. وللحد من احتمال مواجهة واشنطن لهذا الخيار، يتعين عليها أن تفي بوعودها، والتأكد من أن «داعش» لا تتفوق على البيشمركة في القوة العسكرية.

تسليح محدود

في رسالة بتاريخ 2 أكتوبر الجاري موجهة إلى وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل ، طالب وزير شؤون البيشمركة في حكومة إقليم كردستان مصطفي سايد قدير بالحصول على مساعدة، قائلاً إن قواته ما زالت تحمل «بنادق كلاشينكوف إيه كي-47» عفا عليها الزمن، وبنادق دراغونوف سوفييتية، وغيرها من الأسلحة الخفيفة.

وفي الرسالة تم تبويب الكميات المحدودة من المعدات الواردة من الحلفاء الدوليين في جداول. وإضافة إلى بنادق الكلاشينكوف، قدمت الولايات المتحدة أقل من 100 مدفع هاون، وبضعة مئات من القذائف الصاروخية أو «آر بي جي».

ولم تتلق البيشمركة دبابة أو عربة مدرعة من دول التحالف. وفي غضون ذلك، فإن مقاتلي «داعش» سيطروا على الدبابات وعربات الهامفي التي قدمتها أميركا، والتي هجرتها القوات العراقية الفارة من المعركة.

Email