مشكلة الرئيس السوري أنه لا يقدم حلاً سياسياً للصراع الداخلي طويل الأمد

رهان الأسد على المدى القصير

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

توجهت كل الأنظار إلى قطاع غزة والعراق في الآونة الأخيرة، ولكن المذبحة في سوريا لا تزال على أشدها.

وعلى الرغم من تحقيق نظام الرئيس السوري بشار الأسد بعض المكاسب العسكرية أوائل هذا العام، إلا أن مستقبله لا يبدو جيداً.

وفي الواقع، فإن من الصعب تخيل استمرار النظام السوري على المدى المتوسط، وهو في حالته هذه، ناهيك عن بقائه على المدى البعيد.

وأخيراً، عانى النظام السوري جراء عدة نكسات، لا سيما في الشمال الشرقي من البلاد. فقد خسر معظم مواقعه في محافظات الرقة ودير الزور، فضلاً عن عدد كبير من جنوده خلال محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش».

خسائر النظام

وقُدر حجم خسائر النظام السوري بالكبير جداً، بحيث أشارت تقارير إلى بذله جهوداً للحشد لجيشه من الأقليات، بمن فيهم المسيحيون، لمحاربة خصومه.

ولكن هذا الاعتماد على الأقليات لا يمكنه الاستمرار، لا لأن تلك الاستراتيجية تعني اعتماد النظام على قاعدة سكانية صغيرة نسبيا، بل لأنها في نهاية المطاف ستربط مصير هذه الأقليات بمصير النظام، الأمر الذي قد يشكل تهديداً وجودياً لها.

وعلى غرار ما حصل في العراق، فستدفع الأقليات الثمن الأكبر في الصراع الدائر في سوريا.

وفي الوقت ذاته، انخرط النظام في تطهير طائفي مُخز، في المناطق الحساسة الواقعة تحت سيطرته. وفي وسط سوريا، فر أغلب السنة الموجودون على امتداد الخطوط الواصلة بين دمشق والساحل، معقل النظام السوري، الذي لم يسمح لهم بالعودة.

ولكن حتى في منطقة القلمون، المتاخمة للحدود اللبنانية، تُوصف قبضة النظام بالهشة. واستولى نظام الأسد بالتعاون مع حزب الله على كثير من مناطق القلمون أوائل العام الحالي، ولكن تحركهم، في أحسن أحواله، كان باهظ الثمن. وبقي نحو 4 أو 5 آلاف ثائر على النظام في المنطقة، ولم يستطع النظام السوري ولا حزب الله مواجهتهم.

وفي حين لا توجد احصاءات دقيقة لعدد مقاتلي حزب الله في منطقة القلمون، إلا أن التقديرات اللبنانية تشير إلى أنه عددهم يصل إلى 10 آلاف مقاتل. وإذا صحت هذه الاحصاءات، فإن ذلك يمثل استنزافاً ثقيلاً لموارد حزب الله، في معركة يصعبُ السيطرة عليها لا سيما في ظل خصوصيتها المكانية.

المشكلة الحقيقية

وحتى بالقرب من دمشق، يجد النظام السوري صعوبة فائقة في توسيع سلطته. وفي جميع المناطق المحيطة بالعاصمة السورية دمشق، وجُد أن النظام يفرض سيطرته عبر أعمال دموية.

وعلى سبيل المثال، لم يستطع النظام السيطرة على مليحة، الواقعة في الضواحي جنوبي شرق دمشق، إلا بعد أشهر طويلة من القصف الثقيل، وهذا يعني أن الطريق إلى مطار دمشق سيبقى عرضة للخطر.

وبعيدا عن عدد الضحايا المتزايد، وعناد خصوم النظام السوري، تكمن المشكلة الحقيقية التي يواجهها الرئيس السوري بشار الأسد في أنه لا يقدم أي حل سياسي في الأفق. ويناور النظام في حرب مفتوحة، مُفترضاً أن تكون نتيجتها نصراً لأحد الأطراف فقط.

وبالنظر إلى أن العمود الفقري للنظام وهو الطائفة العلوية، وأقليات أخرى، يمكن تخيل هزيمتهم للأغلبية السنية في نهاية المطاف أمراً مستحيلاً. وحتى الآن ركزت استراتيجية الأسد على الاستمرار في المدى القصير.

 ولكن مع استمرار الحرب، سيصبح ذلك أكثر من مجرد عبء على حلفاء الرئيس السوري. وستنكمش خيارات الرئيس الأسد أكثر فأكثر. وجُل ما سيتمكن الأسد فعله هو محاولة البقاء في مكانه وتعليق الآمال على حدوث أمر أفضل، ولكن من الصعب تخيل فوزه بنصر معين.

أعباء متراكمة

تشير عناصر عديدة في مقدمتها الخسائر المتزايدة في قوات الرئيس السوري بشار الأسد واليأس الذي يسيطر على قواته من تحقيق نصر عسكري حاسم وغياب أي أفق سياسي ووحشية الجيش السوري وانهيار معنويات جنرالاته، تشير إلى أن الأسد يعيش في الوقت الضائع، وستبتلعه الفوضى التي أوجدها هو وحلفاؤه وطائفته في سوريا، ولكن القادم يظل غامضاً.

Email