تل أبيب لا تكترث للرأي الآخر

جرائم إسرائيل في غزة تكشف وجهها الحقيقي

الغرب صمت أمام كارثة العصر أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

تكشف إسرائيل عن وجهها الحقيقي وتطلعاتها الحقيقية في كل مرة تهاجم غزة (أو أي أحد تقول إنه عدو لها)، باعتبارها ترتكب جرائم تطهير عرقي في فلسطين، بل إلى حد يمكن وصفه بأعمال الإبادة الجماعية. والعالم الغربي مذنب بارتكاب جرائم حرب كثيرة بسبب التواطؤ، بسبب دعمه الكامل لإسرائيل، بغض النظر عن خطاب القلق الذي يبديه إزاء حالات القتل، بينما يواصل تزويد إسرائيل باحتياجاتها العسكرية.

تساؤلات

بناء على كل الإرهاب الذي تلحقه إسرائيل بالفلسطينيين في غزة، لا يسعني إلا أن أسأل: كم تسويغا منطقيا يستغرق الأمر ليُعمي المرء عينيه عن وحشية وقتل المواطنين الأبرياء والنساء والأطفال؟ كيف يتم تسويغ ذلك بسهولة في كتاب إسرائيل المقدس، بحيث يبتهجون بوفاة «الآخر»؟ وكيف أن الكتاب المقدس ذاته يفرد اجنحته على كثير من حلفاء واشنطن في الغرب، الذين يعمون أبصارهم بطريقة أو بأخرى عن وحشية وبؤس الأفعال الإسرائيلية؟

إسرائيل بالتأكيد ستنجو عسكريا، نظرا لما تمتلكه من الأسلحة النووية الكثيرة، ونظم توصيل متعددة. ولكن هل يمكن لمثل هذا المجتمع العنصري العسكري الحفاظ على ذاته لفترة طويلة في ظل كل تناقضاته الداخلية؟ هل يمكن للخطاب الكاذب المتعلق بزعم الرغبة في السلام، والقائل بكون الإسرائيليين هم الضحايا الأبديون، وأنهم محاطون بالآخرين المبغضين لهم، مواصلة عنونة مختلف الحروب على غزة؟ ما الذي لا يراه العالم في نوايا إسرائيل الساعية على امتداد العقود السبعة الماضية للتطهير العرقي للشعب الفلسطيني، على الأرض التي يزعم الإسرائيليون أنها لهم؟

عملية «الجرف الصامد» الإسرائيلية الحالية ليست حالة شاذة، فهي جزء من الشيطنة المستمرة لشعب غزة، بينما يحاول الخطاب السياسي والتيار الرئيسي السائد في وسائل الإعلام خلق انقسام بين حماس وسكان قطاع غزة. هذا كله جزء من عملية تطهير عرقي، وفيه القليل للغاية من الادعاءات الإسرائيلية بالدفاع عن نفسها ضد صواريخ حماس العشوائية، وحماية نفسها ممن تسميهم «الإرهابيين» من أي شريط حدودي كان. وقد تم إخضاع الضفة الغربية. ورفضت غزة تنفيذ رغبات إسرائيل بتكتيف يديها وقبول جميع المطالب الإسرائيلية، وبدلا من ذلك، ومع عدم وجود مكان آخر يذهب اليه أهالي القطاع، وبإمكانات عسكرية غير متكافئة، قررت النضال ضد القوة النارية الإسرائيلية الساحقة.

توجهات إسرائيل

وتشير العديد من التظاهرات في جميع أنحاء العالم إلى توجهين مهمين. الأول هو أن إسرائيل وبوضوح لا تكترث برأي أي أحد آخر، وستعمل بصفة أساسية ضمن احتياجات سياستها الداخلية، وأهدافها طويلة المدى الساعية لاحتلال كل أرض فلسطين.

والثاني هو أن العالم قد يستيقظ بسبب الاشمئزاز من الفظائع التي ترتكبها إسرائيل ضد شعب غزة، وهي صحوة غابت لسنوات عديدة، وذلك على وقع تجدد حلقة العنف هذه، في وقت انكشفت حقيقة واشنطن وحلفائها في الغرب، ونيتهم للهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية على بقية العالم. وقد أدى ذلك إلى زيادة الوعي العالمي حول العسكرة، والهيمنة على حياة الناس، وحول الطبيعة العنصرية للهجمات الإسرائيلية، وإزاء عدم صحة ادعاءات إسرائيل بأنها الضحية، فضلا عن ادعاءاتها برغبتها في السلام.

ويمكن للمجتمع الإسرائيلي شديد العسكرة، الذي يحاصر الفلسطينيين في المناطق التي تشبه البنتوستان، التحمل لبعض الوقت. وتنعقد الآمال مستقبلاً على أن يقيم الإسرائيليون بطريقة أو بأخرى دولتهم الخاصة، المختلة وظيفيا، التي ستضطر إلى تغيير تصرفاتها والبحث عن حل سلمي، عبر استيعاب الجميع داخل حدودها.

ادعاءات كاذبة

ربما الخروج من عباءة الادعاءات الإسرائيلية المتمثلة بكونها الضحية الأبدية ورغبتها بإحراز السلام، سيكون بمثابة «النكسة»، وذلك عبر لفت الأنظار إلى حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات العالمية على إسرائيل، التي من المرجح أن تلقى مزيداً من الاهتمام، ولكن ليس بالقدر الكافي من الحكومات، وإنما من عدد متزايد من المواطنين المعنيين. وإلى جانب ذلك، سيتبدد ما تحاول إسرائيل عبر «شرح وتفسير» كتابها المقدس، إقناع الآخرين به، بأن ما من مكان أروع منها للحياة. ولن يلقى ذلك آذاناً صاغية بسبب الصواريخ والقذائف، والقنابل التي سقطت على غزة، والصرخات والدموع الناجمة عن ذلك، التي نادراً ما يسمع صداها في وسائل الإعلام الرئيسة.

Email