حذر من خطورة سياسات إسرائيل الرامية لفصل الضفة الغربية عن القطاع

تشومسكي: الحرب على غزة جريمة جديرة بالإدانة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أجرى موقع «ديموكراسي ناو»، أخيراً، حواراً مع المفكر وعالم اللسانيات الأميركي نعوم تشومسكي، تناول فيه بصفة أساسية الحرب الإسرائيلية على غزة.

وأكد أن إسرائيل تسعى إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، في إطار سياسات ممنهجة تدعمها الولايات المتحدة الأميركية. وأشار تشومسكي إلى أن الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل في حربها على غزة فجر بالفعل صدى سلبياً واسعاً في العالمين العربي والإسلامي. وفي ما يلي نص الحوار..

ما تعليقك على الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة؟

إنها فظائع بشعة، وقتل سادي وخبيث، من دون أي مبررات حقيقية. هذه الحرب دورة جديدة من الدورات التدريبية الإسرائيلية الروتينية في ما تسميه آلية «جز العشب». وهي في جوهرها إطلاق للنار على أناس محاصرين، ثم وقف لإطلاق النار من جانب حماس، بينما تواصل إسرائيل انتهاكها من خلال التصعيد.

ما رأيك في القول إن إسرائيل معتادة على بدء هذه الهجمات؟

بحسب ما اعترف به مسؤولون إسرائيليون رسميون، فإن حماس راعت اتفاق وقف إطلاق النار السابق لمدة 19 شهراً. وكانت الحلقة السابقة من «جز العشب» قد أنجزت في نوفمبر عام 2012. وكان هناك وقف لإطلاق النار.

وتضمنت شروط وقف إطلاق النار ألا تطلق حماس الصواريخ، أو ما تسميه تل أبيب بالصواريخ، وأن تسعى إسرائيل إلى إنهاء الحصار، ووقف مهاجمة ما تسميه المليشيات في غزة. وحماس التزمت بهذه الشروط، وإسرائيل تعترف بذلك.

سياسة ممنهجة

قلت إن إسرائيل تشن حرباً بشكل دوري على غزة، لماذا ذلك؟

لأنهم يريدون الإبقاء على الوضع في غزة على حالة معينة. وهذا يرجع إلى أن إسرائيل كرست نفسها على مدى 20 عاماً خلت، بدعم من الولايات المتحدة، لفصل غزة عن الضفة الغربية. وهذا في انتهاك مباشر لشروط اتفاقية «أوسلو» التي أبرمت قبل 20 عاماً، والتي أعلن فيها أن الضفة الغربية وغزة كيان إقليمي واحد يجب الحفاظ عليه بحزم.

وبالنسبة إلى إسرائيل، وبدعم من الولايات المتحدة، فقد كرست الأخيرة نفسها لإبقاء غزة منفصلة عن الضفة الغربية.

بينما تسعى إسرائيل لإبقاء الوضع على ما هو عليه، تعمل على خلق واقع جديد على الأرض عبر توسيعها للمستوطنات، ما رأيك في رفض الحكومات الأميركية المتعاقبة التي تعارض رسمياً الاستيطان، دعوة إسرائيل للجلوس إلى طاولة الحوار للخوض في مسألة الاستيطان؟

حسناً، عبارتك «تعارض رسمياً» صحيحة تماماً. ولكن يجب أن نُميز بين خطاب الحكومة وأفعالها، وبين وخطاب القادة السياسيين وأفعالهم. ويجب أن يكون هذا الفرق واضحاً، كي نتمكن من معرفة مدى التزام الولايات المتحدة بسياسة المعارضة هذه.

وعلى سبيل المثال، في شهر فبراير 2011، بحث مجلس الأمن الدولي في قرار دعا إسرائيل إلى إنهاء توسيع المستوطنات. وعليه تلاحظ أن توسيع المستوطنات ليس هو بيت القصيد، وإنما المستوطنات، وتطوير البنية التحتية، وكل ذلك يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.

انعكاسات السياسة

بعد صور المذبحة في غزة التي انتشرت على مر الشهر الماضي في جميع أنحاء العالم، ما هو تقييمكم لتأثير ذلك في العلاقة السيئة جداً القائمة بين حكومة الولايات المتحدة والعالم العربي والإسلامي؟

أولاً وقبل كل شيء، يجب علينا التمييز بين الشعوب الإسلامية والعربية وبين حكوماتها، فهناك فروقات صارخة بين الجانبين. وعندما تقرأ أن العرب يؤيدوننا في هذا الشأن أو ذاك، فإنما يعني ذلك أن الحكومات هي من تؤيدنا، وليس الشعوب.

الشعوب مختلفة تماماً. فعلى سبيل المثال، عشية التظاهرات في ميدان التحرير في مصر التي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك، أجرت وكالات استطلاعات الرأي الدولية الرائدة في الولايات المتحدة استبياناً أشارت نتائجه إلى أن 80% على ما أعتقد من المصريين يعتبرون إسرائيل والولايات المتحدة مصادر التهديد الرئيسية بالنسبة لهم.

وبطبيعة الحال، فإن الشعوب الإسلامية أيضاً لا تحب إسرائيل. ولكنها ليست الوحيدة في ذلك، فعلى سبيل المثال، أقيمت مظاهرة في لندن أخيراً، شارك فيها مئات الألوف ربما، كانت تظاهرة ضخمة بالفعل، للتنديد بالفظائع الإسرائيلية في غزة.

ومن الجدير ذكره أن إسرائيل قبل بضعة عقود كانت واحدة من أكثر الدول إثارة للاهتمام في العالم. أما الآن فهي واحدة من الدول الأكثر إثارة للرعب والاحتقار في العالم. وعادة ما تردُ الدعاية الإسرائيلية بالقول إن هذا مجرد معاداة للسامية.

احتلال غزة

لطالما زعمت إسرائيل أنها لم تعد تحتل غزة. وأخيراً، قال يشوع هانتمان، أحد كبار مستشاري السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة إن «إسرائيل انسحبت فعلياً من قطاع غزة في عام 2005. وأزلنا جميع مستوطناتنا، وسحبنا القوات الإسرائيلية، لأن إسرائيل تريد السلام ومدت يدها للسلام».

ومن جهته، رد نعوم تشومسكي، المفكر وعالم اللسانيات الأميركي، على ذلك بأن الأمم المتحدة، وكل دول العالم، تعتبر إسرائيل قوة تحتل غزة، وذلك لسبب بسيط ، هو أنها تسيطر على كل شيء هناك.

 فهي تسيطر على الحدود البرية والبحرية والجوية. وكل هذه النقاط تُعرف في القانون الدولي بالاحتلال، ولا أحد من خارج إسرائيل يُشكك في ذلك. حتى الولايات المتحدة التي تساندها تعترف بذلك. ويضيف تشومسكي: «بهذا ننتهي من مسألة ما إذا كانت إسرائيل تحتل غزة أم لا».

Email