تحقيق العدالة لنضال المقاومة يقتضي استراتيجية جديدة

إسرائيل تهدف إلى إجبار الفلسطينيين للتخلي عن كفاحهم

غزة--4

ت + ت - الحجم الطبيعي

 كما يقول جوناثان كوك: «في مواجهة أعمال العنف المستمرة للاحتلال الإسرائيلي، وما يبيحه لجنوده من الإذلال والقهر، يقف الفلسطينيون البسطاء أمام خيار صعب: إما الرضوخ أو المقاومة. وهم لن يستسلموا، لكن إذا كان هناك من وسيلة لإبقاء قدر مقبول من العدالة حياً لشعب داوود الفلسطيني، فإنه، كما يبدو لي، هناك حاجة ماسة إلى إعادة التفكير باستراتيجيته في مقاومة جالوت الصهيوني المسلح نووياً.

وعلى الرغم من حقيقة أن الاستفزاز جاء من إسرائيل (حقيقة لا تريد الحكومات الغربية ووسائل الإعلام المساندة أن تعترف بها) لا بد من أن أعبر عن اعتقادي بالقول إن لجوء »حماس« وغيرها من المجموعات إلى الهجمات بالصواريخ كان تصرفاً يفتقر للحكمة، لأنه أعطى قادة إسرائيل تحديداً ما أرادوه، ذريعة ليس فقط لشن عملية عسكرية كبرى ضد حماس ومعاقبة مجمل سكان قطاع غزة المحاصرين..

وإنما أيضا فرصة للمضي قدما في الادعاءات الكاذبة تماما والمثيرة للسخرية بأن إسرائيل لديها الحق الأخلاقي إلى جانبها. (وكما أشار الكاتب الفلسطيني رشيد الخالدي، طمست حرب إسرائيل الأخيرة على قطاع غزة أيضا القضايا الجوهرية، »العنصرية الإسرائيلية والاحتلال والاستعمار الإسرائيليين«).

والهيجان الإسرائيلي الذي شمل اعتقال المئات من أنصار حماس كان الاستفزاز بعينه، وكما يقول جيف هالبر: »ما هو واضح أن العمليات العسكرية كان لها غرض خاص بها، وكانت سيجري شنها بغض النظر عما جرى، وإنها كانت تنتظر ذريعة فقط«.

الهدف الإسرائيلي

ويكمن الغرض الإسرائيلي في جعل الحياة جحيماً بالنسبة للفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال والاضطهاد، كما كانت دوماً، في سبيل إيصالهم إلى وضع، إما التخلي عن كفاحهم والقبول بفتات المائدة الصهيونية، أو يفضل تخليهم عن وطنهم والسعي لحياة جديدة من مكان آخر. (وعنوان مقالة هالبر كان رسالة إسرائيل إلى الفلسطينيين »استسلموا غادروا أو موتوا«).

وعلى ضوء ذلك، هناك ما يدعم القول إن أفضل شكل من أشكال المقاومة هو المزيد من الصمود الخارق، الذي لا يصدق، الذي أظهره الفلسطينيون المقهورون تحت الاحتلال حتى يومنا هذا في القول »لا« لفتات المائدة الصهيونية وللبقاء متشبثين بما تبقى من أراضيهم.

بالتالي، إذا كان العنف، أياً كان شكله، ليس خياراً، لأنه يساعد زعماء إسرائيل في الاستمرار في بيع أكاذيب دعايتهم الخاصة، وبالتالي يأتي بنتائج عكسية، فماذا يجب أن يحدث إذا كان لا بد من إعطاء المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي حياة جديدة ومزيدا من الفعالية؟

وفقاً لتحليلي، هناك جواب واحد فقط عن هذا السؤال.

يجب حل السلطة الفلسطينية العاجزة والتي تكاد تكون امتداداً للأجهزة الأمنية الخاصة بإسرائيل، مع إعادة تسليم إسرائيل كامل المسؤولية والمساءلة لاحتلالها الضفة الغربية. وهذا من شأنه أن يفرض عبئاً أمنياً ومالياً كبيراً وغيرها من الأعباء على إسرائيل، ويجعل مهمة استدعاء الدولة الصهيونية ومحاسبتها على تحديها القانون الدولي وعلى جرائمها مهمة أقل من مهمة مستحيلة، كما هي عليه الحال الآن.

انكشاف التواطؤ

وما أعنيه هو أن السياسة والتحركات الإسرائيلية في ظل هذا الوضع الجديد، ستجعل من الصعب على القوى العظمى بقيادة الولايات المتحدة أن تستمر في دعم إسرائيل. وإذا ما فعلت ذلك، فإنها سوف تنكشف بالكامل على أنها دمى صهيونية، تتواطأ مع التحدي الصهيوني للقانون الدولي ومع جرائم الصهيونية. وتوقعاتي (وأتساءل عما إذا كنت ساذجاً) أنها لا ترغب في أن ينظر إليها على شيء هذا القبيل.

من سيتحدث باسم أو يمثل الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال والاضطهاد الإسرائيلي إذا حلت السلطة الفلسطينية؟ إنها منظمة التحرير الفلسطينية، ويفضل أن تترافق مع ذلك انتخابات جديدة للجنتها التنفيذية. واستراتيجية جديدة للمقاومة الفلسطينية كما هو مشار إليها أعلاه سوف تغير دينامية الصراع.

ومن دون تغيير كهذا، أعتقد بأن الغول الصهيوني سيبقى فوق القانون، وتبقى لديه الحرية في فرض إرادته على الفلسطينيين والمنطقة والعالم. وفي هذه الحالة، الحصول على قدر مقبول من العدالة للفلسطينيين سيكون ويبقى مهمة مستحيلة. والصمت المطبق للرئيس الأميركي باراك أوباما على فورة القتل الأخيرة لإسرائيل يستدعي ازدرائي الكامل، مع موافقتي الكاملة على ما قاله المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابي »إنها إبادة جماعية بالتدريج".

دينامية جديدة

مع حل السلطة الفلسطينية وجعل إسرائيل مسؤولة بالكامل وتحت المساءلة على احتلالها، فإن الفلسطينيين يمكنهم المساعدة في عملية إعادة تركيز انتباه العالم على مطالبهم بالعدالة، من خلال التظاهر سلمياً على أساس أسبوعي في كل مجتمع فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة. ومن المحتمل جداً أن تمنع الحكومة الإسرائيلية مثل تلك التظاهرات، لكن مثل هذا الحظر يوصل الرسالة المنشودة إلى العالم، كما رد فعل إسرائيل على التظاهرات الفلسطينية السلمية.

من سيمثل الفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال والاضطهاد الإسرائيلي إذا حلت السلطة الفلسطينية؟ إنها منظمة التحرير الفلسطينية ويفضل أن تترافق مع ذلك انتخابات جديدة للجنتها التنفيذية.

واستراتيجية جديدة للمقاومة الفلسطينية سوف تغير دينامية الصراع.

Email