جسّد حكاية صمود وتحدٍّ في مواجهة الاحتلال

«أبو عيشة» فلسطيني يعيش وسط المستوطنين

 مسعى إسرائيلي لتفريغ البلدة القديمة من الخليل

ت + ت - الحجم الطبيعي

يجسّد الفلسطيني تيسير محمد أبو عيشة (34 عاماً) من مدينة الخليل عنواناً للمعاناة والصمود الفلسطيني أمام جبروت الاحتلال الإسرائيلي، بسكنه داخل مستوطنة إسرائيلية في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، حيث يعيش أبو عيشة داخل منزله المكون من طابقين بتل رميدة، مع أسرته المكونة من 15 فرداً، إذ يملك المنزل قبل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

ورفض أبو عيشة عروضا هائلة من المستوطنين بتركه البيت ورحيله من المنطقة مقابل ملايين الدولارات، وأبدى رغبته بشراء منازل المستوطنين في حال أعلنوها للبيع.

إعلان حرب

وكان هذا الرد بمثابة إعلان الحرب الإسرائيلية على عائلته بتنغيص حياتهم ووضعهم داخل سجن في منزلهم المحاط بمستوطنة تبعد أربعة أمتار عن المنزل من الشمال، ومعسكر للجيش على بعد ثلاثة أمتار من الجنوب، ومسجد قديم احتلته إسرائيل واستبدلوه بنقطة تفتيش من الغرب، ولا يوجد سوى ممر صغير للمنزل يشاركه المستوطنون فيه.

وأجبر الاحتلال الإسرائيلي عائلة أبو عيشة الحصول على تصاريح للدخول والمغادرة من الممر الوحيد الواصل للمنزل، لوجود ثكنة تفتيش إسرائيلية مدخل التجمع العسكري.

ويقول أبو عيشة لـ«البيان»: حياتنا معاناة ونمر بحاجزين للاحتلال الإسرائيلي في أقل من 100 متر لنصل بيتنا، وفي ظل الأحداث الحالية ندخل ونخرج بنظام المجموعات مع أبنائي تجنبا للتنكيل بهم، ويتوجب علينا إبراز الهويات للتأكد منا قبل الدخول والخروج وهذا الحال منذ العام 2000، لوجود بيتنا داخل مستوطنة وهي منطقة عسكرية مغلقة.

ويتوجب على أبو عيشة إبلاغ الارتباط الفلسطيني بأي زائر ينوي زيارة منزله من إخوانه أو أقاربه، ويتم الرد في اليوم التالي بالموافقة أو الرفض، حتى لو كان من أجل صيانة المنزل، فلا يسمح لأحد الدخول سوى الساكنين، وتقدم بطلب للارتباط العام 2010 من أجل ترميم المنزل وإدخال مواد بناء، وحصل على الموافقة عام 2014، وأجبرهم الاحتلال على نقل مواد البناء من الحاجز الإسرائيلي للمنزل مشياً على الأقدام ومن دون الاستعانة بأدوات.

تنكيلويقوم المستوطنون يومياً بالتنكيل بالأسرة خلال تنقلهم في الممر الوحيد بإلقاء الحجارة عليهم ورشهم بالمياه الباردة والعادمة، وتعرضت الأسرة لكسر باب المنزل واقتحامه بقيادة المستوطن العنصري «باروخ مارزل» الذي يسكن على بعد أمتار عدة من منزل أبو عيشة، فضلاً عن الاعتداء عليهم بالضرب.

وأفاد تيسير أبو عيشة أن جنود الاحتلال الإسرائيلي عمدوا مرات متكررة تأخير وصول سيارة الإسعاف لنقل زوجته للمستشفى للولادة، وتوفي الجنين في رحمها نتيجة التأخير، في حين أن المستشفى تبعد دقائق قليلة عن المنزل، وفي الولادة الثانية، بعد تنسيق الصليب الأحمر، تمكن من الدخول وتوفي أحد التوأم قبل وصول الإسعاف.

اعتداءات

وحاولت إحدى المستوطنات قبل سنوات عدة الاعتداء على طفلة أبو عيشة العائدة من الروضة، وحملتها وألقتها في حاوية القمامة. ويضطر أبو عيشة لإقامة حفلات الأفراح لزواج أبنائه وبناته في منازل أقاربه بعيداً عن تضييق ومنع الاحتلال الإسرائيلي.

ويتابع: «نحاول التواجد في المنزل يومياً قبل المغرب تجنبا للمشاكل، وعند تأخر أبنائي خارج المنطقة ينامون ليلتهم في منازل أخواتهم المتزوجات».

ورغم كل ما سبق، أكد أبو عيشة أنه لن يترك منزله برغم الاعتداءات المتكررة على منزله. ويمثل صموده جزءاً من المعاناة الفلسطينية منذ النكبة حتى الآن.

Email