آثار

قلعة مكونة .. حكايةُ سجن تحول «جنة ورود»

ت + ت - الحجم الطبيعي

«قلعة مكونة» سجن قديم أنشأه الاحتلال الفرنسي في ثلاثينيات القرن الماضي في حضن جبال الأطلس الكبير جنوب غرب المغرب، واشتهر بقسوته وصعوبة الحياة فيه، وبعد الاستقلال عام 1965 أغلق السجن أو المعتقل، ومع مرور الوقت انتشرت زراعة الورود البلدية حوله، وخلال سنوات قليلة تحولت المنطقة الموحشة حول السجن القديم إلى جنة تفوح برائحة الورود، وأطلق سكان المنطقة على مبنى السجن القديم «قلعة مكونة».

وتعتبر منطقة قلعة مكونة ذات طبيعة معتدلة صيفا وشتاء، وهي عبارة عن واد كبير يمر به نهرا دادس ومكون، ومن هنا جاء اسم مكونة، وعلى امتداد الوادي انتشرت زراعة الورد البلدي أو الدمشقي.

ومنذ أربعينيات القرن الماضي عمل رجال المنطقة الذين نزحوا إليها واستوطنوها وخاصة البدو، على زراعة الورد البلدي، أما النساء فكانت تقمن بقطفه وتسويقه، في المناطق السياحية وبيعه للعطارين، ومع الوقت أنشئت معامل تقطير تقليدية، وأصبح جزء من المحصول يتم تقطيره والجزء الآخر يجفف ويسوق في مراكش وفاس ومنهما إلى فرنسا ودول العالم.

وتتفتح الزهور أو المحصول خلال شهر واحد فقط في العام من 15 ابريل وحتى 15 مايو، فيتم قطفها وفرزها، المزهرة المتفتحة أو الكبيرة، يتم تحويلها للتقطير لاستخراج زيت الورد وماء الورد، أما الورود الصغيرة أو غير كاملة النضج يتم تجفيفها وبيع أوراقها مجففة فيما بعد.

وتستخدم زيوت الورد في صنع مستحضرات التجميل مثل الكريمات والشامبوهات والصابون البلدي وماسكات الوجه والشعر وغسول البشرة، أما أوراق الورد المجففة فتضاف للطعام مع البهارات وتضاف للشاي لإضفاء نكهة طيبة عليه وللحلويات، بالإضافة إلى الحناء لترطيب الجلد والعمل على نضارته.

واحتفاء بالورود يقام بالمنطقة سنويا مهرجان الورود في قلعة مكونة منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم، تأكيدا على ثقافة المكان، وتقديرا للوردة الدمشقية وعلاقتها بالجمال والنساء. ويختتم المهرجان دائما باختيار ملكة جمال، شرط أن تكون من بنات المنطقة المتشبعة بثقافتها وعاداتها وتقاليدها.

Email