الجزائريات ينشطن نحو تقويم التشوهات

ت + ت - الحجم الطبيعي

انتشارٌ محدود شهدته الجراحة التجميلية في الجزائر على مدار السنوات القليلة الماضية، لكن الممارسة لا تزال رهينة الغموض وتفتقد إلى أي غطاء قانوني، لكن هذه الجراحة تحظى بإقبال الجنسين لاسيّما النساء.

وخلال جولة «البيان» في عدد من مراكز التجميل على طول ضاحيتي الجزائر الشرقية والغربية، ذكر ناشطون، أنّ الطلب على التجميل في تزايد لاسيّما لدى الجنس اللطيف، إذ تسعى بنات حواء من مختلف الأعمار لتعديل عيوب جسدية وتجميل بعض المناطق.

ويقول د. جمال ماحي إنّ عمليات التجميل تعرف تطوراً مستمراً في الجزائر في أعقاب افتتاح العشرات من العيادات الخــــاصة رغم الكلفة الباهظة التي لا يستطيع جميع الناس تحمّلها.

ويُرجع الدكتور محمد أوغانم رئيس الجمعية الجزائرية لطب التجميل «ازدهار» عمليات التجميل إلى حرص الجزائريين على الظهور بشكل لائق، وسعي النساء للحفاظ على نضارتهنّ، والحصول على قوام رشيق ومنظر جمالي خالٍ من العيوب.

أكثر طلباً

ويوضح د.عابد ربّاح أنّ «عمليات التجميل الأكثر طلباً تتمثّل في التقشيرات السطحية للبشرة، التجميل بالإبر والليزر لنزع الشعر والأوعية ونزع تجاعيد الوجه».

وفي عيادة التجميل بضاحية الشراقة، عزا نذير وفلّة وكريم وجودهم بالرغبة في التغيير، بينما شرحت سارة أنّها أتت لإصلاح وجهها من تشوّهات سبّبتها حروق، في وقت أوعزت سعاد أنها تريد نفخ خديها وفمها على منوال نجمات السينما.

ولعل اللافت أنّ «التشريع المحلّي لا يتضمّن أي إشارة إلى الجراحة التجميلية، لكن الأمر لم يمنع وزارة الصحة من منح تراخيص لعيادات خاصة شريطة أن تحظى بإشراف جرّاحين متخصّصين».

هوس تقويم

ويبرز اختصاصيون أنّ «عدد الطلبات على الجراحة التقويمية اتسع بشكل ملحوظ، لاسيّما من لدن بنات حواء بنسبة 90 في المئة»، حيث تشير عايدة حمزاوي المشرفة على عيادة خاصة، إلى أنّ «الكثيرين يرغبون في الخضوع إلى الجراحة التقويمية للتخلّص من تشوّهات وإعاقات جعلتهم يعيشون اكتئابا، على منوال ضحايا الحروق وحوادث السير».

وتضيف حمزاوي أنّ «هناك فئة من مهووسي الجمال الكامل الذين يلهثون وراء عمليات تقويم الأنوف والشفاه ورفع الخدود وتجميل الجفون، وهؤلاء يدخلون دوامة عمليات غير متناهية، بينما يقبل فريق ثالث على شد البطون والتي عادة ما تطلبها النساء اللائي أنجبن عن طريق ولادات قيصرية».

ويفيد د.رشيد العايب الذي يشرف على عيادتين للتجميل بالجزائر العاصمة وباريس، أنّ زبائنه ينفقون بسخاء، موضحا أنّ «غالبية من يقصدون العيادة هم من النساء اللائي يخضعن لتقويمات مختلفة للوجه والأنف والبطن»، مبيّناً أنّ مواطناته يخضعن بكثرة لعمليات شفط الدهون، فيما يبحث آخرون عن تغيير شامل لأجسادهم، إلاّ أنّ الإشكال المادي غالبا ما يطرح نفسه وينسف آمال الكثير من الحالمين بالاستفادة من جراحات تجميلية.

قلة اختصاصيين

وتسجّل الجزائر نقصاً كبيراً في عدد اختصاصيي التجميل، الأمر الذي يربطه د. أوغانم بصعوبات تصطدم بها هذه الجراحة ميدانياً، والكلفة الباهظة للمتطلبات اللوجستية، إلى جانب ما سماها «الذهنية السلبية» لدى من يعتقدون عدم قدرة الأطباء الجزائريين على بلوغ ما وصل إليه نظراؤهم خارج البلاد. ويلفت أوغانم إلى دخول مستثمرين على الخط والاحتكاك بالخبراء الأجانب أنعش الأمور في الأعوام القليلة الماضية.

لا مبالاة

ويبرز الجرّاحان بلقاسم ماحي وريمة شطيبي، أنّ زبائنهما لا يبالون بانعكاسات عمليات التجميل كالترهّلات وخطر الإصابة بسرطان الجلد، مشيرين إلى أنّ «التقنيات الطبية المتطوّرة التي خففت الآلام وقلّصت المضاعفات ضاعفت من حجم الإقبال».

وتقول الاختصاصية النفسية نعيمة محرزي، أنّ «العلاج التجميلي هو وصفة نفسية قبل كل شيء»، منوّهة بأنّ «من يعتقدون كون أجسادهم غير سوية، يعانون اضطرابات نفسية تتطور إلى هوس دائم يؤدي بهم الى العيش في قلق دائم وارتباك، ويدفعهم للخضوع إلى عمليات تجميلية متعددة حتى وإن كلفهم الأمر مبالغ طائلة».

بدوره، يربط الباحث الاجتماعي محمد بوكراس ازدهار عمليات التجميل في الجزائر بتأثر الجزائريين برياح الانفتاح، وما ترتّب عن تأثير الفضائيات وطفرة الدعاية على المنظومة الثقافية والاجتماعية المحلية.

Email