مع ندرة الألواح وارتفاع أسعارها

ركوب الأمواج تقاوم الحصار في غزّة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يعد البحر في غزة مجرد متنفّس أو صيد الأسماك، بل أصبح مقصد شبان مغامرون يعشقون البحر وركوب الأمواج التي أصبحت رياضة جديدة دشنها هؤلاء الشبان في خطوة هدفها تخطي صعوبات الحياة.

وعلى الرغم من خطورتها وعدم توفر الأدوات اللازمة بشكل كامل، إلّا أنّهم أصروا على المضي قدماً نحو خوض هذه التجربة بدافع قوي نحو طموح يلوح في الأفق بالوصول إلى خارج أسوار القطاع المحاصر.

ويقول محمود الرياشي شاب في أواخر العشرينات ومن الأوائل الذين بادروا إلى خوض هذه الرياضة الخطرة: «قبل ثماني سنوات كنت وأصدقائي نذهب إلى شاطئ البحر ونرى المنقذين كيف يقومون بمهماتهم بالمحافظة على المصطافين على الشاطئ، هذا منحنا دافعاً كبيراً لممارسة هذه الرياضة».

ويوضح: «هذه الرياضة كان معترفاً بها من قبل الاتحاد الفلسطيني للشراع، لكن مع تشديد الحصار وعدم الاهتمام بدأت تتلاشى، فالظروف الأمنية في البحر غير مستقرة، وألواح التزلج باهظة الثمن وغير متوفّرة في غزة وتصل من 600 دولار -2000 دولار».

جهد ذاتي

ويواجه الرياشي وأصدقاؤه خطورة هذه الرياضة لكن إيمانهم جعلهم يبحثون عن كل جديد والاعتماد على أنفسهم في التدريب وتوفير الأدوات اللازمة.

يقول الرياشي: «نواجه خطر ركوب الأمواج، ولذلك قررنا تعلّم السباحة والمشاركة في دورات المنقذين لنستطيع ممارستها بشكل مريح، أنا وأصدقائي نفضّل ركوب الأمواج في أوقات المنخفض الجوي كما حصل مع منخفض هدى وهذا ما يمنحنا راحة وحرية لم نشعر بها من قبل».

واستمر الرياشي مع أصدقائه يتعلمون كيفية ركوب ألواح الخشب والفلين مدة ثمانية شهور، وبمرور الوقت تمكنوا من شراء بعض الزلاجات الخاصة، ولكن لارتفاع سعرها مقارنة مع أوضاعهم الاقتصادية، لم يتمكنوا من شراء ما يكفيهم منها، فاستمر بعض أفراد الفريق في ركوب الأمواج بالألواح المصنعة محلياً.

ممارسة هواية

ويروي سامح القصاص أحد أفراد فريق الرياشي لركوب الأمواج أنّه منذ عام يمارس هذه الرياضة كهواية بتدريبات شخصية فقط، مضيفاً: «إنها خطيرة لكن بالنسبة له لا بديل عنها ولا يوجد ما يمكنهم من تطويرها بسبب الحصار الذي يحد من إمكانية شرائهم الأدوات الخاصة بهذه الرياضة، معرباً عن أمله في انتشار هذه اللعبة في قطاع غزة، لاسيّما وأن غزة تقع على ساحل البحر المتوسط وبإمكان هذه الرياضة أن تكون جذابة لكل الهواة.

مخاطر أمواج

يقول تامر عليان: «بدأت مشواري على لوح تزلج صغير من الفلين منذ ثماني سنوات، ومع السنين استطعت أن أجلب لوح تزلج كبيراً لممارسة الرياضة بشكل أكبر»، مضيفاً: «معروف عن هذه الرياضة خطورتها وقد تعرضت للموت مرتين خلال المنخفض الجوي «هدى»، فقد كانت الأمواج عالية بمسافة أربعة أمتار ولولا خبرتي في السباحة ما كنت حياً أرزق».

ويردف: «ألواح التزلج غير متوفرة وأسعارها باهظة الثمن، ومواصفاتها يجب أن تكون حسب طول ووزن الشخص»، مطالباً اتحاد الرياضات المائية الفلسطينية بضرورة الاهتمام بتطوير هذه الرياضة.

ورغم شغف بعض الشبان الكبير بهذه اللعبة فإنها لم تحظ بدعم رسمي، أو من أي من النوادي الرياضية غير الرسمية، إذ يضطر الشبان لدفع كل تكاليف الرياضة من حسابهم الشخصي، عدا عن أن أي أدوات يفقدونها من الصعب الحصول عليها بسبب الحصار المفروض على القطاع منذ نحو ثماني سنوات. ويبقى لوح التزلج ومتعلقات هذه الرياضة غير متوفرة في القطاع، فالاحتلال يرفض إدخالها إلى غزة، فضلاً عن أنّ إغلاق المعابر يحول دون ذلك.

لوح محلي

على الرغم من أن هذه المغامرة على لوح تزلج صغير صنع محلياً من الفلين، إلّا أنّ الإصرار على ممارستها لم يتوقف، إذ يحترف رياضة ركوب الأمواج في القطاع العشرات وتتفاوت أعمارهم من 10 إلى 43 عاماً، وتعتبر شهور مارس وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر ويناير المفضّلة لممارسه هذه الرياضة. وتبدأ الرياضة باستكشاف الشبان الممارسين لها لحاله البحر صباحاً، ومن ثم تفقد الأغراض المستخدمة كسلامة لوح التزلج، وضافة مادة شمعية على سطحه لضمان عدم الانزلاق أثناء ركوبه وارتداء الملابس الخاصة.

Email