متحف يضم أعمال فيروز وصورها وكل ذكرياتها

بيروت تترقب ترميم بيت سيدة الصباح

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حتى الأمس القريب، كان بيت فيروز في محلّة زقاق البلاط في وسط بيروت أشبه بالبناء «الواقف على الشوار»، بانتظار من يتلقّفه أولاً: المستثمِر الذي يطمح لهدم البناء القديم، أو وزارة الثقافة التي وعدت بترميمه وتصنيفه أثرياً. ولا يزال المنزل صامداً، بعد تسوية نزاع طويل على ملكيته..

وبعد ستّ سنوات من إدراج المبنى على لائحة الجرْد العام للأبنية التراثية، في عهد وزير الثقافة الأسبق، دخل المنزل ضمن أملاك بلدية بيروت ومؤسّسة التراث، لتحويله الى متحف فيروزي، بموجب مرسوم صدر أخيراً، بتأهيل الأبنية التراثيّة القائمة في إطار مشروع أرشميدس للحفاظ عليها ليستخدمها أهالي بيروت.

ويحتلّ المنزل أهميته لكونه مسقط رأس فيروز، وكان المجلس البلدي لمدينة بيروت قد اتخذ عام 2008 قراراً قضى بإعلان المنفعة العامة عليه، وعلى العقار المجاور الذي يضمّ قصر بشارة الخوري «الأخطل الصغير»، بهدف حمايتهما والحفاظ عليهما، نظراً إلى القيمة المعنويّة للأول ولإقامة متحف لفيروز فيه، والثاني لطابعه التراثي الغني والمميّز ولتحويله قصراً للضيافة أو الاستقبالات الكبرى.

وفي انتظار إنجاز المشروع، لتكريم سيّدة الصباح، التي أصبح اسمها مرادفاً لاسم لبنان في العالم، وصوتها رمزاً للحبّ والوطن والصلاة، حيث ينتظر أن يضمّ المتحف المديني أعمالها وصورها وكل مسارها الأول في المدينة، ومسارها الآخر الذي انتزعت منه قلوب اللبنانيين من الداخل وفي المهجر..

فإن داخل المبنى العتيق المحاصر بأعمدة مبنى قيد الإنشاء، والمشيّد أواخر القرن التاسع عشر، ترعرت فيروز، فـتكوينها الإنساني والفنّي عبر العشرين عاما الأولى من حياتها، كان في بيروت. وتلك المرحلة مهّدت لانطلاقتها ولعطائها، بحسب محافظ بيروت زياد شبيب. وإنشاء المتحف تكريم لذاكرة المدينة، وليسلّط الأضواء على أيقونة غنائية، تشكّل نسيج لبنان لوحدها.

درج الورد

في المكان، حيث لا يزال صوتها حاضراً يعانق جدران منزلها التي أصبحت متداعية، وتحت قرميده المتهالك، بفعل بصمات الزمن، قضت نهاد حدّاد نحو عشرين سنة من عمرها، قبل أن تودّع أهلها عروساً وتنتقل مع زوجها الراحل عاصي الرحباني الى منطقة أنطلياس بشرق بيروت لتؤسّس لعائلة فنية، تاركةً درج الورد يعبق بخطاها، وبحكايا لا تزال مادة مثمرة.

وإحدى تلك الحكايا، نقلها مختار المحلّة رشيد بيضون، كان سكان المنطقة يتوافدون الى كنيسة مار يوسف الكاثوليكية المحاذية لمسكنها، من أجل الاستماع الى مرتّلة موهوبة اسمها نهاد حداد.. كانت خجولة جداً، تمشي مصوّبة رأسها نحو الأرض.. وفي الحي نفسه عاشت فايزة أحمد، وكان منزل ذويها ملاصقاً لمنزل وديع حداد والد فيروز.

وشهد أيضا طفولة الرئيس بشارة الخوري، والمطربة نجاح سلام، والأخوين فليفل اللذين علّما فيروز أصول الإنشاد والتجويد.. وعن أهلها يقول كانوا طيّبين جداً وأهل ضيافة. أتوا من بلدة الدبيّة بإقليم الخروب، وكان منزلهم غرفة كبيرة وسلما، وتحته قبو لوضع المونة والحطب فيه. وكانت فيروز تزور، مع زوجها عاصي، منزل الأهل بانتظام حتى عام 1978.

آراء الانتظار

ويهدف المشروع المرتقب لإعادة المبنى إلى سابق عهده، بكامل ألقه السابق وبأشيائه، من حجارة وسقوف ومدخل وغرف، وبكل هندسته السابقة كواحد من الأبنية التاريخية في المدينة، والأهمّ أنه سيضمّ كلّ ما يتعلق بتراث فيروز والأخوين رحباني والمؤسّسة الكبيرة التي اشتغلت مع فيروز بالقصيدة واللحن واللوك والشعر والماكياج والملابس وكل الأشياء التي تصير جسداً وتصير زمناً وذاكرة.

وسع المدى

يأمل محبّو فيروز أن تتطوّر فكرة إقامة متحف إلى خطّة تجعله صرحاً ثقافياً، يحيي من خلال محتوياته وأرشيفه الغني الفنّ اللبناني الجميل، فــ«لبنان يستطيع أن يعيش من دون أشخاص كثيرين، الا انه لا يستطيع الاستغناء عن فيروز وكلّ ما يمتّ إليها بصلة، كما يشير رجل سبعيني.أما جارة القمر، التي غادرت المكان منذ زمن بعيد، فتعبّر عن رأيها بما يجري هناك، من خلال أغنيتها الخالدة «بيتي أنا بيتك، ما إلي حدا.. من كتْر ما ناديتك، وسِع المدى».

Email