الجريمة.. ظاهرة مجتمعية تنتجها بيئة ونفسيات مشوهة 1 -4

ت + ت - الحجم الطبيعي

«لو كان الفقر رجلاً لقتلته»، قول مأثور للإمام علي بن أبي طالب، ولكن هل يصبح الفقر مدخلاً للجريمة؟ فالظاهرة التي باتت أكثر انتشاراً في بلاد العالم ومنها الوطن العربي أخذت مساراً مختلفاً يربك المجتمعات، فأطلت البطالة بوجهها الكالح لتضم قطاعاً واسعاً من الشباب المتعلم.

وتنامت جرائم السرقة والاعتداء بالأسلحة النارية والبيضاء في المدن الكبرى، بسبب تدهور الأوضاع الاجتماعية نتيجة التحولات الاقتصادية التي تشهدها العديد من الأقطار العربية مع تضاؤل فرص العمل وغول الغلاء، وفي الوقت نفسه تراجع اهتمام معظم الدول بمحاربة الانفلات الأمني في المجتمع، والناتج عن الجرائم المتعددة كالسرقة والاعتداء على حياة الأفراد والبلطجة.

بسبب التركيز على مكافحة الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية والحركات التي تحمل السلاح لمحاربة الدولة نفسها، وأصبحت العديد من المجتمعات تشهد أمراضاً نفسية كإفراز طبيعي لحالات البؤس الناتجة عن الضغوط الحياتية، وهناك أمراض انفصام الشخصية الناتجة عن حالة الإرباك التي يعيشها الفرد بين أوضاعه المالية ومعاناته من غربته داخل وطنه.

وعليه فإن المجرم قد يكون غير قادر على التمييز بين الخطأ والصواب والخير والشر.

ما يجعل معظم الجرائم تأتي من متلازمات الحياة التي يعيشها في ظل الفقر والبطالة وانفصام الشخصية وانعدام التوجيه الأخلاقي وغياب الوازع الديني، وهي الوقود الحقيقي لارتكاب الجريمة.

وإذا كان الفقر أباً للشرور ويسهم في ارتفاع نسب الاعتداءات والسرقة، فالجريمة المنظمة ، باتت مدخلا إلى عالم لا يعرف الهدوء والطمأنينة والآمان.

 

 17 جريمة كل يوم في الكويت

 

الكويت ـــ أحمد العبيدي

 

 

حلت دولة الكويت في المركز17 آسيوياً بين 23 دولة، والثانية خليجياً في معدل ارتكاب الجرائم، وذلك وفق تقرير للأمم المتحدة عن مكافحة الجريمة والمخدرات.

وفي إحصائية للأدلة الجنائية محلية فإن البلاد تشهد 17 جريمة كل يوم، وتضاعفت فيها أنواع الجرائم الجنائية، مثل القتل العمد والسرقة بالإكراه والتهديد والسلب بالقوة والمشاجرات لأسباب مختلفة، فضلاً عن جرائم الاعتداء على النفس بشتى الوسائل.

وتصاعدت معدلات جرائم حيازة السلاح الناري والذخيرة بلا ترخيص، وارتفاع معدلات الانتحار، ما يستلزم وقفة أمنية مشددة بجانب تكاتف جميع جهات الدولة لبحث الأسباب وسبل العلاج.

وبموجب دراسة اعدها قطاع البحوث في مجلس الأمة تبين بأن الوافدين يشكلون النسبة الأكبر في قضايا الجنايات بنسبة 70,2% وفي قضايا الشؤون التجارية 89.7% ،ويشكل الكويتيون النسبة الأكبر في قضايا جنح الأحداث بنسبة61% .

والأسباب التي تؤدي لارتكاب الجرائم فهي من الناحية الاجتماعية تعود الى سوء التنشئة نتيجة التفكك الأسري، والفراغ والبطالة وعدم توفر الوظائف المناسبة لحديثي التخرج، وعدم تطبيق القوانين وسوء الأوضاع داخل المؤسسات العقابية كأسباب قانونية.

ونتيجة تزايد عدد الجرائم خاصة بين الشباب بالمجمعات التجارية والمدارس والجامعات، بات البرلمان الكويتي قريبا من اقرار قانون التجنيد الإجباري، والذي ربما يكون مفتاح الحل للقضية.

أحداث متنوعة

وقال الباحث في التنمية الذاتية دكتور فيصل القعود إن ظاهرة العنف تفشت في المجتمع الكويتي أخيرا، وأصبحت مثل الروتين وتكررت على شكل أحداث متنوعة.

والعنصر الأساسي للظاهرة يتمثل في الشباب بتصرفاته الطائشة، خاصة وانه أصبح بلا عمل، وبلا وظيفة، وهائم في الشوارع والمجمعات والاماكن العامة، نتيجة إهمال الحكومة لتحمل مسؤولية هذا الدور وترك الشباب تتلاعب بهم الأفكار السلبية، وهناك بعض النواب السابقين في مجلس الأمة يستغلون الشباب الطائش لزعزعة الأمن والتخريب.

والعنف الخارجي سببه آخر داخلي يتنوع بكثير من الممارسات الخاطئة على النفس البشرية منها جلد الذات وتأنيب الضمير وعدم الغفران والتسليم واجترار آلام الماضي، فالعنف الداخلي والمشاكل النفسية يفرزان عنفا خارجيا.

وبين القعود ان حلول ظاهرة العنف عديدة جدا، منها على النطاق الفردي، أن يقوم الانسان بقبول المشاعر السلبية، متى ما نشأت داخل النفس، وأعني بالقبول بأن لا يعيش الإنسان نفسه في حالة من الدراما، وأفضل مثال على ذلك المسلسلات الكويتية المنتشرة في الساحة في الآونة الأخيرة، والتي تركز على المشاكل والحزن والسلبية والتشاؤم.

وطالب القعود بمواجهة المشاعر السلبية متى ما نشأت، وإغلاق الملف المرتبط بها، وعلى النطاق الأسري فيجب أن تقوم العائلة بمساعدة أبنائها بالمصارحة المستمرة والمحافظة عليهم حتى لا يكونوا عرضة للاضطهاد بجميع أنواعه الجسدية والنفسية والجنسية.

وعلى الوالدين الاستعداد التام للانصات الى ابنائهما وحل مشاكلهم، والتعامل معهم كأصدقاء ومنحهم الامان التام والاستقرار النفسي والعاطفي المطلوب لتجنب أي كبت قد يعرض الابناء إلى الاجهاد النفسي.

والاضطهاد عامل رئيسي من عوامل التخريب والعنف في المجتمع، وعلى الدولة أن تقوم بدعم الشباب في جميع الميادين، بتوفير البيئة المناسبة عبر دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وحل مشاكلهم الدراسية والتعليمية وتوجيههم إلى ما ينفعهم من نشاطات وأعمال، تصب في حماية المجتمع والدولة بشكل عام.

دور أكبر للأسرة

ويرى عضو مجلس الأمة الكويتي كامل العوضي أن الأسرة تتحمل المسؤولية الأكبر في تنشئة أبنائها على مبادئ التسامح وطرق التعامل السليم مع الآخرين، فهي الأكثر تأثيراً على تصرفات أبنائها، محذراً من أن ثقافة إلقاء المسؤولية واللوم على المدرسة أو على الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية أو غيرها يجافي الحقيقة، ويفاقم مشكلة العنف لدى الشباب، ودور وزارة الداخلية يقتصر على التعامل مع الحالات الشاذة والتي يجب أن تكون نادرة.

وأشار إلى أن حادثة قتل شاب في منتجع الخيران وإصابة خمسة آخرين، وبمشاركة عدد كبير من الشباب، أثارت القلق من تفشي ظاهرة العنف الجماعي.

وبين أن أسس الحوار والنقاش يتم بناؤها داخل الأسرة عبر طريقة مثلى في التعامل بين الأبوين وأبنائهما، وتفرد أحد الوالدين بالأمر لفرض سيطرته أو لجوئه إلى العنف والإكراه في تنفيذ قراراته دون رضا أو إقناع الأطراف الأخرى، يزرع في الأبناء بأن الطريقة الأفضل والأسرع لتنفيذ الأمور هي القوة والإجبار وليست الإقناع والحوار.

وشدد على ضرورة زيادة برامج التوعية للأسرة من خلال وزارة الإعلام والمراكز الاجتماعية المعنية كعامل مساعد يدعم جهود وزارة الداخلية التي لا تستطيع وحدها التعامل مع مجاميع كبيرة من مخرجات شباب منفلتين ويحملون أفكاراً ثابتة تؤكد ان القوة هي الحل، والعنف أفضل طريقة لإثبات الذات.

المجرم شخصية مضادة للمجتمع

المنامة- غازي الغريري

«وجود محاكم أسرية مسألة مهمة جداً، لحماية الضحايا خاصة النساء والأطفال، من أقرب الناس إليهم وهم الأزواج والآباء في ظل تكرار حالات العنف بهدف التأديب، ولفشل الوالدين في توفير أبسط أولويات الحياة من مأكل وملبس، ما يؤدي لمحاولة القتل أوالتهديد للزوجة أوالطفل.

وقد يرجع ذلك للشك في خيانة المرأة من دون دليل أو لمرض نفسي ووساوس قهرية، تقود لمراقبتها وتتبعها ومنعها من زيارة أهلها والاستيلاء على هاتفها ومالها وسيارتها، والسعي للاختطاف والتهديد بإيذاء الأطفال أو الحرمان منهم، وترك الرجل لبيته وزوجته وأولاده من دون عائل».

هكذا بدأت استشارية علاج السلوك النفسي والباحثة الاجتماعية البحرينية الدكتورة شريفة سوار عن ظاهرة انتشار الجريمة وتنامي العنف خاصة أسرياً وأشارت إلى أن هناك أسباباً كثيرة تكون مدخلاً لارتكاب الجرائم منها الاجتماعية والنفسية والجهل والبطالة والفراغ ونعاني في المملكة من انحسار العمل التطوعي لمحدودية الدعم للمراكز الاجتماعية التي تسهم في معالجة الكثير من الحالات وتحد من الجريمة.

وطالبت بإيجاد مراكز اجتماعية يكون دورها وضع برامج لتلافي الجريمة قبل وقوعها، مثل برنامج معاً الذي نظمته وزارة الداخلية البحرينية بالتعاون مع المحافظة الجنوبية، وهو أسلوب وقائي له أثر كبير في التقليل من الجرائم.

ودعت إلى أهمية وجود شراكة مجتمعية بين مختلف الجهات الرسمية أو الأهلية من مؤسسات المجتمع المدني، بما يؤدي إلى بلورة رؤية مشتركة يتم من خلالها تمويل ودعم المراكز الاجتماعية وكوادرها حتى يتم وضع خطط وبرامج للناشئة، بما يسهم في القضاء على وقت الفراغ لديهم الذي يعتبر من أبرز أسباب الجريمة جنباً إلى جنب مع البطالة والفقر.

وعن الحلول للحد من الجريمة قبل الوصول إلى القضاء قالت، من الناحية النفسية، هناك علاج باللعب للأعمار بين 5 و13 عاماً، حيث يعلم الطفل بعض المهارات وعبرها تصقل موهبته وتطور بمشاركته بفرق عمل تمكنه من أن يصبح قائداً، وهناك العلاج بالموسيقى من خلال تعلمها.

شخصية مضادة

وأوضحت الاستشارية أنهم أختصاصيون لا يحبذون استخدام كلمة مجرم على المخالفين للقانون، ويفضلون تسمية شخصية مضادة للمجتمع، فمن يتجاوز إشارة المرور ولا يلتزم بالقانون ليس أقل إجراماً ممن نسميه مجرماً.

 ونادت بأهمية إقناع المجرم بالذهاب لزيارة الطبيب النفسي، مع الرغبة في عدم العودة والتوبة من ارتكاب الجريمة، وذلك لا يأتي إلا حينما يدرك الشخص حجم المسؤولية وتعاوده صحوة ضمير تجعله يتوقف عن سلوكه الإحرامي.

وقالت الدكتورة سوار، نعتبر أنفسنا محامي الدفاع عن حقوق مشروعة ومشرعة لكل مغلوب على أمره من امرأة أو رجل، وتفرز الخلافات الأسرية أحياناً بيئة هشة تفرض على الطفل أموراً لا حول له ولا قوة فيها، وحتى لا يصل إلى قناعة بأن العنف المتداول، هو الوضع الطبيعي ما يجعله يدور في حلقة مفرغة رغم أنه أكثر الناس حاجة للرعاية والحماية من والديه باعتبار أن حمايته ورعايته مسؤوليتهما المباشرة.

الفقر والبطالة أبرز دوافع الانحراف

القاهرة- ريهام حسام دار الإعلام العربية

لا يمر يوم إلا ويفجع الشارع المصري بعدد كبير من الجرائم التي تفتقد أدنى صفات الإنسانية، وعناوين الصحف تطفح بأخبار الحوادث ومنها، جريمة بشعة بالسويس..

شقيقان وعامل خردة يغتصبون طفلًا، ويشعلون النار بجثته حتى تفحم، أب يقتل ابنته لكثرة بكائها ويلقي جثتها بالطريق العام، رجلا أعمال يقتلان أسرتيهما للإفلاس، عاطل يخنق أمه بسبب 100 جنيه، أم تذبح طفلتيها انتقامًا من زوجها، «ابن وزوجته يقطعان رأس والدته بالفأس، وقد اعتبر خبراء الأمن والاجتماع والنفس «الفقر والبطالة» من الدوافع الأساسية لارتكاب تلك الجرائم.

وتكشف إحصاءات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في القاهرة ، أن نسبة البطالة بلغت 13.3% من قوة العمل بالدولة وتتمثل في 3.3 ملايين عاطل، وتنحصر في الشباب من 18 إلى 29 عامًا، والمؤسف أن 85% من العاطلين يحملون مؤهلات عليا. ووصلت نسبة الأسر الفقيرة إلى 26.3%، على مستوى المحافظات.

وكشفت دراسة أعدها المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، حول الجرائم التي تقع في دائرة الأسرة الواحدة، أن الجاني غالبًا من الشباب، خاصة بالمرحلة العمرية التي تتراوح بين 20 و44 عامًا، فهم الأكثر ممارسة للعنف الأسرى، ويشكل الذكور الأغلبية بين مرتكبي الجرائم أسريا وبنسبة بلغت 78.7%.

وتؤكد أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس الدكتورة سامية خضر، أن الفقر والبطالة هما أهم الدوافع في ارتكاب الجرائم، التي يزداد معدلها في المجتمعات التي يفتقد أفرادها المعيشة الكريمة، ولا يجدون قوت يومهم.

وشعور الفرد بالفشل في إيجاد وظيفة وتوفير حياة كريمة أوعدم حصوله على حقوقه الأساسية، وكذلك عند شعوره بالتهميش وعدم القدرة على الإنتاج، يتحول تفكيره إلى الإجرام، وهنا يكون غياب النازع الديني عاملًا في تعزيز الدافع للجريمة، وطالما الفرد لا يؤمن بالعقاب الإلهي والخوف من حساب الله يدفعه إلى فعل أي شيء.

نماذج مشوهة

ويرى أخصائي الطب النفسي جمال فرويز، أن الضوائق الاقتصادية دائمًا ما تفرز نماذج اجتماعية مشوهة، خاصة عند الشباب، فانحرافهم يرجع بشكل واضح إلى الفراغ النفسي، وافتقاد الشعور بالإيجابية، وبما أنهم في مقتبل العمر ويرغبون في شق طريقهم وتكوين أسرة، إلا أن عقبات عدة تحاصرهم من كل جانب.

إذ لا يجدون أي فرصة عمل مناسبة رغم تأهيلهم العلمي الرفيع، وتحولهم إلى عاطلين يصبح بمثابة الشرارة الأولى لارتكاب الجريمة، ويلعب الكبت الجنسي وعدم القدرة على الزواج، دورًا سالبًا يقودهم إلى الانحراف والجريمة.

والأمر لا يقتصر على الشباب فقط، بل ينسحب على أفراد الأسرة في ظل الضغوط الاقتصادية وعدم وجود مصادر متعددة للدخل. ويعزز الجهل والسينما ثقافة العنف،لدى الكثيرين ما يؤدي لتفاقم الجريمة وتضخم معدلاتها.

ويشير مدير أمن سوهاج السابق اللواء مصطفى إسماعيل، إلى أن الجريمة بشكل عام زادت بشكل واضح بعد الثورة بسبب الانفلات الأمني شهدته البلاد، ما تسبب في انتشار وزيادة معدل الجريمة، لكن حاليًا بدأ جهاز الشرطة في استرداد قوته من جديد، ومن ثم التصدي للجرائم بجميع أنواعها.

وأشار إلى أنه لا يمكن القول، إن المصريين يعيشون في مجتمع المدينة الفاضلة، ومع ذلك فإن جهود وزارة الداخلية مازالت على قدم وساق للتصدي للجرائم بجميع أنماطها.

124 مليار إسترليني كلفة الإجرام سنوياً في بريطانيا

لندن- ماهر عثمان

بلغت كلفة جرائم العنف في بريطانيا وفق تقرير رسمي صدر أخيراً، 124 مليار جنيه استرليني سنوياً، الرقم صاعق، فالمبلغ الضخم يعادل 7.7% من اجمالي الناتج الوطني، وهو يشمل كلفة تحقيقات الشرطة والإنفاق على المحاكم والسجون بالاضافة الى كمية ضخمة من الأموال المهدرة، ما يعني ان الكلفة لكل عائلة تصل إلى 4700 استرليني في السنة.

ويركز التقرير الذي وضعه معهد الاقتصاد والسلام وتوصل فيه للمرة الأولى الى رقم شامل لكلفة الجرائم، والتأثير الاجتماعي والاقتصادي لجرائم العنف.

وقال رئيس مجلس ادارة المعهد ومؤسسه ستيف كليليا إن استنتاجات التقرير هي، ان الفقر وعدم توافر العمل يرتبطان بصورة وثيقة بالمستويات المرتفعة للجريمة. وبالتركيز على ايجاد مستويات توظيف أعلى في المناطق المحرومة يمكن أن تخفض نسبة الجريمة.

وأثبتت دراسات كثيرة عن أسباب العنف والإجرام في بريطانيا والكلفة المادية لذلك أن الفقر والبطالة وعدم التوجيه الاخلاقي في الصغر من اهم أسباب الجرائم. ويركز من يحملون مسؤولية الجريمة للفرد الذي ارتكبها على انعدام القيم الاخلاقية عنده ويرون ان المجتمع يجب ان يفرض عقوبات قوية وقوانين صارمة للتقليل من الجرائم.

أما من ينظرون الى الجريمة من وجهة النظر الجماعية فيرون انه يجب معالجة الأسباب الاجتماعية التي توجد الظروف لارتكاب الجرائم وان من شأن توفير إسكان افضل وفرص عمل اكثر وفرص متكافئة للتقدم ان يجعل الجريمة اقل جاذبية.

دراسات مهمة

في الأسابيع الأخيرة نشرت ثلاث دراسات مهمة عن أسباب الجريمة في بريطانيا ألف الأولى منها العالم الاقتصادي ديفيد ديكنسون يقول فيها: استناداً الى اتجاهات على مدى زمني طويل ان معظم المجرمين عاطلون عن العمل.

والدراسة الثانية مؤلفتها غوينيث بوزويل من جامعة أيست انغليا التي درست أحوال 250 من الأحداث الجانحين والمجرمين الموجودين في سجون واصلاحيات خاصة بمرتكبي الجرائم الخطيرة، ووجدت ان 40% منهم كانوا قد تعرضوا للضرب والتخويف قبل اتجاههم الى الجرائم وان ثلثهم تعرضوا للاغتصاب والانتهاك الجنسي من قبل قريب أو صديق للعائلة.

والدراسة الثالثة حررها السير مايكل راتر من معهد الطب النفسي في جامعة لندن والبروفيسور ديفيد سميث من جامعة ادنبرة، وعنوانها الخلل السيكولوجي عند الأحداث، ولا تركز على الفقر والانتهاك الجنسي والبطالة ،انما تضع اللوم على الحرية والنزعة الفردية اللتين سادتا المجتمع بعد الحرب العالمية الثانية.

ويشير الباحثان الى أن طلاق الوالدين يمكن ان يولد ضغطاً على الاطفال، وان اسواق الموسيقى والملابس الخاصة بالصغار تعزلهم عن الكبار وتأثيرهم الحميد عليهم، وتعرفهم على الجنس في سن أبكر من الأجيال السابقة. ويقول البروفيسور سميث: "فكرة ان الناس يجب ان يكونوا أحراراً في اختيار طريقهم في الحياة، وان يستطيعوا اشباع رغباتهم يمكن ان تكون مرتبطة بنمو نسبة الجريمة والانتحار".

العاطلون والجريمة

وكشفت دراسات أقدم عهداً، واحدة منها في عام 1972 تناولت من هم في سن الثامنة عشرة، ونسبة مرتكبي الجرائم بين العاطلين عن العمل اعلى ثلاث مرات عند غيرهم. واستنتجت دراسة اجرتها شرطة نورثمبريا بين 1975 و 1980 ،ان ثلث مرتكبي الجرائم رجال عاطلون عن العمل.

وأظهرت دراسة في عام 1931، ان 50% من السجناء في سجن نوتنغهام كانوا شباباً عاطلين عن العمل. وفي عام 1932 لاحظ السياسي الليبرالي السير هيربرت صامويل ان الخط البياني للجريمة يتبع، سنة بعد سنة الخط البياني للبطالة.

ويعتقد دارسون آخرون ان الانقلاب الحقيقي في معظم البلدان الغربية في القرن العشرين تمثل في انهيار البنى العائلية التقليدية وإنهاء المحرمات الجنسية والاجتماعية وان الحرية الزائدة جلبت بعض العواقب غير السارة.

 

Email