وزير الأوقاف الفلسطيني لـ «البيان »:

نرفض أي حركة ترفع شعار الإسلام وتخالفه

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تتعدد مهمات وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وتتداخل بعض مهماتها مع الوزارات الاخرى، وينطوي على طبيعة عملها أهمية كبيرة نظرا لدور المؤسسات الدينية، التي تقع ضمن مسؤولية الوزارة، في التربية والثقافة والتوجيه والإرشاد والوعظ، «البيان» التقت وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني يوسف دعيس لتسليط الضوء على جوانب مختلفة من مهام الوزارة، وظروف عملها والنقص في كوادرها، إلى جانب دورها في خدمة المواطنين وتمكينهم من أداء أركان الإسلام الخمس كما يجب وخصوصا الصلاة والزكاة والحج.

وقد تطرق الوزير إلى ما يواجه المسجد الأقصى المبارك من مخططات اسرائيلية توشك على هدمه وقال « سلطات الاحتلال الإسرائيلي بكل مؤسساتها الرسمية، وغير الرسمية تعمل جاهدة بطرق جهنمية ممنهجة للنيل من المسجد الأقصى على وجه الخصوص، والمقدسات الإسلامية والمسيحية الفلسطينية بوجه عام. مشددا على أن إسرائيل في عدوانها على المسجد الأقصى تريد إشعال حرب دينية في المنطقة.

وأشار دعيس إلى أن هناك حركات اسلامية في الوطن العربي والاسلامي تستغل ديننا الحنيف الذي يدعو إلى التسامح وينبذ العنف والاحتراب. فقد رفعت تلك الأحزاب راية الإسلام حتى يسير خلفها الناس ويصبحون أسرى لاجندتها..

وكل حركة تدعي الاسلام وتقوم بتصرفات مخالفة للشريعة عليها أن تعلم ان ذلك مرفوض، وتصرفاتها غير لائقة، والاسلام منها براء مهما كان جمهورها ومهما كان مسماها، والمجتمع العربي والاسلامي متدين بطبيعته، وعلاقة الناس بالإسلام والمساجد فيها الكثير من التقدير والمحبة.

وفيما يتعلق بالشأن الديني الذي تعكف الوزارة على تنظيمه وترسيخه في المجتمع، قال إن الوزارة من أهم الوزارات الوطنية، ومهامها وأعباؤها كبيرة وكثيرة، ولا تنحصر فقط في عملية الإشراف على المساجد، وانما تتوسع دائرة اختصاصها لتشمل عدة وزارات في آن واحد. وكشف عن نجاح الوزارة هذا العام في مسألة تنظيم رحلات الحج، فجاء باهرا ومميزا بفضل ترسيخ وحدة الحج في جناحي الوطن.

وشدد على أن قسم الوعظ والإرشاد في الوزارة يقوم بتنفيذ » دورات مميزة محلية وخارجية بالاستعانة بخبراء من العالم العربي والاسلامي لإثراء خطباء ووعاظ فلسطين«. مشيرا إلى النقص في عدد الأئمة نسبة إلى عدد المساجد نتيجة الظروف المالية الصعبة التي تمكن الوزارة من زيادة كادرها .

وأثنى الوزير على خطوة دولة الإمارات وقيامها ببناء مسجد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، والذي يعتبر ثاني أكبر مساجد فلسطين بعد المسجد الأقصى، سائلا الله أن يحفظ الإمارات وشعبها من كل سوء ومكروه..

وتمنى ان تواصل دعمها ومساندتها للشعب الفلسطيني بصورة عامة، وأهل القدس بشكل خاص، لأنهم يدافعون عن كرامة الأمة العربية والإسلامية، خاصة ومدينة القدس في خطر والمواطنون هناك بحاجة إلى وقفة جادة مادية ومعنوية لتثبيتهم على أرضهم. وفيما يلي نص المقابلة:

ما هي المهام التي تقوم بها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في فلسطين؟

هي تعتبر من أهم الوزارات على أرض الوطن، ومهامها كبيرة، حيث تتسع دائرة اختصاصها لتشمل عدة وزارات في آن واحد، فهناك جامعات ومعاهد ومدارس شرعية تتبع وزارة الأوقاف وتقوم بالتربية، بالإضافة إلى مستشفيات ومراكز صحية تتبع لوزارة الأوقاف أيضا وتقدم خدمات صحية، إلى جانب الاهتمام بالزكاة فهناك مشاريع كبيرة لصندوق الزكاة الذي يهتم بشريحة واسعة من الفقراء والمحتاجين..

وبذلك تشارك وزارة الشؤون الاجتماعية في عملها، وتقوم الوزارة بتدابير الحج من خلال تنسيق سفر الحجاج وجوازاتهم وتدبير لوازم اقامتهم وارشادهم وحفظ أمنهم، بالإضافة إلى ان 2 % من أراضي فلسطين وقف تابع لها، وتقوم بتأجيرها أومنحها لشركات او جمعيات لاستثمارها بشكل صحيح.

وتقوم بمهمة الإشراف على المساجد والوعظ والإرشاد ومراكز تحفيظ القرآن الكريم، وهي مهام متعددة جدا، ونحن لدينا خطط كبيرة لتنظيم وادارة تلك المهام، وتحقيق انجازات أفضل على كافة الأصعدة، واخيرا كان لنا الشرف في الوزارة بجمع التبرعات لإخواننا في غزة، حيث وصلت الحصيلة ما يقارب15 مليون درهم من الأهالي وارسالها إلى القطاع بجانب تبرعات عينية من مأكل ومشرب وغير ذلك.

يتحدث الشارع المحلي بلسان الرضى عن حج هذا العام، خاصة بعد خفض الرسوم محليا، كيف تمكنتم من ذلك؟

أولا وهو الأهم نجاح الوزارة كان باهرا ومميزا بإعلان وحدة الحج في جناحي الوطن »الضفة وغزة»،ورفعنا عاليا شعار فلسطين أولا، ومن ثم رفعنا صورة الاقصى، وبالنسبة لخفض الرسوم فنحن مهمتنا وواجبنا تمكين الناس من اداء اركان الاسلام الخمسة، والوزارة تقوم بعملها على أكمل وجه خدمة للناس..

وخصوصا فيما يتعلق بالحج، وطبعا هذا العام تمكنا من خفض تكلفة الحج على المواطن الفلسطيني، حيث اننا وجدنا أن اسعار السكن في السعودية تخضع لمقاييس العرض والطلب، وتمكنت الوزارة من استئجار السكن هذا العام بأسعار أقل عن الأعوام السابقة..

ولذلك قامت الوزارة بتكليف الدائرة المالية بوضع دراسة حول تكلفة الحج لهذا العام، فوجدنا ان رسوم الحج فقط تكلف 1600 دينار شاملة كل المتطلبات من نقل وسكن وخدمة وإلى غير ذلك، ووقوفا عند دورنا في خدمة المواطن، وليس ارهاق ميزانيته خفضنا التكلفة، وسوف نستمر في البحث عن آلية لمزيد من التخفيضات ما أمكن مع ضمان الخدمة الممتازة لحجاجنا إن شاء الله.

هل هناك حاجة لبناء المزيد من المساجد في فلسطين؟

يتميز شعبنا بحبه لتشييد المساجد والإسهام في المؤسسات الدينية، ولدينا في الضفة الغربية ما لا يقل عن 1900 مسجد وهي متوفرة وتتميز بعمرانها في كل القرى والبلدات والمدن..

والوزارة تشجع على بناء المساجد والمدارس الشرعية ونحن نساهم في جزء معين من التكلفة، إلا إن المواطنين أسخياء في عطائهم رغم الظروف السيئة التي يعيشونها، وعندما تخطط منطقة معينة لبناء جامع يتشارك الجميع في التبرع في سبيل الله لإتمامه.

مهارات الخطباء ونقص الأئمة

كيف تنظم الوزارة مسألة الخطابة، وكيف تقوم بمتابعة الخطباء والإشراف على تأهيلهم ؟

قسم الوعظ والإرشاد في الوزارة ناشط جدا، ويقوم بتنفيذ دورات مميزة محلية وخارجية بالاستعانة بخبراء من العالم العربي والإسلامي لإثراء الخطباء والوعاظ بمزيد من المهارات، ويقومون بالتشاور أسبوعيا لوضع خطبة في فلسطين تنسجم مع الأحداث الموجودة، ويحدد عنوانها قسم الوعظ والإرشاد ومن ثم تعمم على جميع الأئمة والخطباء، حتى يكون الموضوع موحداً، ..

وتلك الخطب تتناسب مع هموم الشارع المحلي والضرورة الوطنية والمناسبات والدينية، وفي لقاءاتنا المتكررة مع الائمة والوعاظ نؤكد لهم أن رسالة المساجد هي التمسك بالوحدة والتوحيد وليست الفرقة والتفريق، ونوصيهم بأن تقدم الكلمة الطيبة التي تنفع المجتمع والمواطن وتوحد الأمة العربية والإسلامية.

هل عدد الأئمة الموظفين الرسميين لدى الوزارة كافٍ؟

بالتأكيد هناك نقص كبير في أعدادهم ونطلب من الأشقاء العرب والمسلمين دعمنا، بما يجعلنا قادرين على تعيين عدد كبير من الأئمة، حتى ندبر شؤون بيوت الله بما يليق، ولضمان ادارتها بالشكل الذي يخدم المواطنين، ويعزز ثقافة الإسلام الصحيحة في صفوفهم، خاصة والوضع المادي للسلطة صعب جدا، ونحن في الوزارة نعاني نقصا شديدا في الموظفين، وفي عدد الأئمة والوعاظ المرشدين.

ماهي الآلية التي يعمل وفقها صندوق الزكاة محليا لجمع الأموال وإنفاقها؟

صندوق الزكاة يعتمد على أمور عدة، فهناك لجان مركزية في كل محافظة ومعها أخرى فرعية تجمع الزكاة لصالح المركزية لتوزعها على مصارفها الشرعية..

وتأتي للصندوق بعض المنح والهبات، ويتولى الصندوق ادارتها عبر اقامة مشاريع تابعة له، لرفع ايرادته وبالتالي زيادة حجم المساعدات التي يقدمها للمحتاجين، وهناك مصانع تتبع الصندوق مثل مصانع الألبان في نابلس، والكثير من المشاريع والمستشفيات التابعة للصندوق التي تشرف عليها لجان الزكاة المركزية في محافظات الوطن.

استغلال الدين

تسود الوطن العربي والإسلامي حالة من التخبط نتيجة استغلال بعض الحركات للدين وتضليل الناس، كيف يفرق بين الصالح والطالح منها ؟

الإسلام الصحيح دين سمح، وقد حكم العالم بصورة مشرقة في جميع جوانب الحياة، واعتنق الإسلام أناس كثيرون دون سيف وقوة نتيجة المعاملات والأحكام الشرعية التي تدعو إلى السماحة وصدق المعاملة، والماثل أمامنا الآن يخالف الإسلام في كثير من احكامه، وهناك سلوكيات لا تمت للدين بصلة. ونطالب الجميع بالعودة إلى الاسلام الصحيح..

وان يستلهموا الاحكام الشرعية من مصادرها الأساسية، وأن يقلعوا عن تشويه الاسلام، والمؤسسات التربوية والجامعات مطالبة باعادة احياء الثقافة الاسلامية الصحيحة والداعية للتحلي بالقيم والأخلاق والمحبة والتسامح.

كيف تؤثر تلك الحركات سلباً على الدين الإسلامي ؟

هناك نفور واضح جدا من الإسلام نتيجة السلبيات التي ألصقت بديننا الحنيف، وأناشد من يحمل هذا الإسلام المشوه ومن هو مخدوع، أن يعيد النظر في تصرفاته وسلوكه ونهجه، فالاسلام واضح والاحكام الشرعية واضحة، وحتى في زمن الرسول الكريم ،كان هناك المؤمن والفاسق والمنافق والكافر.

 وهناك من الاحكام الشرعية التي تعامل معها الرسول مع كل أولئك، ويجب علينا ان نأخذ الاحكام كما طبقها الرسول والصحابة والتابعون، وأن نطبقها بشكل صحيح يواكب واقع الحياة في يومنا هذا، ولكن ما يحدث هو نقيض ذلك حيث هناك من الحركات من يستغل اسم الدين والإسلام والمساجد لان مجتمعنا العربي والاسلامي هو متدين..

وتلك الحركات والمنظمات والاحزاب رفعت راية الإسلام حتى يسير خلفها الناس ليصبحوا أسرى لاجندتها، وكل حركة تدعي الاسلام وتقوم بتصرفات مخالفة للشريعة مرفوضة، وتصرفاتها السيئة يجب أن تواجه بالردع والحسم، فالإسلام منها براء مهما كان جمهورها ومهما كان مسماها.

إشادة بالإمارات

أشاد الوزير دعيس بمواقف دولة الإمارات الداعمة للشعب الفلسطيني، وقال إنها معروفة بوقوفها الدائم إلى جانبنا ومساندتها لكافة وزارات السلطة، وقد شيدت مساجد عدة في فلسطين، وأقامت مؤخرا مسجد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ثاني اكبر مسجد في بلادنا بعد الأقصى، وجاء بناؤه لفتة طيبة حيث يقع على البوابة الشرقية لمدينة القدس، وإقامته بالمنطقة وهو يحمل اسم الإمارات يعطي صبغة كريمة.

Email