التطوع.. سمة حضارية ومشاركة إيجابيــــــــة لخير المجتمعات (2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتهم البعض مجتمعاتنا العربية بأنها لا تعزز ثقافة التطوع التي من شأنها المشاركة وجدانيًا وماديًا في النوازل المجتمعية، إضافة إلى تبني سلوكيات النظافة العامة وتحسين البيئة والبناء والتنمية، إلا أن الواقع غير ذلك في أمة تعتبر إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وكذا التبسم في وجه الغير، وتدعو إلى الإيثار.

وفي ظل التحولات التي شهدتها المجتمعات في شتى أنحاء العالم ومنها العربية أخيراً، وما انعكس عليها من تغيرات سياسية واقتصادية ومجتمعية وفكرية، تواجه الحكومات كثيرًا من الصعوبات والتحديات تتجاوز قدرتها وطاقاتها، ومن هنا جاء دور العمل الطوعي والجمعيات الأهلية لتعزيز التعاون والتنمية وتوفير الخدمات جنبًا إلى جنب مع المؤسسات الحكومية.

ويلاحظ أن الإسهام في عمل الخير بات له مؤسسات وجمعيات تسهم بالجهد والمال، وتقدم المساعدات وتتبنى المبادرات الداعمة لأوجه الخير المختلفة. وهناك مؤسسات خيرية أجنبية وعربية تمتد أيادي دعمها لدول شتى في آسيا وأفريقيا.

تنير بالعلم طريق من يرتعون في الأمية، وتشبع بطون الجائعين باللقمة الهنية، وتروي ظمأ العطشى بالمياه النقية، دون منٍ أو أذى. ووفق تخطيط علمي وبأسلوب حضاري تغلفه لمسات إنسانية هدفها الخير للجميع.

السياسة في اليمن تغيّب التكاتف المجتمعي

 

ازدهر العمل التطوعي في اليمن منذ السبعينيات وحتى تسعينيات القرن الماضي، إلا أنه شهد تراجعاً ملحوظاً في العقد الماضي بسبب طغيان الصراعات السياسية والنزاعات المسلحة على المشهد بصفة عامة، وأدى تدهور الأوضاع الاقتصادية لوأد القيمة الإنسانية في التكاتف والتكافل بالمجتمع.

وإذا كانت المؤسسات شبه الحكومية تتولى قيادة الأعمال التطوعية، مثل فرق الكشافة، والجوالة وجمعية الهلال الأحمر، والمنظمات الشبابية الحزبية، فإن تراجع الاهتمام الرسمي من قبل الحكومة أدى لتوقف غالبية أعمال الخير.

يقول الشاب شادي عبد الوهاب منسق منظمة وصل الطوعية شهدت الآونة الأخيرة نقصاً بأنشطة العمل التطوعي، ورغم أن الشباب والمنظمات غير الحكومية راغبون في مساعدة المجتمع المحلي إلا أنهم لا يعرفون كيف وأين ومتى؟

ويضيف وجدنا العديد من القضايا التي تربط بين المتطوعين والمنظمات غير الحكومية، وفي الوقت نفسه عدم وجود أنشطة لخدمة المجتمع، وذلك ما دفعنا لإنشاء شبكة وصل التي تربط المتطوعين بالمنظمات غير الحكومية التي بحاجة إليهم سعياً لرفع أنشطة خدمة المجتمع وكذلك تأهيلهم في مجالات عدة.

وتهدف الشبكة لتشجيع أولئك الراغبين في التطوع لمساعدة الفئات المهمشة، ورفع مستوى الوعي بأنشطة العمل التطوعي بالمجتمع وتدريب الشباب حسب احتياجاتهم، لتوظيفهم بمنظمات المجتمع المدني. وإنشاء وحدة عمل تهتم بقضايا التطوع وأنشطة خدمة المجتمع وعمل شراكه بين المتطوعين والمنظمات.

بناء القدرات

وترى المتطوعة مريم الذبحاني أن التطوع يجعل المرء أكثر تأثيراً في خدمة مجتمعه، ويزيد إحساسه بالقضايا الإنسانية ويكسبه مهارات تبني قدراته الذاتية لتساعده على النجاح في حياته العملية..

فالأنشطة الخدمية سواء كانت في الإطار العام للدولة مثل حملات النظافة العامة، أو في جوانب مساعدة الفقراء، وتوزيع الأغذية على المحتاجين كلها أنشطة تساعد على خلق شبكة اجتماعية، تضم رواد العمل الإنساني لتعزز الشعور بالرضا من خلال خدمته لمجتمعه والإسهام في التخفيف من معاناة المحتاجين والشرائح الفقيرة.

وتوضح المتطوعة هديل عبد الباري أن هناك رغبة كبيرة لدى قطاع واسع من الشباب خاصة من طلبة الجامعات والمدارس الثانوية للمساهمة في أعمال الخير وإظهار التكاتف..

إلا أن غياب الدور الفاعل للمؤسسات التي تشرف عليها وزارة الشباب والشؤون الاجتماعية يحول دون انخراط أعداد كبيرة من أولئك في الأعمال التطوعية، فالعمل في مجال توزيع الأطعمة للفقراء خلال رمضان والكسوة في العيد، والحقائب المدرسية، كلها أنشطة تقوم بها منظمات غير حكومية..

إلا أنها للأسف أنشطة موسمية ومحدودة، بخلاف الجمعيات التي تشرف عليها وزارتا الشباب والشؤون الاجتماعية، فتوفران مجالات أوسع للخدمة الاجتماعية مثل تشجير المدن وترميم المدارس والجامعات وحملات النظافة العامة، وفي المجال الصحي عبر جمعية الهلال الأحمر وغيرها.

مرتبة متدنية

وتبين هديل أن انشغال الجهات الرسمية بالصراعات السياسية، جعل الأعمال الإنسانية والتطوعية في مرتبة متدنية جداً في قائمة الاهتمامات، وبالتالي تولت جمعيات سواء حزبية أو أهلية أو مستقلة وبشكل محدود مهمة تشجيع أعمال الخير، وتتركز معظمها في مجال الإطعام والكساء للفقراء ودور الأيتام وفئة المهمشين وحملات جمع التبرعات للمصابين بالسرطان والأمراض المعدية.

منظمات مدنيـة عراقيـة تفتقــــد المصداقية

 شهدت الفترة الأخيرة انتشار منظمات المجتمع المدني في العراق بشكل لافت، ويراه المراقبون غير طبيعي، ويشكل عبئا كبيرا على الناس، ما افقدها المصداقية وأدى عملها لاضعاف ثقة المواطنين فيها.

إلا أن هناك أخرى شاركت بحيوية وبدور ايجابي في صنع القرار المجتمعي، وأصبحت قنوات مهمة لتوصيل الخدمات وتنفيذ مشروعات التنمية..

وتحديدا بمناطق يضعف فيها وجود الحكومة. وهناك منظمات مجرد أسماء ويتمثل جهدها بالاستفادة من مبالغ الدول المانحة، على حساب حاجة الدولة الى الخدمات. ويؤكد حكيم زاير المشارك بمنظمات حقوق الإنسان، ان المجتمع المدني يمثل الجهة الرقابية لعمل الحكومة وديمومة العملية الديمقراطية والارتقاء بواقع حقوق الإنسان.

وشهدت السنوات الماضية إنجازات لبعض المنظمات عبر خدمات لفئات من الشباب والأرامل والعجزة والعائلات الفقيرة والعائدة والنازحة وتأمين حقوق المرأة .

وأوضح للوكالة الوطنية العراقية، هناك نوعان من المنظمات، منها ما تكتفي بتنفيذ المشاريع الممولة من جهات مانحة، وتجاوز عددها بمحافظة ميسان وحدها 180 منظمة، وبدأ العد التنازلي لها خلال عام ليبلغ 30 فقط. ويؤمن النوع الثاني بأهدافه ونجده حاضراً بالمساهمة في بناء وخدمة المجتمع.

ويقول الناشط بمنظمات المجتمع المدني شاكر داخل ولي، ان المنظمات المدنية قدمت الكثير للبلاد، خاصة وقد ترافق ذلك مع فترة الانتقال من الحكم الشمولي إلى الديمقراطي..

وتلك مهمة صعبة على أية حكومة انتقالية، دون إجراء تأهيل ذهني للمجتمع ليهضم الفرد المفاهيم المستحدثة بالدولة. وتقوم بالمهمة منظمات المجتمع المدني لعلاقتها المباشرة بشرائح المجتمع كافة رغم قلة تجربتها، وما ساعدها وجود الدعم الفني واللوجستي والمادي أحيانا من منظمات دولية.

يقول الطالب في جامعة بغداد محمد حذيفة ملوكي، أحد المؤسسين لحملة تطوعية، ندرك أننا نستطيع أن نغير العالم رغم صعوبة ذلك، وبوسعنا ان نجعله خاليا من الحروب والإرهاب، ليسوده السلام. لقد أثيرت في البداية فكرة العمل من الطالبة الجامعية منى عبدالحليم وشخصي وانضم إلينا ثلاثة من الأصدقاء وتبلور بإطلاق حملة إنسانية تحمل اسم "أنا كنت هنا"، لتصل قائمة المشاركين 150 من شباب الجامعات..

ولكل مهمة مختلفة والهدف توفير خدمات تساعد المحتاجين. وذلك عبر ثلاث مجموعات رئيسية، وأنجزت الحملة خلال عامين عدداً من المهمات الخدماتية والإنسانية المنوعة، وبدأتها بإعادة افتتاح المدرسة المستنصرية التي تأسست عام 1233 لتنظيفها وتهيئتها للدراسة.

مطالبة عمانية بتنظيم المبادرات

 

تسببت الفرق والجمعيات الخيرية التطوعية التي بدأت تنتشر بسرعة مدهشة في سلطنة عمان ببعض الإرباك لواضعي سياسات عمل مؤسسات المجتمع المدني، نظرا لتزايد أعدادها بشكل كبير.

فجمعيات المرأة المنتشرة في محافظات السلطنة بلغ عددها 55 وتضم 7199 عضوة . وتسجل التبرعات المالية لصناديق التبرعات بالمحلات التجارية قرابة 40 ألف ريال شهريا.

وينتظر العاملون في الحقل التطوعي محليا صدور قانون جديد ينظم العمل الخيري ونشاط الجمعيات وأصبح تزايد الطلب على الخدمات الاجتماعية، يشكل تحدياً أمام الحكومات ما يتطلب وجود جهات مساندة للنظام الرسمي، خصوصاً والهيئات الطوعية مفضلة على الهيئات الرسمية، نظراً لعدم وجود تعقيدات مع انتفاء البيروقراطية .

وتقول عضوة جمعية الصحافيين الوطنية بسمة مطر كامونة، بالرغم من انتشار الكثير من الفرق والمبادرات الأهلية التطوعية في مجتمعنا، الا أن هناك تشتيتا للجهود بسبب ان الغطاء القانوني غير واضح حتى الآن، فالقانون الذي تعمل تحت لوائه قديم، وينبغي وجود مظلة قانونية واضحة الأهداف والمعالم تتضمن المبادرات الجديدة..

وبشكل غير ضاغط، والمؤسسات التي تقدم التمويل للمبادرات من واقع مسئوليتها الاجتماعية وتسعى لتقديم أعمال تصب في خدمة التنمية، لا تزال ننتظر القانون الجديد الذي تعمل عليه وزارة التنمية الاجتماعية ليواكب طموح المبادرات الطوعية.

ويشير فلاح الهنائي منسق فريق كلنا مستهلك لمحاربة انتشار ظاهرة الغش في السلع، وتزوير تواريخ الانتاج وهو صاحب مبادرة المواطنة الصالحة ومبادرة وقاية ضد التحرش الجنسي للاطفال إلى ان الجمعيات والفرق التطوعية كثيرة بالبلاد، الا انها لكي تقدم خدمات انمائية واضحة، بحاجة الى تنظيم أكثر لإيجاد تناغم بالأفكار مع الجوانب المراد تنميتها.

ورغم ان هناك دعما ماديا حكوميا يقدم للجمعيات وان كان ضئيلا في بعض المناسبات، الا ان عدد الجمعيات الفاعلة لا يتعدى أصابع اليد الواحدة. وهناك مشكلة تتمثل في تنامي الفرق الطوعية غير المرخصة قانونا، مع تعدد اهتماماتها على حساب الجمعيات المشهرة لأهداف محددة وتعمل وفقا لتراخيص حكومية..

وتقدم خدمة أكبر لكن دون غطاء تشريعي لها. والعمل التطوعي سند للمجتمعات وفق رؤية الهنائي، إذ يجعل الأفراد يشعرون بقيمتهم وهم يقدمون خدمة لمجتمعاتهم، والتكاتف بين المتطوعين، يخلق فرصة لاظهار إبداعات الشباب ويشيع جوا من الألفة.

خطط تنموية

بعض المجالات المدنية يفترض ان تبقى تحت الرعاية الرسمية للدولة،وتدرج ضمن الخطط التنموية الهامة نظرا لصعوبة حصول المؤسسات الأهلية على التمويل اللازم. ذلك ما تؤكده المتخصصة والمتطوعة في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة دكتورة عائشة الكيومي..

وتقول في الوطن العربي بالكاد تُغطى خدمات للأشخاص العامة من غير ذوي الإعاقة، وربما نحتاج لسنين عديدة حتى نعود لسلم مقياس الدول المتقدمة التي تكيفت مع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع نواحي الحياة، فالانحسار من التطور إلى مستوى متأخر بدأ بإهمال الأشخاص ذوي الإعاقة أولاً ثم طال الإهمال الآخرين.

وكانت هناك ثمة حركة مجتمعية محلية، نظمت نفسها لخدمة الأطفال ذوي الإعاقة عبر جمعيات خيرية أهلية تستمد الجزء الأكبر من الدعم المالي عن طريق التجار والشركات الكبرى. وفي الثمانينات بدأت فكرة التأهيل المجتمعي للأطفال ذوي الإعاقة، ولتقديم خدمة بشكل صحيح، لا بد من إعداد كوادر عُمانية متخصصة في المجال.

وتقول: إذا كان المحرك الأساسي للجمعيات الخيرية، الدين الإسلامي وبالمبدأ القرآني "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ"،هو ظاهرة صحية للمجتمع ودليل على تماسكه..

إلا أنني أرى أن يكون الدعم في الخدمات التكميلية، حتى لا تتأثر الخدمات الأساسية المتعلقة بالجوانب التعليمية والصحية لذوي الإعاقة، بتذبذب الدعم المادي المقدم من الشركات. وخلال زياراتي الميدانية لبعض الدول الإسكندنافية وغيرها في أوروبا، فإن الجمعيات الأهلية الخيرية تقوم هناك بدور تكميلي دعما للأساسي الذي تقدمه الحكومة ضمن خدماتها للمواطنين.

بروز قوي للأعمال الإنسانية في الجزائر

 

 برز وجه جديد للعمل الخيري والطوعي في الجزائر، بعد أن كادت الأزمة الأمنية تعصف بتقليد حضاري رائد ظل لقرون طويلة رافدا من روافد التكافل وتنمية المجتمع ومكافحة الفقر. وتعتبر جمعية »جزائر الخير« الأكثر تواجدا على الساحة بسبب تنوع انشطتها الخيرية مع الفئات المهمشة وخاصة في رمضان..

وكذلك جمعية الأمل التي تتكفل بمرضى السرطان وهناك عشرات من جمعيات رعاية الأيتام وحماية الشباب ظهرت أخيرا مع بداية تطور شبكات التواصل الاجتماعي محليا، والتي توجه دعواتها للتكفل بعلاج حالة مريض بالسرطان أو امرأة مشردة أو محتاج لعلاج مكلف أو عملية جراحية مستعجلة، وتوفير كميات من الدم والصفائح لمرضى اللوكمياء.

ويقول رئيس شبكة ندى للدفاع عن حقوق الأطفال الدكتور عبد الرحمان عرعار، ارتدت مجال العمل الطوعي منذ 25 سنة، منطلقا من قناعة شخصية تكمن في ان احتياجات الطفل غير قابلة للتأجيل، وكلل العمل بالنجاح، وأسهم في إنشاء شبكة وطنية تجمع حوالي 140 جمعية على مستوى القطر.

تقليد التويزة

وينتشر محليا وبشكل ضارب في القدم تقليد »التويزة« وهي كلمة امازيغية تعني التعاون والتكافل بين سكان القرية أو البلدة أو العرش الواحد سواء خلال مواسم الزراعة والحصاد أو عند بناء مسجد أو مدرسة قرآنية أو بناء بيت لأحد السكان أو شق مشروع طريق وإنجاز عين ماء لسقي سكان القرية.

ورغم تراجع تقليد التويزة أمام هجمة التمدن والعصرنة خلال العقود الاخيرة، إلا أنها لا تزال السمة الغالبة لسكان المناطق الريفية في مناطق القبائل وسط البلاد. وعلى نطاق واسع بمنطقة الشاوية وأهلها فرع من فروع الأمازيع الذين يسكنون مناطق شرق الجزائر من أم البواقي وخنشلة وباتنة الى سوق اهراس وتبسة في الحدود مع تونس.

وتغطي نشاطات »التويزة« نطاقا واسعا من الاعمال الخيرية، تمتد من جني الزيتون إلى عملية الحصاد أو بناء بيت أو مسجد وحتى عمليات نسيج وحياكة مفارش وأغطية العرسان الجدد في القرى. وعمليات تحضير وغسل الصوف جماعيا من قبل النسوة، وتحضير ولائم الأعراس أو شق طريق في القرى النائية المعزولة أو ايصال الماء للقرية وتحضير الاعراس الجماعية.

تمويل البناء

وتكشف ارقام وزارة الشؤون الدينية والأوقاف أن نشاط بناء المساجد في البلاد لا يزال حكرا على العمل الخيري الطوعي بأزيد من 99% حيث يقوم المواطنون والخيرون بتمويل عمليات بناء المساجد في الجزائر ولا تتعدى مساهمة الدولة 1% فقط من المساجد الموجودة في البلاد وعددها 15000 مسجد.

وكشف الإمام والمفتي الشيخ شمس الدين بوروبي، أن التشريعات والقوانين الحالية غير مساعدة على توسيع نطاق العمل الخيري والأعمال التطوعية، فالسلطات تحت مظلة الخوف من تمدد نشاط الحركات الاسلامية المتشددة، قامت بمنع آلاف المبادرين في عمل الخير سواء لمساعدة الشباب على الزواج أو لبناء المدارس الخيرية وحتى من تقديم الدعم المادي للمحتاجين.

مراقبة دقيقة

وظلت الحكومة لسنوات عديدة تراقب بشكل دقيق قطاع العمل الخيري، خوفا من تمكن المجموعات الارهابية من بناء شبكات للدعم والإسناد، والحصول على تمويل من المجتمع تحت غطاء العمل الخيري، وتم تعويض ذلك بإنشاء وزارة للتضامن الوطني والأسرة، حيث أصبحت الحكومة هي المتدخل الأول في العملية لمساعدة الفئات المهمشة والفقيرة.

ولم ينتظر سكان تلك المناطق المحافظة، منظمة الأمم المتحدة لتحديد يوم 5 ديسمبر من كل سنة كيوم عالمي للتطوع ودعما لدوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتشجيع البلدان النامية على تحقيق اهداف التنمية للألفية بحلول العام 2015، فالمجتمعات المحلية التقليدية في الغالب ترفض الاستسلام أمام مظاهر الفقر والجوع والأمية..

وتؤكد وثائق الارشيف الفرنسي الخاصة بالمرحلة الأولى لدخول الاستعمار الى البلاد عام 1830 أن 90% من سكان الجزائر كانوا متعلمين، وأن نسبة الأمية لم تكن تتجاوز 10% فقط من مجموع السكان، وذلك بفضل جهود التضامن والتطوع وهما يمثلان ثقافة سائدة على نطاق واسع قبل الاحتلال الذي حول الجهل والأمية الى وسائل تدمير ممنهج للمجتمع المحلي.

Email