التطوع.. سمة حضارية ومشاركة إيجابيــــــــة لخير المجتمعات (1)

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتهم الغرب مجتمعاتنا العربية بأنها لا تعزز ثقافة التطوع التي من شأنها المشاركة وجدانيًا وماديًا في النوازل المجتمعية، إضافة إلى تبني سلوكيات النظافة العامة وتحسين البيئة والبناء والتنمية، إلا أن الواقع غير ذلك في أمة تعتبر إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وكذا التبسم في وجه الغير، وتدعو إلى الإيثار. وفي ظل التحولات التي شهدتها المجتمعات في شتى أنحاء العالم ومنها العربية أخيراً..

وما انعكس عليها من تغيرات سياسية واقتصادية ومجتمعية وفكرية، تواجه الحكومات كثيرًا من الصعوبات والتحديات تتجاوز قدرتها وطاقاتها، ومن هنا جاء دور العمل الطوعي والجمعيات الأهلية لتعزيز التعاون والتنمية وتوفير الخدمات جنبًا إلى جنب مع المؤسسات الحكومية. ويلاحظ أن الإسهام في عمل الخير بات له مؤسسات وجمعيات تسهم بالجهد والمال..

وتقدم المساعدات وتتبنى المبادرات الداعمة لأوجه الخير المختلفة. وهناك مؤسسات خيرية أجنبية وعربية تمتد أيادي دعمها لدول شتى في آسيا وأفريقيا. تنير بالعلم طريق من يرتعون في الأمية، وتشبع بطون الجائعين باللقمة الهنية، وتروي ظمأ العطشى بالمياه النقية، دون منٍ أو أذى. ووفق تخطيط علمي وبأسلوب حضاري تغلفه لمسات إنسانية هدفها الخير للجميع.

العمل التطوعي في البحرين ممارسة إنسانية تخدم الجميع

أصبح العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمعات كافة، ومنها البحرين، لنشر مظلة الخير بين الناس، باعتباره ممارسة إنسانية ترتبط بكل المعاني السامية..

والعمل لمصلحة البشرية، برغم الاختلاف في حجمه وشكله واتجاهاته ودوافعه من مكان إلى آخر، فمن حيث الحجم يقل في فترات الاستقرار ويزيد عند الكوارث، وشكلاً يكون جهداً يدوياً ومهنياً وتبرعاً عينياً ومادياً، ويكون تلقائياً أو موجهاً من قبل الدولة في أنشطة اجتماعية أو تعليمية أو تنموية، ودوافعه نفسية واجتماعية وسياسية.

وقد أكد الناشط الاجتماعي خالد العوضي أن العمل التطوعي إحدى قنوات التكافل الاجتماعي، سواء من خلال المؤسسات الخاصة أو الحكومية والأفراد، بالمساهمة بمشروعات النفع العام بشكل مباشر أو غيره، وعبر الدعم المادي والمعنوي، خاصة عند الكوارث بأي موقع بالعالم، سعياً لإنقاذ الناس من الهلاك وإعادة الإعمار، ويظهر ذلك بشكل جلي عند الزلازل والفيضانات وغيرها.

ويكفي ما نشاهده من جهود لأفراد في العالم، ومن ديانات مختلفة تسافر عبر الحدود لتقديم العون دون ضجيج إعلامي، ونرى بموسم الحج تدفق المتطوعين إلى مكة والمدينة والمشاعر المقدسة، ليسهموا بشكل كبير في مساعدة الحجاج، وخاصة كبار السن، بتوزيع المياه ووجبات الطعام لهم.

جهود مقدرة

وقال الإعلامي خالد موسى البلوشي: »هناك صورة قد لا يراها البعض عن جهود أفراد في العالم من ديانات مختلفة، وتسافر وتعبر الحدود والبحار لإنقاذ البشر وتقديم العون لهم، دون أن تصاحبهم عدسات الكاميرات، فالتطوع ما تبرع به الإنسان ذاتياً وله فائدته النفسية.

وينذر به الشخص نفسه لمساعدة الآخرين وخدمة لمجتمعه، وهو وسيلة لراحة النفس والشعور بالاعتزاز، ويقوي الرغبة في الحياة والثقة بالمستقبل، ومجال عمل لمعالجة المصابين بالاكتئاب والضيق النفسي والملل.

عمل إنساني

ويرى الناشط في العمل التطوعي فريد شجاعي أن التطوع من الأعمال الإنسانية السامية التي تؤثر في الفرد والمجتمع، ويمكن عن طريقها معرفة حال الفرد والمجتمع، من خلال الإقبال على العمل التطوعي، ويختلف العمل التطوعي من حيث أن يتطوع الشخص بالمال أو الوقت أو الجهد أو الثلاثة معاً.

وعن تجربته، قال: »اتجهت إلى العمل مع بعض الجمعيات الخيرية والأهلية بتوزيع المساعدات على الفقراء والمحتاجين، والمشاركة في تنظيم بعض الفعاليات، وأحب الأعمال لي هو مشاركتي مع إخواني في إحدى الحملات لخدمة ضيوف الرحمن في موسم الحج.

وقد تأثرت كثيراً لحال المجتمع والأمة، وكيف أن البعض يجهل دوره في الجهد الإنساني، وذلك ما عايشته خلال مشاركتي في أعمال تطوعية لم أنتظر أي مردود مالي من خلالها، لأنني أقوم بذلك رغبة في مساعدة الآخرين، خاصة المحتاجين«.

اهتمام رسمي من أعلى المستويـــــــــــــــــــات في الأردن

 

عشرات المبادرات التطوعية تنفذها مؤسسات ومعها أفراد بالأردن، في سياق العمل الخيري الذي اهتمت به جمعيات خيرية متعددة. وفي الآونة الأخيرة، لوحظ اهتمام مسؤولين كبار في الدولة بأمر تشجيع المواطنين على العمل التطوعي، كان آخرهم ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله، عبر كلمة ألقاها خلال حفل إطلاق مبادرة تطوّع، بمجمع الحسين للأعمال.

وهي من مبادرات صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وإنجاز، ومنظمة الأمم المتحدة، إثر جهود لمأسسة العمل التطوعي بالأردن. وتحدث الأمير عن المؤسسة، فاعتبرها وسيلة لصقل شخصيات الشباب، والتفاعل مع المجتمع، وتجهيزهم بمهارات التواصل والتخطيط والعمل بروح الفريق، وهي صفات يبحث عنها سوق العمل.

وأكد أن التطوع لا يصنع مواطناً فاعلاً فقط، بل يبني مجتمعاً متماسكاً، ويعتبر ركيزة أساسية للتكافل بين المواطنين بمختلف أعمارهم. واستذكر مشاركته بمخيم، حين قال المدرب للمتطوعين »نتاج عملنا مرهون بقدراتنا على التناغم، فعندما تشكلون شبكة مبينة على الثقة، وتتعلمون وتفكرون معاً، وتمشون درباً واحداً إلى الهدف نفسه، بصرف النظر عن المكان الذي أتيتم منه، وعن معتقداتكم وأوجه اختلافها«.

تكية أم علي

ويعتبر مشروع تكية أم علي الأنموذج الأهم للتطوع بالمملكة، إذ أثبت استمراريته بنشاطه على مدى العام، فهو مؤسسة غير ربحية، تعنى بتوزيع الآلاف من المواد العينية ووجبات الطعام على الأسر العفيفة والمحتاجة. وتستمد التكية قوتها من المجتمع، وتحظى برعاية دائمة ومستمرة من الأميرة هيا بنت الحسين.

وتنتشر أعمال التطوع بصورة مثيرة للإعجاب، وتقوم عليها جمعيات خيرية، بعضها مرخص للغاية. وتقول الخبيرة في شؤون العمل الطوعي أحكام الدجاني: »الجيل الشاب عرف العمل التطوعي حتى وإن لم يشارك فيه، فطلاب الجامعات هم أكثر أبناء الجيل اقتراباً من عمل الخير. وتشمل الأعمال التطوعية بالجامعات الكثير من النواحي..

ومنها مساعدة الطلبة على الدراسة«. ويبرز في جانب التطوع طلاب الكليات والتخصصات العلمية، ومنها الهندسة، وتحديداً في السنتين الأولى والثانية لحياة الطالب الجامعية.

وتشمل الأعمال التطوعية في العادة التنظيف والحملات المتنوعة وإذاعات التوعية ومبادرات خارج المدارس، كزيارة الأيتام والمعاقين والمسنين وإقامة المسابقات والتواصل مع الجمعيات الخيرية، والتعرف إلى أهدافها ومشاركتها أعمالها الخيرية، بتشكيل لجان تطوع يبدأ عملها من المدرسة والجامعة، وتنتقل لخدمة المجتمع في كل وقت.

مبادرة مدرستي

ومن بين المبادرات المهمة في العمل التطوعي »مدرستي« التي تقوم على متابعة أحوال المدارس الحكومية والعمل على صيانتها وتجهيزها وتنظيفها. وتحظى باهتمام ومتابعة الملكة رانيا العبدالله، وتشجيع المؤسسات الوطنية والقطاع الخاص.

وأكثر المقبلين على التطوع هم النساء، ومعظم الفئات المتلقية له كذلك نساء. وترد الدجاني ذلك إلى أن المرأة عادة هي أكثر الفئات الاجتماعية تعرضاً للمعاناة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها المملكة. والكثير من النساء خاصة صغيرات السن، يتجهن إلى العمل الخيري، رغبة منهن في مساعدة الأخريات.

" بكرة أحلى"  مبادرة تطوعية لمساعدة أطفال غزة

يعتبر العمل التطوعي إحدى ركائز التنمية الاجتماعية والبشرية في أي مجتمع، لأنه يستطيع توظيف طاقات الشباب فيما يخدم كافة قضاياه، ولذلك فالمجتمعات بحاجة الى تعميم ثقافته باعتباره مسؤولية وطنية تأتي من خلال دور المؤسسات المحلية المؤثر في المجتمع سواء الأهلية أو الخاصة وحتى الحكومية..

وهناك مجتمعات وضعت قوانين خاصة به موازية للخدمة الاجتماعية أو الوطنية لضمان حقوق المتطوع، وعلى الرغم من الإيجابيات التي من الممكن جنيها من التطوع، إلا أن هناك جوانب سلبية تتمثل في استغلال المؤسسات المحلية للمتطوعين.

و»بكرة أحلى« مبادرة أطلقها مجموعة من الشبان في غزة بهدف مساعدة الأطفال خلال وبعد العدوان الذين تعرضوا للعديد من الصدمات النفسية.

يقول الناشط الحقوقي محمد لافي منفذ المبادرة »إن هدف الفكرة هو الترفيه عن الأطفال بالمناطق الحدودية، وعقد جلسات للتفريغ النفسي خلال وبعد العدوان«، وقد استضفنا حوالي مئة طفل من الجنسين بصالة ناد في رفح، ونفذت أنشطة ترفيهية عديدة كالرسم وتقديم المقاطع المسرحية المسلية، والألعاب المختلفة..

فقد كان تأثير العدوان كبيراً على نفسية الصغار، لذا حاولنا تغيير الأجواء التي عاشوها عبر البرامج البسيطة التي وضعت، الأمر الذي لاقى إقبالا كبيرا من المشاركين لفئات بين ستة وحتى 12 عاما، وقاموا بسرد حكاياتهم وقصصهم خلال الحرب، واختتمت المبادرة بعد الحرب برحلة ترفيهية لأولئك البراعم.

إغاثة وطوارئ

وللتطوع وجوه أخرى، لا تقتصر على جانب واحد، فالعدوان الأخير على غزة فجر طاقات المتطوعين بدافع إنساني لمساعدة النازحين والناجين من القصف، ويقول الناشط المجتمعي يوسف غريب أحد المشاركين في مبادرة لجنة الإغاثة والطوارئ الشبابية، »تشكلت مبادرتنا في الأيام الأولى للعدوان من مجموعة أصدقاء، بهدف مساعدة الأسر التي تضررت ..

وذلك مطلع شهر رمضان، خاصة الذين ليست لديهم القدرة على توفير احتياجاتهم اليومية. واستطعنا جمع مبالغ من المال وحضرنا وجبات للإفطار والسحور للنازحين بالمدارس، رغم صعوبة الموقف خاصة وتحركاتنا كانت في ظل اشتداد الغارات على منازل المواطنين«.

ويوضح »حسب علاقاتنا مع أصحاب المحال التجارية وبعض التجار استطعنا توفير الاحتياجات الأساسية لبعض المواطنين، وبعد انتهاء رمضان، قمنا بالتواصل مع نقابة الحلاقين وأقمنا يوما مفتوحا لقص شعر كل فرد من أطفال المدارس. وشملت مبادرتنا حملات نظافة في المدارس وإحضار سيارات المياه لتوزيعها على النازحين«.

وتقول الناشطة حنان الريفي والتي مارست العمل التطوعي منذ 10 سنوات بمختلف مؤسسات المجتمع المدني في غزة، »لدي اهتمام كبير بالتطوع والعمل الإنساني، ورغم أن الجميع كان مندفعا للتطوع إلا أنه عكس جوانب سلبية عدة، منها استغلال بعض المؤسسات لجهود المتطوعين«.

والتطوع يسهم في تفجير قدرات الشباب وهم يستفيدون منه ويفيدون المجتمع، وعبر مؤسسات تعنى بقضايا المجتمع، شرط ألا يتم استغلالهم بحجة التوظيف، وعليه لابد من إخضاع العمل التطوعي لرقابة من قبل المسؤولين حتى لا تستغل قدرات وطاقات شباب المتطوعين.

أزمة كبيرة

تواجه الشباب من المتطوعين إشكاليات عدة، نظرا لتفاقم أزمة البطالة، وآلاف من الخريجين العاطلين عن العمل، الذين يبحثون عن فرصة للتطوع على أمل الحصول على وظيفة مستقبلاً.

وتقول مديرة مؤسسة أضواء للتدريب والتنمية البشرية بسمة أبو شليح، إن العملية التطوعية بمجتمع غزة، تشهد أزمة كبيرة لأسباب مختلفة، منها بحث المتطوع عن فرصة عمل في ظل انعدام الوظائف، واستغلال بعض المؤسسات لطاقات الشباب..

ومن خلال مؤسستها تحاول العمل بتوازن فيما يخص التطوع، كالتنسيق مع مؤسسات أخرى لتعزيز مهارات الخريجين أو طلبة الجامعات الذين ينضمون إلى دورات المؤسسة، وتضيف بسمة أحاول صقل قدراتهم والاستعانة بهم، وبالتالي أكون قد قدمت عملاً مفيداً لهم وللمؤسسة.

عدم اهتمام

أظهرت نتائج دراسة عن الشباب والعمل التطوعي في فلسطين للباحث عمر رحال، تراجع العمل كبيرة بعد ل ، ولتلاشي لإ ، ا تلك . و ع ، ل فيه ل ، ا في غنى . وأدت عدم المشاركة مبادرات التطوع وبأي شكل كان.

تطور متنام في بريطانيا وبخطى متسارعة

 

 يملأ العمل التطوعي في بريطانيا مساحات واسعة من مجالات الخدمات الاجتماعية والعلمية والصحية والبيئية التي لا تستطيع الدولة تقديمها بدرجات كافية، رغم ما توفره من مستوى عال بالرعاية الطبية المجانية للمواطنين كافة، عبر مؤسسة الخدمة الصحية الوطنية، التي أسست بعد الحرب العالمية الثانية.

ورغم ما يتلقاه الفقراء والعاطلون عن العمل منهم وكبار السن من رعاية اجتماعية وإعانات ومساعدات، إضافةً إلى التعليم المجاني في مدارس الدولة.

ويكثر عدد المتطوعين الذين يعملون وفق خبراتهم بلا مقابل مادي لمنفعة الآخرين بطرق شتى أو لفائدة البيئة بما تمثله وتعنيه من محافظة على النباتات والطيور والحيوانات ونظافة الأراضي المشاع والحدائق العامة ونظافة الهواء وتخفيف التلوث البيئي بكل أشكاله ومصادره.

تعرفت على مدى سنين في بريطانيا معرفة مباشرة بمتطوعين ومتطوعات عديدين سخروا خبراتهم واستخدموا مهاراتهم لفائدة الآخرين. وتعتبر البروفيسورة جيليان ستامب التي عملت أستاذة للتنظيم والعلوم الاجتماعية في جامعة برونيل وتعمل الآن مستشارة لحكومات ومؤسسات بريطانية وأميركية وبالهند وجنوب أفريقيا وسنغافورة وغيرها تقوم بمهمات تطوعية عديدة سنوياً منها..

تقديم الطعام للفقراء والمشردين أيام عيد الميلاد ووضعه على طاولات أمامهم ومشاركتهم فيه وتجاذب أطراف الحديث معهم. وتقضي رئيسة الممرضات المتقاعدة جل كولينز قرابة الشهرين كل سنة في الهند ..

حيث تمارس التمريض مجاناً وتعلم الممرضين والممرضات ما جمعته من مهارات وخبرات. وهي تطلب من اصدقاء عائلتها التبرع مالياً بما يستطيعون قبل كل رحلة من رحلاتها لشراء أدوية ومستلزمات طبية لتستخدمها هناك أو تهديها للمستوصفات التي تعمل فيها.

وتبرعت مارينا بانكس أخيراً بثلاث ساعات من وقتها مرتين اسبوعياً، تطوعاً عن طريق منظمة مختصة بتعليم الأطفال المتأخرين في اجادة القراءة، بمساعدة صغار تتراوح أعمارهم بين 7 و9 سنوات لإجادة القراءة واللحاق بالمتقدمين عليهم بمدرسة ابتدائية في حي شين قرب حديقة ريتشموند في جنوب غرب لندن.

وقد عرفنا على مر السنين الماضية أيضاً متطوعين ومتطوعات يقدمون جهودهم وجزءاً من أوقاتهم لجمعيات خيرية مسجلة في بريطانيا مثل »ميديكال ايد فور بالستاين« (العون الطبي لفلسطين). ويساعد هؤلاء في تنظيم الحفلات الخيرية السنوية لجمع التبرعات التي ترصد لشراء أدوية ومعدات طبية للمستشفيات في الضفة الغربية وقطاع غزة، والقيام بأعمال اخرى لفائدة الجمعية.

منظمات مختلفة

هنالك الكثير من المنظمات التي تعمل بمجال العمل التطوعي، وتختار المتطوعين في بريطانيا وتوفر لهم فرص الخدمة المناسبة لخبراتهم ومهاراتهم وأبرزها منظمة ريتش التي تعمل مع 10 آلاف جمعية خيرية في أنحاء المملكة المتحدة وتعرف احتياجاتها.

والدافع لدى المتطوعين للقيام بمهامهم يكون مؤسساً على قيم أخلاقية سامية، وشعور بضرورة مساعدة من هم أضعف أو أفقر أو أقل حظاً أو من لحق بهم حيف وظلم ومرض. وكثير من الطلاب والطالبات الجامعيين يخصصون سنة بعد نيل شهاداتهم الجامعية الأولى للسفر إلى بلدان بعيدة، مثل بيرو أو نيبال وغيرهما، على حسابهم..

للعمل مع عائلات فقيرة في رعاية الحيوانات أو مشاركتهم في الحصاد وجني الثمار والعيش معهم في بيوتهم، مهما كانت بدائية، للتعرف إلى أسباب فقرها وصعوبة حياتها والتأمل في سبل توفير مستوى معيشي أفضل لها.

وفي بريطانيا نفسها يتطوع كثيرون مجاناً لمساعدة كبار السن المقيمين في بيوت العجزة والمسنين باتباع برامج منظمة كإدارة مجموعات قراءة الكتب وما يدور فيها من نقاش، وتنظيم مشاوير مشي وألعاب طاولة كالورق والشطرنج.. وهناك من يكرسون وقتهم لمساعدة المصابين بمرض الزهايمر، وشراء الحاجيات للمقعدين والمسنين.

ولا يذهب المتطوع رأساً إلى الجهة التي يريد مساعدتها، بل عبر قناة منظمات وتفرز المتطوعين حسب مهاراتهم وتخصصاتهم أو المجالات التي يحبذونها، وتعثر لهم على الفرص المناسبة وفي أماكن قريبة من بيوتهم.

عطاء بلا مقابل

التعريف الأكثر شيوعاً في بريطانيا للعمل التطوعي هو أي نشاط يشتمل على إنفاق الوقت من دون أجر وعمل شيء يفيد الآخرين أو البيئة ويعتبر التزاماً من الناس بإعطاء وقتهم وطاقتهم للصالح العام.

وصارت كلمة تطوع في القرن التاسع عشر تشير لمنظمات متنوعة تعمل لمساعدة المحتاجين. وفي القرن الماضي ظهرت أندية اعضاؤها رجال أعمال أثرياء سخروا ما لديهم لفائدة المجتمع. ونما فيه التطوع في بريطانيا عبر حربين عالميتين، وتطوع كثيرون للعناية بالجرحى والترفيه عنهم. ويبقى التطوع في بريطانيا عالماً رحباً يتطور وينمو باستمرار وينظم ويعاد تنظيمه لتحسين جدواه.

Email