أوضاع متردية وحوادث ضحيتها تلاميذ ومطالبات بمحاسبة الوزير

بداية مؤلمة للعام الدراسي في مصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

«مصرع طالب سقطت عليه بوابة المدرسة، ومقتل تلميذ وإصابة آخر بمدرسة في أطفيح دهستهما سيارة التغذية المدرسية، تصريح بدفن جثة أحدهم قتله زملاؤه بمدرسة في المنيا، مصرع طالب تحت عجلات قطار في البحيرة، ومصرع تلميذ بمدرسة عمار بن ياسر الابتدائية في المطرية سقط عليه زجاج النافذة»، يوم مأساوي في التعليم.. إصابة 148 تلميذاً بالغدة النكافية و35 حالة جدري مائي..

وفاة معلم وطالبين وإصابة تلميذتين في حادث بالمنيا.. تلك بعض عناوين لصفحات الحوادث في صحف القاهرة خلال أسبوع واحد. والقاسم المشترك الأعظم فيها هو الإهمال المتواصل من جانب القائمين على العملية التعليمية وما يتسبب فيها من كوارث تحصد أرواح تلاميذ أبرياء. كل ذلك حدا بكثيرين لتوجيه أصابع الاتهام إلى وزارة التربية والتعليم وفي مقدمتها ليس لإهمالها حتى جرى ما جرى، بل لسلبيتها وتنصلها من مسؤولياتها.

وعلى الرغم من أن العام الدراسي قد بدأ فعلياً قبل أسابيع، فإن مسلسل الكوارث التي تطال التلاميذ لايزال مستمرا ويتواصل بوتيرة أسرع وصورة أبشع. البداية كانت مع الطفل يوسف محمد يحيى أو كما لقبه الإعلام بـ«ذبيح المطرية»..

وهو تلميذ بالصف الثالث الابتدائي، ودعته أمه في ثاني أيام العام الدراسي باكراً ليذهب إلى مدرسته وهي عمار بن ياسر الابتدائية بالمطرية، دون أن تعلم أنه سيكون اليوم الأخير له في مدرسته وفي حياته، فمع تكدس الفصل بالتلاميذ، وارتفاع درجة الحرارة حاول التلميذ فتح النافذة، إلا أنه فوجئ بزجاجها يتساقط مباشرة على عنقه فأصابه بجرح قطعي برقبته في مشهد مروع. ومن إهمال المدارس إلى إهمال المستشفيات، فقد أسلم الطفل الروح إلى بارئها تاركاً أباه وأمه مكلومين من الصدمة.

المأساة لم تتوقف عند يوسف فقط، إنما لحق به الطفل يوسف سلطان عبدالكريم، 6 سنوات، التلميذ بمدرسة الزغيرات الابتدائية التابعة لمركز النجيلة بمحافظة مطروح أثناء وجوده في الفناء، في حصة التربية الرياضية، حيث فوجئ بباب المدرسة الحديدي يسقط عليه بغتة، فلقي مصرعه على الفور في مشهد مروع أصاب زملاءه الصغار بصدمة عنيفة.

وكأن كل تلك الحوادث لم تكن كافية ليبادر القائمون على وزارة التربية والتعليم بإصلاح الخلل على أرض الواقع وعدم الاكتفاء بالتقارير الورقية التي تؤكد أن كل شيء على ما يرام، ليتكرر المشهد الكارثي مجدداً في مدرسة قرية أم سعدون الابتدائية بمحافظة الشرقية، حيث أصيبت تلميذتان بالصف الأول الابتدائي عندما سقطت عليهما بوابة المدرسة، أثناء تدافع الطلاب للخروج عقب انتهاء اليوم الدراسي.

وبين غياب آخر للإشراف أو تعمد غيابه، لقي الطفل حسن هاني الطالب بمدرسة عثمان بن عفان في مدينة السلام، مصرعه، إثر انزلاقه على سلم أحد مباني المدرسة وسط غياب وإهمال المدرسين، ما تسبب في إصابته بكسر في الجمجمة ووفاته على الفور.

وفي مشهد مروع آخر وليس أخيرا، لقي الطفل أدهم محمد أحمد بمدرسة أمين النشارتي بإدارة أطفيح التعليمية بمحافظة الجيزة مصرعه بعد أن دعسته سيارة التغذية المدرسية، وأصيب الطفل إبراهيم وليد في المدرسة نفسها بإصابات خطيرة إثر الحادث نفسه.

إهمال مادي وإداري

«بين إهمال المدارس وفساد المنظومة التعليمية من الأساس وغياب العقاب الرادع للمسؤولين الذي لا يتعدى إيقاف مدرس عن العمل أو إحالة مدير مدرسة إلى التحقيق، أصبحت حياة التلاميذ في مهب الريح بين تعليم فاسد وموت ينتظرهم على أبواب المدارس»..

هكذا تحدث الخبير والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية دكتور كمال مغيث، مؤكداً أنها حوادث مأساوية، وللأسف تتكرر يومياً دون رادع حقيقي، وسببها الأساسي الإهمال على المستويين المادي والإداري، فالوزارة لا تملك الإمكانيات المادية الكافية لإجراء أعمال الصيانة التي تضمن أمن وسلامة العملية التعليمية، ونجد إدارياً حالة كبيرة من الفوضى والعشوائية وغياب كامل للرقابة الإدارية والتعليمية .

والمسؤول الأول والأخير عن تلك الحوادث، وزير التربية والتعليم، وقراراته بإيقاف مدرسين، أو إحالة مدير كنوع للتنصل من المسؤولية، وليس من صلاحيات المدرسين أو المدير التأكد من صيانة المدرسة، فهناك هيئة الأبنية التعليمية تابعة للوزارة وتضع جدولا لتحديد المدارس ثم إرسال مندوبين للتأكد من سلامة الأبنية والأسوار والأبواب ومدى مطابقتها للمواصفات، وبعدها إرسال تقارير للوزارة عن حالة المدارس، وفي حال وقوع حوادث، تكون الهيئة مسؤولة أمام الوزارة عن ذلك، ويحال الأمر إلى التحقيق ويتم محاسبة أفراده.

Email