الغلاء يفترس لحوم الخرطوم

أسعار اللحوم تواصل القفز

ت + ت - الحجم الطبيعي

من دون سابق إنذار، يفاجأ السودانيون بين فترة وأخرى بزيادات كبيرة لا قبل لهم بها في أسعار كل السلع لاسيّما الضرورية منها، ففور انقضاء شهر رمضان المعظّم انتفضت الأسواق وكشّرت عن أنياب حادة لا ترحم تفرغ كل ما في جيوب مرتاديها على فراغها الفقر غول معدّلاته في قفز مستمر.

وفي ظل الغلاء الطاحن الذي لم تخف وطأته في السودان سنوات عدّة، شهدت أسعار اللحوم ارتفاعاً حاداً حرم الكثير من الأسر السودانية أفضل ما كانت تقتات من مأكولات شعبية، إذ بلغ سعر الكيلو غرام الواحد من لحوم الضأن 90 جنيهاً، فيما بلغ سعر الكيلو غرام الواحد من اللحم البقري 65 جنيهاً محطّماً بذلك اسطورة امتلاك السودان أضخم قطيع حيواني في المنطقة، بينما أعلنت جمعية حماية المستهلك السودانية عن حملة مقاطعة عامة لشراء اللحوم ستنتظم العاصمة الخرطوم والولايات الأخرى.

شكاوى أسعار

وشكا الكثير من السودانيين خلال جولة لـ «البيان» ببعض أسواق العاصمة الخرطوم من دوامة الارتفاع المستمر في كل السلع بما فيها اللحوم التي هجرها الكثيرون لغلاء أسعارها، معربين عن سخطهم من السلطات الحكومية المختصة إزاء فشلها في كبح جماح الأسواق على حد قولهم، معتبرين زيادات أسعار اللحوم غير مبرّرة، لاسيّما وأنّ سعر الكيلو من اللحم البقري قبل عيد الفطر كان 45 جنيهاً وسعر كيلو الضأن 60 جنيهاً، إلّا أنّها قفزت بشكل ملحوظ عقب عطلة العيد إذ وصل سعر اللحم البقري 65 جنيهاً وبلغ سعر الكيلو من الضأن90 جنيهاً، مشيرين إلى أنّهم فقدوا الخيارات والبدائل مع ارتفاع أسعار البقوليات بعد بلوغ سعر كيلو العدس 20 جنيهاً مما يضعهم أمام خيارات أحلاها مر.

قلّة وارد

ويرجع بدر الدين جزار بسوق 4 بمنطقة بري بالخرطوم الارتفاع الجنوني الذي تشهده أسعار اللحوم إلى قلّة الوارد من الذبيح للعاصمة الخرطوم، لاسيّما في فصل الخريف حيث تعيق الأمطار حركة وصول وارد الماشية للخرطوم، خاصة وأنّ غالبية ما تستهلك الخرطوم من اللحوم يأتي من مناطق بعيدة تنعدم فيها الطرق المعبّدة، ويضيف بدر الدين قائلاً: «ذهاب المواشي لأماكن بعيدة في موسم الخريف يقل من الوارد للأسواق وبالتالي ارتفاع أسعار اللحوم»، فيما يضيف جاره عمر أنّ الارتفاع يعود إلى الإقبال الكبير والطلب العالمي على اللحوم والمواشي السودانية حيث إنّ الآلاف من المواشي السودانية يتم تصديرها يومياً.

حملة مقاطعة

بدوره، يقول رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك د. نصر الدين شلقامي في تصريحات لـ «البيان»، إنّ «الجمعية بصدد إطلاق حملة كبرى لمقاطعة اللحوم، لاسيّما وأنّ أسلوب المقاطعة أثبت فعاليته خلال حملتين نظمتهما الجمعية خلال الفترة الماضية، حيث وجدت استجابة تقدر بنحو 50 – 60 في المئة من المستهلك بولاية الخرطوم، مشيراً إلى أنّه وبعد عدة سمنارات عقدتها الجمعية توصّلت إلى أنّ أبرز مسبّبات الغلاء والارتفاع المستمر لأسعار السلع في السودان يعود لإلغاء قانون الرقابة علي السلع الذي تحدّد بموجبه الأسعار عقب تطبيق سياسة الاقتصاد الحر في العام 1992، الأمر الذي جعل الكل يسعّر بضاعته وفق هواه.

وأبان شلقامي أنّ الجمعية لجأت إلى أساليب أخرى تتمثّل في السعي لتفعيل قانون منع الاحتكار ووضع ديباجة على أسعار السلع غير أنّها لم تجدِ نفعاً، ما اضطرهم إلى اللجوء للمقاطعة مع وضع البدائل.

Email