صعود عَجول إلى الهاوية

سحر.. من تفريج الأزمة إلى ظلمة السجن

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تكن تعلم أن حلمها بالثراء السريع هروبا من جحيم الفقر والمجاعة التي تعيشها أسرتها، سوف يسحرها ويقودها إلى غياهب السجن ويدمر مستقبلها، بعد أن سلكت عبرها حلم وسيلة رخيصة للربح من خلال المتاجرة بالأقراص المخدرة.

سحر م فتاة دون الثلاثين من عمرها، ظلت تحلم بطوق نجاة تتعلق به، لينتشلها من بيئتها الفقيرة إلى عالم الثراء والدعة والراحة ، وكان مجموع درجاتها المتواضع في الثانوية العامة قد قادها إلى الالتحاق بمعهد الخدمة الاجتماعية حيث الدراسة لمدة أربع سنوات، وبعد التخرج بدأت فصول الضياع والبؤس استمرارا لما عاشته منذ طفولتها، حيث لا عمل يتفق وطموحاتها حتى تحصل على المال .

أثناء فترة دراستها بالمعهد، تعرفت سحر على فتاة تدعى سهام والتي كانت غريبة الأطوار، فملابسها وتصرفاتها وطريقة كلامها لا تنم سوى عن فتاة نشأت في بيئة مختلفة تمامًا من التحرر والانطلاق، ومع الوقت توطدت العلاقة بينهما، لتبدأ سهام في اقناعها بضرورة السير على خطاها وعدم الاهتمام بكلام الناس، إلا أن خوف سحر من شقيقها الأكبر حال دون تحقيق ذلك.

ومرت الأيام وانتهت مرحلة الدراسة، لتخرج سحر وتجد الواقع المؤلم في انتظارها، فهي شقيقة لثمانية أولاد، والدتها مريضة بمرض خطير ،ووالدها مجرد عامل بسيط .

وذات يوم تلقت سحر اتصالاً من صديقتها لتطمئن عليها ، وسرعان ما أخبرتها عن مرض والدتها وسوء الظروف المادية التي تعيش فيها ، وعدم قدرة أسرتها على توفير أدنى متطلبات الحياة ونفقات العلاج ، لتخبرها صديقتها عن فكرة شيطانية ستفتح لها أبواب الثراء، إذا وافقت على العمل.

لم تتردد الفتاة للحظة واحدة ، ولم يتغير موقفها عندما علمت ان العمل سيكون في تجارة المخدرات ، ويكفي ان صديقتها أقنعتها أن العملية سهلة للغاية وسوف تجني منها الكثير من الأموال لتحقق كل أحلامها.

حب المال

بدأت سحر المشوار بعد أن أعطتها صديقتها كمية من الأقراص المخدرة وهاتفا محمولا ، حتى تكون على تواصل مستمر معها،لأن صديقتها بات وجهها مألوفا لدى الشرطة، ولديها سجل في مباحث المخدرات، بينما سحر ذات وجه جديد تمامًا، واتفقت الفتاتان على أن يقتسما في النهاية أي مكسب من تجارتهما المحرمة.

ومرت الأيام وامتلكت سحر مبلغا من المال نتيجة قيامها بتوزيع الأقراص المخدرة على الزبائن، ما شجعها على العمل أكثر لجنى المزيد من المال. فقررت الانفصال عن صديقتها، لتشق الطريق بمفردها، وبالفعل قامت بالحصول على البضاعة وتوزيعها بنفسها، فتضاعفت أرباحها وزادت أموالها.

فتملكها الطمع ، ففكرت - بدلاً من توزيع الأقراص على الزبائن، القيام بتقديم الأقراص وبكميات كبيرة إلى بعض الصيدليات التي تبيع الحبوب المخدرة لزبائنها، فأخذت تسافر إلى محافظات بعيدة لتشتريها من هناك بأسعار رخيصة قبل أن تعود لبيعها لأصحاب الصيدليات في مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية شمال مصر.

وتبعثر الحلم

وبالفعل حققت سحر أرباحًا مضاعفة إلا أنها في الوقت ذاته أصبحت وجها مكشوفًا لرجال الشرطة بالشرقية، بعدما وصلت معلومات لهم عن فتاة تتاجر بالأقراص المخدرة وتوزيعها على الصيدليات في العاشر من رمضان، فتمت مراقبتها وفرض كمين عليها، حتى تم ضبطها وبحوزتها كمية من الأقراص المخدرة، ومبلغ من المال، وهاتف محمول.

وبمواجهة النيابة لها، انهارت واعترفت وأبدت ندمها على سيرها في طريق مدمر، لم يسلكه أي فرد من أسرتها يومًا ، وقالت إن بحثها عن الثراء السريع قادها إلى طريق الحرام، حيث أغراها الشيطان فوجدت بالتجارة اللعينة منفذًا لها من الفقر الذى تعيشه.

واختتمت حديثها: "كنت أعلم أن حب المغامرة سينهي حياتي بشكل درامي، وغياهب السجن أسوأ نهاية يتمناها أي شخص، وأرى ان الموت أهون لي من عذاب الضمير ".

Email