لقاء سنوي بين أسراب أسماك الببغاء وزرافات أهالي جازان
مهرجان الحريد.. متعة الصيد الجماعي في فرسان
يتهيأ أهالي جزيرة فرسان الساحرة في منطقة جازان بجنوبي السعودية لاستقبال فعاليات مهرجان الحريد السنوي الحادي عشر، الذي تستضيفه المحافظة اليوم ويشكل عرسا سنويا للجزيرة الآسرة لقلوب الكثيرين من عشاق السياحة البحرية والصيد التي تصاحبها صيحة كبير الصيادين الذي يطلقها بأعلى صوته الضويني.
والحريد اسم نوع من الأسماك المرجانية التي تشبه في شكلها الخارجي طيور الببغاء واسمها باللغة الإنجليزية سمك الباروت والتسمية العلمية للحريد سمك الببغاء نظرا إلى شكل الفم الخارجي له ولتنوع الألوان الجميلة التي يظهر عليها هذا النوع من الأسماك، والذي يعتبر الأجود في مياه البحر الأحمر، حيث يحتوي على كمية كبيرة من اللحم الأبيض، ومذاق فريد وخاصة المشوي منه .
وفور سماع المحتشدين لدوي الطلق الناري لأميرهم محمد بن ناصر بن عبد العزيز، إيذانا بانطلاق فعاليات المهرجان يركض عشرات الصيادين شيبا وشبابا من أولئك المنتظرين على شاطئ البحر الأحمر، نحو المياه وهم يطلقون أهازيج الصيد حاملين معهم شباكا صغيرة على شكل اكياس "الأدوال كما يسميها الفرسانيون" ليجمع فيها كل واحد منهم ما يستطيع من سمك الحريد، وسط أجواء مليئة بالفرح والسرور.
ويعتبر موسم صيد سمك ببغاء البحر من الظواهر التي تتكرر سنويا في جزيرة فرسان عند منطقة الحريد، وتقع في ساحل حصيص؛ وذلك خلال أبريل ومايو حيث يأتي سمك الحريد دائما على شكل مجموعات يسميها الفرسانيون بالسواد وجمعها أسودة أما الصغيرة فيطلقون عليها القطعة.
وقال شيخ صيادي الأسماك بجزيرة فرسان الشيخ عبدالله نسيب لـ"البيان" ان الاهالي يحددون موعد قدوم الحريد إلى الجزيرة من خلال انبعاث رائحة مميزة تسمى "بوسي"من سواحل البحر بعد غروب الشمس وهي رائحة بيوض الشعاب المرجانية الملساء، التي تتكاثر في نهاية أبريل وبداية مايو من كل عام وتحديدا في المساء عندما يبدأ القمر في التكامل.
ويحتفل الفرسانيون بماراثون الحريد سنويا وسط أهازيج الصيادين في تقليد سنوي توارثوه عن آبائهم وأجدادهم على مدى مئات السنين ، ويشاركهم أمير منطقة جازان محمد بن ناصر بن عبد العزيز والسياح الذين يتوافدون إلى المنطقة بشكل متواصل الفرحة بهذا الحدث التراثي الكبير ، فيما تبدأ السلطات المحلية بتسيير عدد من الرحلات لسفينتي نقل الركاب بين ميناءي جازان وفرسان، تزامناً مع انطلاق فعاليات المهرجان .
ممر ضحل
ويقول عبد الله نسيب إن ملايين الأسماك تمر في رحلة سنوية عبر ممر ضحل بخليج الحصيص، وهو ما بات يعرف بشاطئ انتحار الحريد. وسبب تواجد ذلك النوع من السمك والذي لا يتجاوز طوله 40 سم ويخلو من الأشواك إلى أنه سمك مهاجر، ويصل إلى الجزيرة بحثاً عن الدفء ووضع بيضه، خاصة والموقع الذي يوجد فيه عبارة عن جبال ومياه ضحلة دافئة تساعد على عملية وضع البيض فيها.
ولدى أهالي الجزيرة عادات ضاربة في القدم تتعلق بذلك اليوم الذي يحتفلون فيه بموسم صيد الحريد حيث ينشدون الأهازيج ويؤدون الرقصات الشعبية، على اعتبار انه يوم له أهمية كبيرة في ثقافتهم وتقاليدهم،لان الحريد يأتيهم دائما على شكل مجموعات كبيرة.
ونجح الأمير محمد بن ناصر في توظيف الإرث التاريخي العتيد للأهالي وجعل منه مهرجانا سياحيا وشعبيا مشهودا، يشد له الرحال من مختلف أرجاء المملكة ومن دول الخليج المجاورة، واستقطب أيضا الاعلام المحلي العربي والدولي للمنطقة، والتي تشهد حاليا حراكا تنمويا واقتصاديا لافتا وتبذل الهيئة العامة للسياحة والآثار، بالتعاون مع مجلس التنمية السياحية والاتحاد السعودي للرياضات البحرية، جهودا حثيثة لتطوير فعاليات الحريد عاما بعد عام .
موقع الفعاليات
جهز موقع الفعاليات المصاحبة في شاطئ جنابة بمسرح مفتوح، ومعرض للحرف ومطاعم شعبية للأسماك وبرامج متنوعة من مسرحيات وألعاب خفة ومسابقات أطفال، وفرق إنشادية ورسم حر وزفة الحريد، وعروض شعبية وسباقات بحرية للقوارب الآلية، ومنافسات لصيد أكبر سمكة، واستعراض الدبابات البحرية، والسوق الشعبي وعروض الحرفيين.
