فصائل المعارضة ترفض أي ترحيل للمدنيين

قصف غوطة دمشق يسابق نقاشات مجلس الأمن

سوريون في أحد الأحياء التي تعرضت للقصف في الغوطة الشرقية | أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتواصل قصف قوات النظام السوري الجوي والمدفعي للغوطة الشرقية قرب دمشق، لليوم السادس على التوالي، واشتدت وطأة القصف بالتزامن مع نقاشات مجلس الأمن الدولي في محاولة للتوصل إلى هدنة إنسانية لمدة شهر. وقتل 32 مدنياً أمس، لتصل الحصيلة إلى 436 قتيلاً مدنياً بينهم 99 طفلاً، كما أصيب أكثر من ألفين آخرين بجروح، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وسجلت في مدينة دوما، أبرز مدن الغوطة، الحصيلة الأكبر أذ قُتل فيها 13 مدنياً. وبالإضافة إلى القتلى الذين وثقهم المرصد، لا يزال كثيرون عالقين تحت أنقاض الأبنية المدمرة فضلاً عن جرحى منتشرين في المرافق الطبية التي لم تسلم من القصف.

في مستشفى في مدينة دوما، وفور وصوله بعد إصابته بإحدى عينيه، سارع الطفل قاسم الكردي إلى سؤال الطبيب «هل سأرى مجدداً»؟، وقد غطت الدماء وجهه. وقال أبو مصطفى «ما يحدث معنا يُبكي الحجر، لا يوجد أحد لا يفقد يومياً شخصاً أو اثنين من عائلته». وفي مدينتي دوما وحمورية، أفاد تقارير عن اندلاع حرائق ناتجة من القصف. وفي أحد أحياء دوما، بادر سكان إلى استخدام أواني الطبخ لإخماد أحدها.

قصف العاصمة

وتقول الحكومة السورية إن العملية في الغوطة هدفها وقف إطلاق القذائف على العاصمة. وقتل أمس شخص وأصيب 15 آخرون بعد استهداف حي ركن الدين في دمشق بقذيفة صاروخية، واستهدفت قذيفة صاروخية مشفى الطب الجراحي في شارع بغداد بدمشق، ما أسفر عن أضرار كبيرة في قسم العناية المشددة، حسب الإعلام.

ولا يعلق أهالي الغوطة الشرقية آمالاً كثيرة على المجتمع الدولي والأمم المتحدة. وقال أبو مصطفى «لم يقدموا لنا شيئاً، الأمم المتحدة قلقة، فرنسا تستنكر ولا تقدم شيئا (...) الأمم المتحدة متخاذلة».

وتقول منظمات خيرية طبية إن الطائرات قصفت أكثر من عشرة مستشفيات الأمر الذي يجعل مهمة علاج المصابين شبه مستحيلة. وذكر المرصد ومقره بريطانيا أن طائرات الحكومة ومدفعيتها استهدفت دوما وزملكا وبلدات أخرى في الجيب في الساعات الأولى من صباح الجمعة. وأفاد شاهد عبر الهاتف من دوما أن القصف الذي حدث في الصباح الباكر هو الأشد حتى الآن. وقال ساكن آخر يدعى بلال أبو صلاح في بلدة حمورية إن القصف استمر ‭‭‭‭«‬‬‬‬مثل الأيام الأخرى‭‭‭‭»‬‬‬‬. وأضاف «عندما يتوقف القصف لبضع دقائق تخرج سيارات الدفاع المدني إلى الأماكن التي استُهدفت. ويعملون على رفع الركام من الطرق».

وقال الدفاع المدني في الغوطة الشرقية إن عماله هرعوا لمساعدة المصابين بعد الضربات على بلدة حمورية. وتقول خدمة الطوارئ التي تعمل في أراض تحت سيطرة المعارضة إنها انتشلت المئات من تحت الأنقاض في الأيام القليلة الماضية.

حلب أخرى

ويُذّكر ما يحصل في الغوطة الشرقية بمعركة مدينة حلب في العام 2016، التي انتهت بإجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين من الأحياء الشرقية التي حوصرت لأشهر عدة، وذلك بعد هجوم بري وتصعيد عنيف للقصف. ورداً على إعلان موسكو الخميس أنها عرضت على الفصائل إجلاء مقاتليها مع عائلاتهم من الغوطة على غرار حلب، رفضت جبهة النصرة وحلفاؤها ذلك. وأكدت أبرز الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، وبينها جيش الإسلام وفيلق الرحمن، في رسالة إلى الأمم المتحدة رفض أي «تهجير للمدنيين أو ترحيلهم».

ويتفق محللون على أن النظام السوري يتجه نحو الحسم في المنطقة التي تُعد إحدى بوابات دمشق. ويتزامن التصعيد حالياً مع تعزيزات عسكرية في محيط الغوطة الشرقية تُنذر بهجوم بري وشيك لقوات النظام.

وكرر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا دعوته لوقف القصف «المروع» للغوطة الشرقية المحاصرة ومنع وقوع «مذبحة» ووقف قصف دمشق بقذائف المورتر دون تمييز.

وناشدت فعاليات مدنية وفصائل عسكرية في غوطة دمشق الشرقية المجتمع الدولي لوقف العمليات العسكرية وفك الحصار. وطالبت في بيان لها «جميع الدول بتفعيل مبدأ المسؤولية عن الحماية الذي أقرته الأمم المتحدة في عام 2005 وذلك لوقف نمط الإبادة، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب في مدن وبلدات غوطة دمشق الشرقية».


أصوات دولية تطالب بوقف المجزرة

دعا الاتحاد الأوروبي إلى وقف «المجزرة»، التي تشهدها الغوطة الشرقية، وإدخال شاحنات المساعدات إليها، مستخدماً بياناً شديد اللهجة للتعبير عن غضبه من القصف الذي تتعرض له الغوطة. وقال التكتل «لا يجد الاتحاد الأوروبي كلمات لوصف الرعب الذي يعيشه سكان الغوطة الشرقية». وأضاف في البيان الذي وافقت عليه كل حكومات الدول الأعضاء وعددها 28 «دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق وحماية المدنيين واجب أخلاقي وأمر عاجل... يجب أن يتوقف القتال الآن».

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني على هامش قمة غير رسمية للاتحاد في بروكسل «يعجز الاتحاد الأوروبي عن وصف الرعب الذي يعيشه سكان الغوطة الشرقية (...) يجب أن تتوقف المجزرة الآن».

وجهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالاشتراك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مناشدة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الوضع المأساوي في سوريا. وقالت دوائر حكومية ألمانية على هامش القمة الأوروبية المنعقدة في بروكسل إن ميركل وماكرون وجها خطاباً إلى بوتين يطالبان فيه بإقرار هدنة في الغوطة الشرقية. أضافت الدوائر أن الزعيمين طلبا من روسيا أن تلح أيضاً من أجل تخفيف الحصار عن المنطقة لمدة ما وأن تمارس نفوذها على الحكومة السورية من أجل إيصال المساعدات الإنسانية للمحاصرين.

أمر بديهي

وقال وزير الدولة بالخارجية الألمانية، ميشائيل روت، في إشارة إلى الأزمة في منطقة الغوطة الشرقية: «يتعين علينا مجدداً الاتفاق على أمر بديهي بشأن ضرورة السماح بدخول المساعدات الإنسانية... يتعين وقف إطلاق النار في كل مكان، حيث تدار الآن حرب ضد مدنيين». ومثلما فعل من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وصف روت أيضاً الوضع في الغوطة الشرقية بأنه «جحيم على الأرض»، مشيراً في المقابل إلى أن دور ألمانيا محدود في التأثير على الوضع، وقال: «القررات تتخذ في النهاية في مجلس الأمن وأماكن أخرى».

وقال نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان في بروكسل إن تعامل واشنطن مع موسكو بشأن سوريا أصبح أكثر صعوبة. وأضاف للصحافيين «بذلنا جهداً كبيراً للحفاظ على العلاقات والحوار مع روسيا بشأن القضايا والمجالات التي يمكن أن نتعاون فيها بغية الوصول إلى هدف مشترك وكانت سوريا إحداها». ومضى يقول إنه مع تقدم الحملة ضد تنظيم داعش أصبح العمل مع الروس بشأن (سوريا) أكثر صعوبة لنا.

 

مباحثات روسية لبنانية بشأن سوريا

تسلم وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جبران باسيل، أمس، رسالة من نظيره الروسي سيرغي لافروف نقلها إليه سفير روسيا لدى بيروت، الكسندر زاسبكين، خلال لقاء جمعهما.

وقال زاسبكين بعد اللقاء «على ضوء الرسالة التي نقلتها بحثنا في الأوضاع والمستجدات في المنطقة، خصوصاً الجهود المبذولة من قبل روسيا حول الأوضاع في سوريا وتحرير الأراضي السورية من الإرهابيين، وإحراز تقدم في التسوية السياسية على أساس قرار مجلس الأمن ونتائج مؤتمر سوتشي».

وأضاف السفير الروسي، «نحن متفائلون بهذا التقدم، وفي نفس الوقت من لا يريد ذلك يعرقل ويستخدم كل أنواع التضليل للرأي العام».

 

احتجاج

وقفة في موريتانيا تنديداً  بقصف الغوطة

نظم نشطاء في موريتانيا في العاصمة نواكشوط أمس، وقفة للتنديد بـ«المجازر» التي يتعرض لها سكان غوطة دمشق الشرقية نتيجة القصف المستمر من قبل قوات النظام السوري.

ووقف المحتجون ومعظمهم من أنصار التيار الإسلامي المنخرطين في«المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني وللدفاع عن القضايا العادلة» قرب المسجد الكبير بالعاصمة الموريتانية.

وندد المشاركون بشدة بالهجوم الذي تتعرض له غوطة دمشق الشرقية، وسقوط مئات المدنيين، معتبرين أن ذلك «مجازر إبادة جماعية للسوريين العزل». ودعا رئيس المبادرة محمد محمود ولد محمد إلى هبة قوية لنصرة سكان الغوطة ووقف المجازر التي يتعرضون لها.

 

رد

«الغضب للغوطة» حملة صاروخية ضد قوات النظام

أعلنت غرفة عمليات «دحر الغزاة» السورية المعارضة والموزعة في عدد من المحافظات السورية، أمس، بدء حملة صاروخية مشتركة لنصرة غوطة دمشق الشرقية تحت اسم «الغضب للغوطة» ضد مواقع القوات الحكومية السورية.

وقالت غرفة العمليات، في بيان أمس، إن «غرفة عمليات دحر الغزاة بفصائلها في الشمال السوري المتوزعة على حماة وإدلب والساحل وحلب تطلق مع فصائل الجنوب في درعا والقنيطرة والبادية والغوطة والقلمون حملة صاروخية مفتوحة تستهدف المواقع العسكرية المهمة للقوات الحكومية والإيرانية في عموم سوريا تحت اسم الغضب للغوطة».

وأكد بيان الغرفة: «الهدف من الحملة نصرة أهلنا في الغوطة، لأن النظام وإيران وروسيا تشن حملة إبادة ضد أهلنا في الغوطة من نساء وأطفال ومدنيين، وستكون الحملة مركزة على أهداف عسكرية مهمة للنظام، وأماكن حساسة من مطارات ومرابض مدفعية وتجمعات عسكرية، وهي حملة مفتوحة حتى إشعار آخر لتسهم في ردع النظام وحلفائه».

وقال مصدر في المعارضة السورية إن «فصائل الجبهة الساحلية بدأت صباح أمس باستهداف نقاط القوات الحكومية والثكنات العسكرية في مدينة صلنفة والقرداحة بعدد من صواريخ الجراد، في حين ردت قوات النظام بقصف مدينة جسر الشغور وريفها الغربي بأكثر من 150 صاروخ جراد، أدت إلى استشهاد مدني وإصابة عدد آخر بجروح».

Email