«الجزيرة».. برامج مغلّفة ورسائل مشبوهة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تكن استضافة قناة الجزيرة للناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الأولى في علاقة هذه القناة مع قادة وضباط صهاينة، وإن كانت الأولى لضابط كبير وبلباسه العسكري في برنامج «الاتجاه المعاكس»، وليس فقط على شكل تعقيب خلال نشرات الأخبار، إذ إن أدرعي ضيف دائم في «الجزيرة».

خلال العدوان الإسرائيلي الذي أعقب اقتحام أرئيل شارون للمسجد الأقصى في سبتمبر 2000، صُدم الجمهور الفلسطيني برؤية شمعون بيريز، أحد أبرز مؤسسي الحركة الصهيونية ودولتها، يتحدث على شاشة قناة الجزيرة القطرية.

ومستغرقاً في الكذب والتضليل ولي عنق الحقائق لتبرير جرائم جيشه بحق الفلسطينيين، حين كانت المؤسسات الدولية المتحررة من الضغوط ترفع صوتها ضد الاستهداف الانتقائي للأطفال الفلسطينيين والتركيز على الأجزاء العلوية من أجسادهم، تكريساً لنوايا ومخططات بالقتل.

بعض المخدوعين بـ «الجزيرة» بدأت تبدو عليه علامات الشك والاستغراب، إذ إن هذه القناة تغلّف برامجها بطبقات لامعة توحي بدعمها القضية الفلسطينية و«المقاومة»، مثلما غلّفت رسالتها المشبوهة بشعار «الرأي والرأي الآخر»، تلك الثنائية التي تفعل فعلها في بث الضغينة والفتن وتتجوّل من مكان إلى آخر.

ومن زاوية إلى أخرى في هذا المنطقة والعالم، لكنها تخرس حين تصل إلى قطر. لكن المخدوعين بقناة تُغرق العالم في البحر فلا ينجو سواها، لم يتفطّنوا إلى حقيقة أن «فاقد الشيء لا يعطيه»، فهل تسقينا «دولة» الجزيرة من مياه «قناة» قطر؟

هؤلاء المخدوعون الذين أدركوا الفكرة والدوافع الآن، باتوا يعودون للوراء ويتوقّفون عند الوقائع التي مروا عليها سريعاً من دون تأمل. الآن يدركون ماذا يعني أن تكون «الجزيرة» ليست القناة العربية الأولى فحسب، إنما الوحيدة، التي تضع اسم «إسرائيل» على خارطة فلسطين، فهل في الأمر سلوكاً بريئاً؟

لو كان الأمر كذلك، لما عرضت على شاشتها ما هو أنكى من ذلك، وهو خريطة لمناطق وكانتونات رسمها اتفاق أوسلو «الانتقالي» باعتبارها خارطة فلسطين، وفي مناسبة رياضية دولية.

ترخيص الحركة

هؤلاء المخدوعون باتوا يدركون، كيف لقناة أن يكون لمراسليها، دون غيرهم، ترخيص بدخول أي مكان مدني أم عسكري في إسرائيل، حيث يحظون ببطاقة من مكتب الصحافة الحكومي في إسرائيل «بيت أغورون»، الذي يخضع لجهاز المخابرات «الشاباك».

في أغسطس الماضي، قال مسؤولون إسرائيليون، بأسلوب مسرحي، إنهم يعتزمون إغلاق مكتب قناة الجزيرة، فما كان من مراسلها إلا أن دافع عن خدمات القناة لإسرائيل، ونشر مقالاً بهذا المعنى والاتجاه في صحيفة هارتس العبرية، ومما جاء فيه أنه «حتى ظهور قناة الجزيرة في العام 1996 لم ير معظم الجمهور العربي منذ ولادتهم إسرائيلي واحد على شاشة تلفاز».

هؤلاء المخدوعون يتساءلون اليوم: هل يمكن اعتبار الاستضافة الدائمة لقادة وضباط إسرائيليين، بعضهم معروف عنه المسؤولية عن مجازر بحق عرب وفلسطينيين، باعتبارها حدثاً مهنياً «بريئاً»، في ظل الدور التطبيعي المشبوه لحكام إمارة قطر أنفسهم، من مكتب التمثيل التجاري إلى استضافة مسؤولين إسرائيليين في الدوحة وجزيرتها؟ لقد باتت فضيحة التطبيع تتحدّث عن نفسها من هذه الثنائية المشبوهة، سواء كانت قطر تحتضن «الجزيرة»، أو «الجزيرة» تحتضن قطر.

Email