الأموال الليبية.. فريسة ضباع الفوضى

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ الإطاحة بنظام معمّر القذافي عام 2011، باتت الثروات الليبية فريسة لضباع الفوضى، إذ تتعرّض لأكبر عملية نهب من خلال قوى متداخلة، وبخاصة من جماعة الإخوان الإرهابية، إضافة إلى أطراف خارجية متحالفة مع جهات في الداخل.

بدايات النهب كانت عند سيطرة الميلشيات المسلّحة على طرابلس في أغسطس 2011، حيث تم نهب ما يقارب 27 مليار دولار من المصارف ومؤسسات حكومية تعرّضت للاقتحام والسرقة بالكامل تحت غطاء فتاوى «إخوانية» بإباحة الاستحواذ على تلك الأموال كغنائم، وهو ما نتج عنه بروز عشرات الأثرياء الكبار، بعضهم كان عاطلاً عن العمل أو سجيناً بتهمة جنائية أو إرهابية أو كان يعمل في بيع الشطائر أو إصلاح الأجهزة الإلكترونية، وهم من أطلق عليهم في ما بعد صفة أثرياء الحرب، وأغلبهم يعيش حالياً خارج البلاد ويدير استثمارات خاصة بمليارات الدولارات.

مصادر متطابقة كشفت عن حجم التلاعب بالأرصدة المجمّدة في المصارف الخارجية، والتي قدّرها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج بـ 67 مليار دولار، ضمنها ودائع تابعة للمؤسسة الليبية للاستثمار، وودائع تابعة للمصرف المركزي، مشيراً إلى إن هناك أموالاً مهرّبة وأموالاً منهوبة وأموالاً مجمدة، وهذه الأخيرة هي ودائع معروفة باسم الدولة الليبية ومعروفة أماكنها وهي ليست أموالاً مهرّبة، لكن ربما تكون هناك أموال سرقت في عهود سياسية سابقة يتم ملاحقتها ومتابعتها.

فك التجميد

وحسب السراج فإن السلطات الليبية لم تطلب فك تجميد هذه الأموال، بل المساعدة في إعادة إدارة هذه الأموال بطريقة أفضل، لأن طريقة إدارتها أصبحت تكبد الدولة الليبية خسائر تتجاوز المليار دولار سنوياً. لكن الإدارة المطلوبة رهن بعودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا كدولة واحدة يمكنها استعادة أموالها بالكامل.

مندوب ليبيا في مجلس الأمن صالح المجربي جدّد مناشدة المجلس حماية الأصول الليبية المجمّدة ووقف الخسائر التي تتعرض لها الأموال الليبية نتيجة عدم السماح بإدارتها، وقال إن البنوك الدولية تبدّد الأموال الليبية وهي أموال الأجيال القادمة. يشير المجربي إلى أن الهدف المعلن من تجميد هذه الأرصدة هو حمايتها، لكن ما يحدث فعلاً هو تبديدها.

كما أن مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة عبد الرحمن شلقم حذّر من مخطط للاستيلاء على الأموال الليبية بالخارج وذلك «بتواطؤ من بعض الأطراف الليبية»، وقال إن جميع ملفات الدولة الليبية الخاصة بالخلافات مع أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تمت تسويتها جنائيًا ومدنيًا وأُغلقت تمامًا، مشيراً إلى أن أي حديث عن تلك الملفات وراءه مخطط للاستيلاء على الأموال الليبية بتواطؤ من أطراف ليبية.

في مهب الريح

الخبير الإقتصادي ومؤسس السوق المالية الليبية ورئيسها السابق سليمان الشحومي أكّد لـ «البيان» أن أرصدة المؤسسة الليبية للاستثمار تواجه حالياً تهديداً حقيقياً من الدول الحاضنة لها من خلال إجراءات جدية يعد لها من بعض الدول وخصوصاً بريطانيا لاستخدام الأموال الليبية كتعويضات.

وقال إن المبعوث الأممي غسان سلامة تحدث عن قرب ضياع الأموال الليبية بالخارج بعد أن تكشف له أن لجنة العقوبات تصرفت سابقاً في أجزاء منها من دون علم الدولة الليبية وأن هناك مطامع في الاستيلاء عليها.

وتابع «كنت شخصياً قد وجهت خطاباً إلى سلامة وطالبته بأن يصدر قراراً من مجلس الأمن يَضمن تعديل الاتفاق السياسي ويحتوي على ضمانات بعدم مصادرة أو استغلال الأموال الليبية بالخارج من أي دولة أو جهة، في ظل ما تثبته تقارير لجنة العقوبات من وجود تصرف مشبوه في الأموال الليبية بالخارج من دون علم المؤسسات الليبية وهذا أمر بحاجة إلى متابعة وتحديد كيف تم التصرف بأمر من لجنة العقوبات ولماذا ولمصلحة من.

إدارة الأموال

وبعد أن أبرز وجود جهود تبذل حالياً للسماح للمؤسسة الليبية للاستثمار بإدارة هذه الأموال بدلاً من تجميدها بالكامل، تبدو غير كافية، دعا الخبير الليبي حكومة الوفاق والبرلمان والمجلس الأعلى للدولة وديوان المحاسبة والبنك المركزي والمؤسسة الليبية للاستثمار إلى توحيد الجهود والسعي بقوة لحماية الأموال الليبية بالخارج عبر تشكيل خلية أزمة لمتابعتها، واعتبر أنه ما دامت ليبيا مسلوبة الإرادة وأمرها لايزال خاضعاً لقرارات مجلس الأمن فإن هذا المجلس مطالب بمنع أية دولة لديها أرصدة ليبية أو استثمارات من مصادرتها أو استغلالها دون تحقيق عوائد على هذه الأموال، والسماح بإدارتها وتعزيز حمايتها ومنع التصرف فيها من دون موافقة الدولة الليبية.

وقد تسبب تنازع حكومتي طرابلس والمنطقة الشرقية على البنك المركزي والمؤسسة الليبية للاستثمار في إرباك الوضع المالي في البلاد والقضاء الدولي الذي عرضت عليه قضايا تتعلق ذات صلة بالاستثمارات والأموال المجمدة وكان سبباً في تعطل العديد من القرارات الهامة والمصيرية بالإضافة إلى إحجام العديد من الدول والمؤسسات الدولية عن التعامل مع طرفي الصراع إلى حين وضوح الرؤية وقيام حكومة موحدة في ليبيا.

وقد استغلت بعض الدول حالة التخبط والتردي هذه، بالسيطرة على بعض الاستثمارات وتأميمها، كما أسالت الأموال الليبية لعاب بعض الحذاق وتمكن البعض من إقناع بعض السياسيين المسؤولين عن إدارة البلاد بعد 2011 بتشكيل لجان بحجة البحث عن الأموال الليبية المهربة وتحصيلها مقابل عمولات، لكن لم يتم تسجيل أية نتائج.

أموال ليبيا

ويرى المراقبون أن عملية النهب بدأت مع الترويج لفكرة أن تلك الأموال هي أموال القذافي رغم أن جميع التحريات أثبتت أن جميعها مسجل باسم الدولة الليبية، وبالعودة إلى العام 2011، كانت ليبيا وفق محافظ المركزي الليبي المنشق عن نظام القذافي فرحات بن قدارة غير مدينة لأية دولة أجنبية، بينما كانت الأصول الليبية المقومة بالنقد الأجنبي تبلغ قيمتها 168.425 مليار دولار.

60

الصندوق السيادي الليبي كان يتكون من 60 مليار دولار تحتفظ بها المؤسسة الليبية للاستثمار كودائع، بالإضافة إلى 7 مليارات دولار مستثمرة في أسهم، وفقاً لتقييم 2010، و3.185 مليارات مستثمرة في سندات شركات وبعض الحكومات، و593 مليون دولار سيولة نقدية في حسابات جارية، كما كان لدى المؤسسة ملكية في شركات قيمتها نحو 25 مليار دولار.

Email