الدوحة تهرب من العزلة إلى طرق أبواب إعادة العلاقات مع تشاد

«تنظيم الحمدين» يُشعِل ضده غضب القبائل القطرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن التحكم الإقليمي الخارجي بإمارة قطر محصناً من ردات الفعل الشعبية الرافضة له، ما قاد شيوخ وأعيان قبائل قطر، التي خاضت حروباً شرسة وطنية لتحرير بلادهم من سطوة الوصاية الخارجية باعتبارها «إهانة لتاريخهم الوطني»، حتى أن شيخ قبيلة آل بحيح من قبائل آل مرة، منصور بن راشد آل الصعاق، خرج عن صمته بسبب عودة الوصاية الخارجية إلى بلاده بمباركة من الحكومة القطرية.

ويلفت آل الصعاق إلى أن عودة الوصاية الخارجية كان وراءها المال ومحاولة الانتقام للماضي، مؤكداً أن القطريين يتعرضون إلى السجن المؤبد بسبب تعنت حكومة بلادهم، و«انعزالنا عن امتدادنا»، في إشارة إلى سياسات قطر المضرّة تجاه دول الخليج العربي.

ولا يستبعد الشيخ منصور من الحكومة القطرية تجريده من جنسيته لمجرد إبداء الرأي، متهكماً «مع وجود قناة الجزيرة في البلاد، إلا أنه لا توجد لدينا حرية رأي»، معتبراً أن أبناء قبيلته آل مرة من القطريين يمتلكون في السعودية ما لا يمتلكونه في قطر. وأضاف: «وبفضل آل سعود يملك آل مرة القطريون في المملكة ما لا يملكون في قطر، إذ سلبت الأراضي والهجر من آل مرة في قطر ولم يعد لأبناء القبيلة سوى منازلهم».

ثقة بالسعودية

ويؤكد الشيخ القطري ثقته بسياسة المملكة كونها تعمل على مصلحة الخليج عامة، «فهي الثقل الإسلامي والعربي».

ومن خلال انتهاكات النظام القطري ضد الشخصيات القبلية الرافضة لسياساته المدمّرة، يرجّح مراقبون أن يجرد النظام القطري شيخ آل بحيح من مرة من جنسيته القطرية، كما فعل مع شيخ شمل قبائل آل مرة الشيخ طالب بن شريم، وشيخ بني هاجر الشيخ شافي آل شافي، إضافة إلى العشرات من أبناء القبائل في قطر، الذين أبدوا رفضهم للسياسات القطرية التآمرية ضد جيرانهم الخليجيين.

أبواب تشاد

واقع العزلة الذي تعيشه الدوحة دفع قادتها لطرق أبواب تشاد التي سبق أن قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. وأكدت مصادر إعلامية تشادية أن نظام الدوحة اضطر إلى إرسال مبعوث خاص إلى انجامينا في محاولة لإعادة العلاقات.

وكتب المحلل السياسي دغيمات ويش واهيلي في موقع «الوحدة إنفو» أن المبعوث القطري يسعى إلى أن يلتقي مع السلطات التشادية لبحث إمكانية استئناف العلاقات الدبلوماسية، بعد أن كانت انجامينا قطعت تلك العلاقات احتجاجا على دعم قطر لحركات التمرد التشادية الموجودة على الأراضي الليبية، والتي تسعى لإسقاط نظام الرئيس إدريس ديبي إتنو، واحتضان الدوحة عدداً من قيادات المتمردين.

وفسّر المحلل هذا التحول الدراماتيكي بما وصفه بـ «الضغط المتزايد من فرنسا وغيرها من الدول الغربية التي تخشى من أن عدم استقرار تشاد يمكن أن يعزز انتشار الحركات الإرهابية في جميع أنحاء منطقة الساحل والصحراء».

وهناك عنصر آخر يدفع قطر لمحاولة التقرب من انجامينا، وهو بروز اختلافات جوهرية بين مختلف حركات التمرد التشادية التي تسعى للاستيلاء على السلطة، والتي تبيّن أنه ليس لها أية برامج توفيقية للوضع في تشاد في حالة نجاح مؤامرات إسقاط النظام.

وكدليل على ذلك، أدى الاشتباك بين عناصر من اتحاد قوى المقاومة التي يتزعمها تيمان إرديمي في ليبيا، قبل شهر واحد، إلى مقتل عدد من الأشخاص. وقد تمت إهانة الكثير من مساعدي إرديمي المقيم حالياً في الدوحة ممن يوجدون داخل الأراضي الليبية، ما يمثل دليلاً واضحاً على ضعف وهشاشة هذه الجماعات المسلحة التي ليست في وضع يسمح لها بالأمل في المساس الجدي من نظام الرئيس إدريس ديبي.

يأس من النجاح

وأضاف صاحب المقال إن قطر باتت أخيراً تسعى إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية مع تشاد التي حصلت على تعاطف المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب بدلاً من السعي لدعم حركات التمرد التشادية التي يعتمد مصيرها على تطور الوضع في ليبيا والجهات الفاعلة الليبية المشاركة في النزاع.

ويبدو أن نظام الدوحة بات على يقين من أن الحركات المتمردة التشادية في ليبيا لن تكون قادرة على القيام بعمليات صحراوية واسعة النطاق ضد مواقع الجيش. وحتى مع الدعم الذي يمنحه إياها، فإن نتائج الأعمال المسلحة ستكون سيئة للغاية. ويواجه المتمردون رفض السكان الأصليين قبول استضافة حركات التمرد في المنطقة الصحراوية.

وقالت مصادر وثيقة الإطلاع أن الشرط الذي تفرضه إنجامينا هو طرد معارضين تشاديين مرتبطين بالإرهاب من الأراضي القطرية ووقف جميع أشكال الدعم لمختلف حركات التمرد التشادية، وأن يعبر نظام الدوحة علنا عن استعداده لقبول هذه الشروط بعد أن كان الجانب التشادي فقد ثقته نهائياً في النظام القطري.

وكانت نجامينا أعلنت في 23 أغسطس إغلاق السفارة القطرية في تشاد وسفارتها في الدوحة «بسبب استمرار مشاركة دولة قطر في محاولات زعزعة استقرار تشاد من ليبيا» وفق بيان لوزارة الخارجية.

وقبل عدة أسابيع، طلبت تشاد من قطر طرد زعيم المتمردين تيمان إرديمي، الذي كان في الدوحة منذ نهاية عام 2009. وقال حسين إبراهيم طه، وزير الخارجية التشادي إن قطر، مع حلفائها في ليبيا، تحاول زعزعة استقرار تشاد، وأن الدوحة «تحمي ارديمي الذي لا يزال هناك. حيث يحاول جمع شتات مسلحيه من داخل الأراضي الليبية وعلى الحدود مع إقليم دارفور السوداني».

Email