تنظيم الحمدين يهرب من أزمته بأسطـوانة الكذب والتضليل

محللون لـ « البيان »: خطاب تميم تخدير للـــــداخل ومظلومية للخارج

ت + ت - الحجم الطبيعي

مرة أخرى يظهر أمير قطر تميم بن حمد ليواصل الهروب من أزمته عبر مسلسل الأكاذيب والتضليل والتزييف الذي اعتاده نظامه كنهجٍ سياسي في التعامل مع الأزمة الراهنة ومع انفضاح أمره أمام الجميع عقب الموقف القوي المتخذ من الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب، الذي يضم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية.

يظن أمير قطر بأن ذلك النهج سوف ينطلي على المجتمع الدولي ويجد صدى مؤثرًا في إطار حيلة الهجوم خير وسيلة للدفاع والتي تعتمد عليها الدوحة في إطار مساعيها لمواجهة دول المقاطعة، محاولة منها لبعث رسائل للداخل القطري المغلوب على أمره والرافض لسياسات الحمدين بأن الأمور على ما يرام، ورسائل أخرى للخارج في إطار خطاب المظلومية السياسية الذي تستقيه دوحة الإرهاب من أدبيات وفكر تنظيم الإخوان الإرهابي.

مرة أخرى يجدد تميم بن حمد تأكيداته على النهج القطري الرافض للاستجابة للمطالب الـ 13، مقامرًا بذلك الموقف على الشعب القطري الغارق في التداعيات السلبية لسياسات الحمدين الراعية للإرهاب.

مواصلة الكذب

الحقوقي المصري نجيب جبرائيل، يرى أن التصريحات المتكررة الصادرة عن مسؤولين قطريين تكشف مواصلة الدوحة الكذب والتضليل، في ظل تمسكها بمواقفها، وهي تصريحات تأتي للفت الأنظار عن مواقف قطر وسياساتها في المنطقة عبر دعم ومساندة الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الشرق الأوسط، مستنكرًا اتهام الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بأنها لا تريد الحل، على أساس أن الدوحة هي التي تهدر فرص الحل بتمسكها بسياساتها ورفضها الاستجابة للمطالب الـ 13، وكذا من خلال تهربها من اتهامات دعم الإرهاب وهي اتهامات مؤكدة تكشفها الممارسات القطرية.

تلك التصريحات القطرية المتكررة والتي جددها تميم في خطابه خلال افتتاح الدورة الـ 46 لمجلس الشورى القطري، حسبما تؤكد عضو البرلمان العربي عضو لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب المصري النائبة البرلمانية شادية خضير، تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك السياسة القطرية في التعامل مع الأزمة الراهنة ومحاولة الالتفاف على المطالب.

وتقول خضير: النظام القطري يقول إن دول المقاطعة لا تريد حل الأزمة، وهذا أمر مردود عليه بأن دول المقاطعة عبرت أكثر من مرة عن حرصها على حل الأزمة واستجابة قطر للمطالب، فهي أحرص الدول على تماسك المنطقة وتماسك الخليج، وتأمل أن تعود قطر إلى الصف العربي من جديد، لكن قطر هي التي تتمسك بموقفها وتهدر فرص الحل.

أزمة حقيقية

وأفادت النائبة المصرية بأن العديد من الأفعال والتصريحات التي تصدر من أمير قطر توصف بكونها أفعالاً وتصريحات غريبة لا يمكن أن تصدر من أمراء أو رؤساء تعاني بلادهم من أزمة حقيقية، فهو في ظل تمسّكه بموقفه في مسار الأزمة يضغط على الشعب القطري الذي يعاني الكثير جراء السياسات القطرية في المنطقة، ولو أن لدى النظام القطري النية في الحل لاستجاب للمطالب.

وسعى أمير قطر في تصريحاته إلى محاولة التقليل من تأثير المقاطعة على قطر، وهي التصريحات التي رأى سفير القاهرة الأسبق لدى الدوحة محمد المنيسي بكونها تمثل اعترافًا مباشرًا من جانب أمير قطر بالأزمة التي تعاني منها بلاده، إذ اعتبر أن محاولة تميم نفي تأثر بلاده بالمقاطعة من خلال القول «لا نخشى مقاطعة تلك الدول لنا، فنحن بألف خير بدونها»، يعني أنه في وضع حرج، على اعتبار أن الشخص عندما يكون في أزمة حقيقية يحاول إخفاء هذه الأزمة بهذه الطريقة التي لا تشكل سوى اعتراف بتأثير الأزمة المباشر على قطر والوضع الحرج الذي تعاني منه.

تعديل البوصلة

وفي المنامة، قال عضو مجلس النواب البحريني جلال كاظم إن استمرار تميم في أكاذيبه وافتراءاته، يؤكد عدالة المطالب الـ 13 منذ بداية الأزمة، والتي كانت سياسات الحكومة القطرية سبباً رئيسياً ووحيداً ومفتعلاً لها، مضيفاً «لا مساومة على أمن دول الخليج ، وعلى سيادتها الوطنية».

وأضاف كاظم في تصريح لـ «البيان» عدم التراجع عن المطالب قيد أنملة، مشيراً إلى أن حكومة الدوحة الداعمة للإرهاب، مسؤولة عن أي تصدع يعانيه الاقتصاد القطري، فلا مزيد من الفرص أو المفاوضات على الحقوق والأمن، ومؤكداً أن الحكومة القطرية الذي ضربت أسس الجيرة والقرابة ونقضت الاتفاقيات، لا تمثل قطر بل تمثل نفسها، ومن يوجهها، ويمرر أجنداتها المسمومة. وأكد المحلل السياسي البحريني يوسف الهرمي أن الصورة اليائسة التي ظهر بها تميم، محاولاً رمي المسببات على غيره، لم تنطل على أحد، فقطر أضحت اليوم دولة معزولة عن جيرانها بشكل غير مسبوق، ودول كثيرة بالعالم، تنظر لقطر، وللأموال القطرية، بأنها من يقف خلف الكثير من الأعمال والتنظيمات الإرهابية الدولية، سواء في الإقليم، أو العالم، مكملاً «لا تزال حكومة الدوحة الصغيرة تحاول أن تشغل مساحة جغرافية وتاريخية وسياسية، تفوق حجمها».

جهل سياسي

ومن جهته، أوضح المحلل البحريني أحمد جمعة أن «كل الكلام الذي اتهم به تميم دول المقاطعة، تنطبق عليه هو بذاته، وهو أمر مدهش، بأن يكيل أمير قطر ووزراؤه الاتهامات لجيرانه، وبشكل معاكس، مفتقراً لكل الأدلة والثوابت الدامغة، وبخلاف الواقع الراهن والذي يدين حكومة قطر الراعية للإرهاب، وعلى كل المستويات». ويرى الكاتب البحريني علي شاهين الجزاف بأن السياسة المستمرة للإعلام القطري تفند دعاوى تميم جملة وتفصيلاً، مضيفاً «ديدن عمل المكنة الإعلامية القطرية هو تنفيذ الأجندات المجرمة لبيت الحكم القطري، غير آبهين بحقوق الآخرين، ولا لصلات القربى بين القطريين وغيرهم من الشعوب الأخرى، ولا لدول عربية أخرى كمصر، والتي انكوت من نار التدخلات القطرية كثيراً، وغيرها من الدول والتي طالها تنظيم الحمدين الشرير، فكيف يدعي أمير قطر بخلاف ذلك؟». وأردف «وعلاوة على ما رأينا وسمعنا وتابعنا، ها هي قطر تفرش أرضها، وتستقبل بالأحضان النظام الإيراني، وتحرص على تبادل المنافع معه، ومن ضمنها الخبرات الإعلامية، وهو ما تم التأكيد عليه بختام معرض طهران للصحافة والذي اختتم فعالياته بالعاصمة الإيرانية أخيراً، وإعراب محمد خدادي مدير عام وكالة الأنباء الإيرانية عن سعادته باقتراب موعد افتتاح مكتب للوكالة في الدوحة».

التعنت والإنكار

ولاحظ محللون أردنيون أن خطاب تميم لم يحمل في مضمونه مؤشرات تظهر رغبة قطر في العودة إلى الصف الخليجي، وأن السياسة القطرية ما زالت إلى هذه اللحظة تمارس الإساءة المستمرة للدول العربية، وتحاول التظاهر بأنها متهمة في ملفات الإرهاب «بغير حق». دكتور العلوم السياسية، الخبير في الشأن الإيراني نبيل العتوم أكد أن خطاب تميم هو محاولة للهروب إلى الأمام ولن يقدم أو يؤخر. والأصل أن يكون هنالك خطوات قطرية فاعلة بدلاً من الذهاب إلى دول العالم من جميع العالم لتوضيح لها ماهية الأزمة وعسكرة الأزمة من خلال إدخال إيران وتركيا مما زاد من حدة الأمر. يردف العتوم قائلاً: سيكون هناك لقاء طارئ لوزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية وسيخرج بمجموعة من الخطوات الحاسمة ضد إيران وقطر.

خطاب تعبوي

المحلل السياسي د. محمد جريبيع رأى أن خطاب تميم تعبوي جماهيري ومحاولة للتظاهر بأن الأزمة لم تؤثر في قطر، وأن الخلاف مع الدول الأربع هو بشأن السيادة. واعتبر أن تميم يحاول أن يستنهض عواطف القطريين، وهذا الخطاب لم يختلف عن الخطابات السابقة والمقابلات التي شهدناها فلم يحمل في مضمونه رسائل سياسية مهمة. وأضاف: على الرغم من أن الشعب القطري الآن بعد مضي فترة ليست بالقصيرة على المقاطعة، هم بحاجة إلى خطاب جديد يطمئنهم بشكل فعلي. فهم لديهم رغبة أكيدة بأن تعود العلاقات إلى طبيعتها وألا تهدد حياتهم واقتصادهم الذي سجل الكثير من الخسائر، وإطالة أمد المقاطعة يزيد ويعقد من الظروف ويؤدي إلى تدهور الاقتصاد وارتداد ذلك على المواطن القطري.

نقض الوعود

ويعتقد الكاتب الصحافي، جهاد أبو بيدر أن ما حمله الخطاب من رسائل ومحاور لا تخالف أو تناقض فكر تنظيم الحمدين. ولكن يبقى المواطن العربي وبالذات القطري في المرصاد. فاتهام دول الجوار بانتهاك الأعراف والقيم والمصالح يطرح فكرة هل قطر ملتزمة بالمعاهدات وهل الاحترام والعلاقات لديها معيار؟ مضيفاً أنه منذ ما يقارب عشرين عاماً تمارس قطر المراوغة ودعم الإرهاب بأشكاله المختلفة. يضيف أبو بيدر: «في النهاية ستكون المرحلة المقبلة حافلة بالتصعيد نتيجة هذه السلوكيات التي لا تحمد عقباها. والشعب والمعارضة القطرية سيكون لهم دور واضح في وقف ووضع حد لهذه الأكاذيب، فعندما يصبح الشعب وأمواله ومقدرات الدولة مهددة بالخطر، سنشهد موقفاً موحداً وثابتاً ضد تنظيم الحمدين».

تناقضات وأكاذيب

ويرى الكاتب والمحلل السياسي السعودي إبراهيم ناظر أن النظام القطري بات يهذي سياسياً في الآونة الأخيرة ولم يعد يعرف كيف يتوجه للداخل القطري أو الخارج، مؤكداً أن قطر تعيش اليوم في أسوء حالاتها على المستويات كافة. وأضاف أن قطر تحاول أن تظهر المظلومية للعالم على طريقة الإخوان، بينما ما زالت متورطة في العديد من الملفات الأمنية الإرهابية في المنطقة. أما الكاتب محمد الحربي، فيرى أن أمير قطر يصرخ اليوم أكثر من أي وقت مضى، بسبب تأثير المقاطعة على تنظيم الحمدين، وبالتالي هو يحاول في كل مرة أن يكرر الأحاديث ذاتها.

Email