تقارير «البيان»

«حدود الدم».. خريطة بارزاني التي تبددت

ت + ت - الحجم الطبيعي

يثار الجدل حالياً، في خصوص التطورات الجديدة شمالي العراق، حول الحدود التي ستنسحب إليها قوات البيشمركة، على خلاف «حدود الدم» التي رسمها مسعود البارزاني، بتأكيده على عدم الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها البيشمركة بعد انسحاب «داعش» منها، وتشمل ما تسمى «المناطق المتنازع عليها»، وذلك غير منطقي على أرض الواقع، لأن القوات الكردية، سواءً التابعة للحزب الديمقراطي، أو الاتحاد الوطني، لم تقاتل أمام تقدم القوات العراقية، ولم تشهد الساحة الشمالية أي «حرب» سوى بعض المناوشات الفردية المتفرقة.

وينفي عضو القيادة العليا بوزارة البيشمركة لإقليم كردستان، العميد جبار ياور وجود مصادمات ومواجهات بين قوات البيشمركة والقوات الاتحادية العراقية، في المناطق التي تدخلها الأخيرة، مؤكدا «حتى الآن ليس هناك أي مواجهات، في أي منطقة يدخلون، لا تتصدى قوات البيشمركة لهم، يعني لا تريد أن تكون هناك عمليات اعتراض عسكري أو عمليات قتالية، وإنما قوات البيشمركة تنسحب إلى الخلف».

خطوط 2003

ويوضح أن «القوات الاتحادية تهدف إلى الوصول للخطوط التي كانت في عام 2003، قبل سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين».إلا أن مسؤولاً رفيعاً آخر في قوات البيشمركة يشير إلى عدم وجود اتفاق سابق مع القيادة العسكرية العراقية يتضمن انسحاب القوات الكردية من المناطق التي سيطرت عليها في الفترة ما بين تاريخ دخول تنظيم داعش إلى الموصل في 10 يونيو2014، حتى بدء معارك استعادة الموصل في 16 أكتوبر 2016، التي اعتبرها رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني «حدود الدم» للإقليم.

ويرى المسؤول أنّ الانتشار الأخير للقوات الاتحادية، في أطراف حدود إقليم كردستان، تجري بشكل فوضوي ومن دون تنسيق مع البيشمركة، وأنّ القوات الاتحادية مستمرة بـ «التمدُّد» في تلك المناطق وتقترب من ترسيم الحدود السابقة في عهد النظام البعثي، نافياً وجود أي لجنة لرسم مناطق التماس بين الطرفين أو إدارة المناطق المتنازع عليها.

استغلال أوضاع

ولعل المسؤول رفيع المستوى، لم ينتبه إلى أن مثل هذا التصريح يفسّر مديحاً للنظام السابق، الذي «أنشأ إقليم كردستان»، ولكنه لم يمنحه المزيد من الأراضي، في حين جاء الترسيم بقرار دولي، ومن دون أن يطلق الجانب الكردي رصاصة واحدة، وبموجب هذا القرار الدولي سحب النظام السابق حتى موظفيه الإداريين، من اربيل والسليمانية ليتولى الحزبان الرئيسيان إدارتهما، وبذلك فان القرار الدولي لا يقبل التغيير إلا بقرار دولي، وليس بقرار شخصي.

وكان بيان لمسعود بارزاني، قد جرّ إلى الحديث عن الحدود الإدارية لإقليم كردستان، وحدود المناطق المتنازع عليها التي سعى بارزاني إلى ضمها بشكل نهائي لحدود الإقليم، مستغلاً الأوضاع الاستثنائية التي مرت بها البلاد عقب الهجمة الإرهابية في العام 2014.

ويتغافل بارزاني في بيانه، عن حقائق، لا تقبل التأويل، نصّ عليها الدستور الذي تحمّس لكتابته الأكراد، ويسعى إلى تكريس مفهومه للحدود الإدارية بقوله، إن «القوات الكردية ستعيد انتشارها إلى المناطق التي وجدت فيها بعد أكتوبر 2016».

وبهذا يصر البارزاني على تجاوز الدستور من جديد، ويصر على حدود إدارية مزعومة، تتجاوز الخط الأزرق والحدود المثبتة في الدستور، وهي حدود 2003.

Email