تطورات «الإقليم» تجدد الخلاف بين أربيل والسليمانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتاد العراقيون على إعطاء نسبة عالية لـ«المخفي» مقابل المعلن من التصريحات والبيانات السياسية، ومنها أن البيانات المتشنجة لرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، هي غيرها في المخاطبات المخفية، وان بارزاني كان على علم بتوجه القوات العراقية، وكانت لديه بعض الملاحظات، أرسلها إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي، من خلال الرئيس فؤاد معصوم، إلا أنها وصلت «متأخرة».

وهي بعكس بيان اجتماع دوكان المتشنج، حيث طلب في رسالته إلى العبادي، بحسب مصادر مقربة من بارزاني، أن تشارك قوات الحرس الرئاسي في بغداد بالانتشار في جنوب كركوك، إلى جانب القوات الأخرى، وأن «الخيانة» التي تحدث عنها، تجد الضد منها عمليا، بانسحاب قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي من مواقعها من دون قتال.

إلا أن ذلك كله، لا يبرر مغامرة الاستفتاء على الانفصال، التي كشفت عن صراع حاد بين أربيل والسليمانية، التي تطالب بتنحي بارزاني، وتتهمه باستخدام ورقة الاستفتاء للتغطية على إخفاقاته، ما يعني انشقاق الإقليم «رسميا» إلى كيانين وإدارتين، كما كان في تسعينات القرن الماضي.

وتصطدم تنحية بارزاني بعقبة كبيرة، وهي إيجاد البديل، حيث يقضي الاتفاق الاستراتيجي بين الحزبين، الديمقراطي والوطني الكردستانيين، أن تكون المناصب السيادية في بغداد من نصيب الوطني «السليمانية».

بينما تكون المناصب السيادية في الإقليم من نصيب الديمقراطي «أربيل»، وبهذا تعني تنحية بارزاني تغيير رئيس الجمهورية فؤاد معصوم والعديد من الوزراء، إلا إذا كان البديل لبارزاني من اختياره كرئيس للحزب الديمقراطي، أي «لا تغيير»، إلا بإعادة ترتيب الأوراق، وتنفيذ الانقسام بين اربيل والسليمانية عمليا.

عزل

وبينما تطالب العديد من الأطراف الكردية بعزل رئيس إقليم كردستان، بعد الأحداث الأخيرة، وإعادة قوات البيشمركة الكردية إلى خط ما قبل 2003، عقب إنتشار القوات العراقية في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها، وطرح فكرة الانقسام، يعتبر بارزاني، المنتهية ولايته، أن «التهديد بتشكيل إقليم السليمانية، مؤامرة لا بدّ من إيقافها»، مبدياً قلقه من استهداف الإعلام الكردي وحدة الإقليم في الآونة الأخيرة، ومعتبراً «انفصال السليمانية مجرد أضغاث أحلام».

وسبق أن شهد إقليم كردستان حرباً أهلية بين الفصائل الكردية المتناحرة في تسعينيات القرن الماضي، وكان أبرز فصيلين فيها، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، وسقط في هذه الحرب، آلاف الضحايا الأكراد بين قتيل وجريح، وتدخلت خلالها فصائل كردية إيرانية وسورية وتركية مع جانبي الصراع، وانتهت بتوقيع هدنة ثم اتفاقية، لتقاسم مناطق النفوذ، وظلت حالة الانقسام حتى الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وإسقاط نظام صدام حسين وتقاسم كعكة السلطة، مع احتفاظ أربيل بمركز القرار الكردي.

تقسيم

ويقول المحلل السياسي الكردي شيرزاد شيخاني إن بارزاني أقام خطا فاصلا بين منطقتي أربيل والسليمانية عبر حدود سيطرتي «ديكله وآلتون كوبري»، وهي الحدود التي كرست واقعاً تقسيمياً واضحاً عبر السنوات الممتدة من 31 أغسطس 1996 إلى يومنا هذا، وتجزأت كردستان إلى منطقتي نفوذ إحداها يتحكم بها بارزاني وحزبه في أربيل ودهوك، والأخرى تحت نفوذ الاتحاد الوطني في السليمانية وكركوك وحلبجة.

ويضيف «ناقشت هذا المقترح مع العديد من القيادات الكردية، وبينت أن الدستور العراقي لا يعارض قيام الإقليم الثاني، وأننا سنتخلص بذلك من مؤامرات وخيانات وفساد سلطة بارزاني، وسنتمكن بالميزانية المرسلة إلينا من بغداد أن نبني هذا الإقليم من جديد».

Email