انسحبت من مواقعها وعادت للتموضع داخل الإقليم

«البشمركة» تتقهقر إلى حدود كردستان

ت + ت - الحجم الطبيعي

انسحبت قوات البشمركة الكردية من غالبية المناطق المتنازع عليها في شمال العراق، بدءاً من خانقين على الحدود الإيرانية شرقاً وصولاً إلى سنجار على الحدود السورية غرباً، وعادت إلى المواقع التي كانت تسيطر عليها في يونيو 2014، قبل اجتياح تنظيم داعش لشمال وغرب العراق.

وقال قائد عسكري عراقي كبير أمس، إن قوات البشمركة الكردية عادت إلى المواقع التي كانت تسيطر عليها في شمال العراق في يونيو 2014 بعد تقدم الجيش العراقي في المنطقة عقب استفتاء الأكراد على الاستقلال. وأضاف القائد، الذي رفض الكشف عن هويته، «بدءاً من اليوم أعدنا عقارب الساعة إلى 2014».

وذكر بيان للجيش العراقي أن القوات الحكومية تسلمت السيطرة على المناطق التي كانت خاضعة للأكراد في محافظة نينوى، التي تضم سد الموصل، أول من أمس، بعد انسحاب البشمركة. وأفاد مسؤولون في وزارة الدفاع العراقية، أن «قوات مشتركة سيطرت على سد الموصل والمناطق المحيطة به».

كما جاء في بيان صحفي أصدره كوسرت رسول نائب رئيس الإقليم والشخص الأول في حزب الاتحاد الوطني، وقبله من قبل القيادة العامة لقوات البيشمركة، أن «البشمركة اضطرت إلى الانسحاب من جميع محاور كركوك». وأعلن قائد قوات البشمركة في تلك المنطقة محمود سنكاوي أن قواته «اتفقت مع قيادات من الحشد الشعبي لعودة الحشد والقوات العراقية إلى جميع تلك المناطق وتأسيس إدارة مشتركة».

28

وبحسب مصادر عسكرية، فإن القوات العراقية بسيطرتها على المناطق المتنازع عليها، تكون قد وضعت يدها على 28 وحدة إدارية ما بين قضاء وناحية، من أبرزها كركوك والدبس وخانقين وجلولاء وسنجار ومخمور وبعشيقة والعوينات وربيعة وطوزخورماتو والملتقى وبرطلة وتل سقف وتل كيف وسد الموصل وشيخان وزمار ومكحول، ومناطق أخرى.

وقال العقيد سعد عبد الستار، من قيادة عمليات شرق دجلة في الجيش العراقي، إن 42 ألف جندي وعنصر أمن محلي يمسكون ملف الأمن في تلك المناطق، مبيناً أن القوات العراقية التابعة للجيش ستنسحب على أطرافها، للسماح بعودة الحياة إلى طبيعتها في تلك المناطق، وترك الملف بيد الشرطة المحلية، مؤكداً أن «بعض المناطق شهدت نزوحاً لعائلات، وأخرى بقيت على حالها، وعمليات العنف تكاد لا تذكر».

ويبلغ مجموع مساحة المناطق المتنازع عليها التي استردتها بغداد من أربيل نحو 11 ألف كيلومتر مربع على امتداد محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى شمال وشرق بغداد، تشكل أشبه ما يكون بقوس داخل الخريطة العراقية، استحدث بهذا الشكل عقب عام 2014 واجتياح تنظيم «داعش» للعراق، واحتلاله مناطق شمال وغرب البلاد، قبل تمكن البشمركة من السيطرة عليها بدعم أميركي، وإطلاق عبارة «حدود الدم» على تلك المناطق ضمن مصطلح جديد يشير إلى الحدود «الجديدة» لإقليم كردستان، بخلاف ما يعرف بالخط الأخضر، أو خط 36، وهو خط حدود الإقليم المقرة بالدستور.

واستعادت القوات العراقية الاثنين الماضي، السيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط الواقعة باتجاه الجنوب بعد انسحاب البشمركة منها. ومع عمليات الانسحاب بدا أن قوات البشمركة أعادت الانتشار على امتداد حدود كردستان.

نزوح

وأعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في بغداد أن نحو 61200 شخص نزحوا من ديارهم بسبب العملية العسكرية في كركوك وحولها خلال 48 ساعة، لكن أغلبهم بدأ في العودة. ويبلغ عدد سكان كركوك نحو مليون نسمة. وقالت منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة في العراق ليزا جراندي، «ندعو جميع الأطراف لبذل ما في وسعهم لحماية جميع المدنيين المتأثرين بالأوضاع الراهنة». وأمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بمحاكمة أي شخص يثبت أنه ينشر تسجيلات فيديو ملفقة تهدف إلى التحريض على الصراع بين الأكراد والعرب وتهدد السلام الاجتماعي في المناطق التي استعادتها القوات الحكومية.

إقالة

وأفاد مسؤولون بمصادقة المحكمة الإدارية في بغداد على إقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم، الذي كان دعا الناخبين من كل الأعراق والديانات في المحافظة إلى الإدلاء بأصواتهم في استفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق.

مطالبات لبارزاني بالتنحي وتأجيل الانتخابات

دعا رئيس برلمان إقليم كردستان العراق، يوسف محمد، أمس، رئيس الإقليم مسعود البارزاني، إلى تقديم استقالته، مؤكداً أن الأخير سيقدم خدمة كبيرة لكردستان في حال الاستقالة، في وقت أعلنت مفوضية الانتخابات تعليق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الإقليم.

وقال رئيس البرلمان الكردي، يوسف محمد، في كلمة وجهها لأهالي الإقليم، إن على بارزاني التنحي، مضيفاً، إننا جميعاً «أسرى لنخبة سياسية تعمل للسيطرة على ثروات الوطن من أجل توسيع سلطتها». وأوضح أن «هذه النخبة تتاجر بتضحيات الشعب ودماء شهدائه»، مؤكداً أن «بطولات البيشمركة رسمت صورة جميلة من المقاومة والتضحية». وعبر رئيس برلمان كردستان عن «أسفه لعدم القدرة على جعل هذه التضحيات أساساً لحكم شرعي ودستوري وحضاري».

وخاطب يوسف، رئيس الإقليم مسعود بارزاني بالقول «عليك الاعتراف بالفشل وترك شعبنا يقرر مصيره بنفسه، وليس أن تحدده أنت بحسب رغبتك». وخلص بالتذكير أن «بارزاني يحكم كردستان بشكل غير شرعي منذ 12 عاماً». كما دعت قيادة حركة التغيير المعارضة، في بيان، «بارزاني بتقديم استقالته وتحمل مسؤولية ضياع مدن ومناطق واسعة من كردستان، وذلك بسبب مغامرته بإجراء الاستفتاء وتعريض كردستان للمخاطر».

كما طالبت قائمة الجيل الجديد التي يرأسها رجل الأعمال شاسوار عبدالواحد، في بيان، رئيس الإقليم «بالتنحي وتحمل مسؤوليات الكارثة التي نجمت عن الاستفتاء ومغامرته بمكتسبات شعب كردستان دون التفكير في المخاطر والمعادلات السياسية في المنطقة». وبحسب ما تتناقله وسائل الإعلام المحلية على مدار الساعة، فإن هناك الآلاف من المؤيدين لتنحي بارزاني في مدينة السليمانية تحديداً، حيث معقل حركة التغيير والاتحاد الوطني الكردستاني، وبالمقابل هناك غالبية مؤيدة لاستمراره في مدن أربيل ودهوك وغالبية المناطق المتنازع عليها.

في الغضون، أعلنت مفوضية الانتخابات في كردستان، تعليق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية للإقليم بسبب عدم وجود مرشحين وتداعيات الوضع الميداني. وجاء في البيان: قررت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تعليق الاستعدادات لإجراء الانتخابات التي كانت مقررة في الأول من نوفمبر 2017، بصورة مؤقتة وبسبب تداعيات الوضع الحالي بعد استعادة القوات الحكومية لمناطق متنازع عليها بين بغداد وأربيل.

Email