كردستان يتهم إيران بقيادة الهجوم على المدينة.. وتركيا تغلق مجالها الجوّي في وجه الإقليم

القوات العراقية تنتزع كركوك من قبضة الأكراد

■ جندي عراقي يصوّب سلاحه نحو ملصق دعائي لرئيس إقليم كردستان في كركوك | رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

في خطوة أمالت الكفّة وغيّرت موازين القوى، انتزعت القوات العراقية السيطرة على كامل كركوك من قبضة البيشمركة، وفيما اتهم إقليم كردستان قوات الحرس الثوري الإيراني بقيادة الهجوم العسكري، صادقت تركيا على إغلاق المجال الجوي إلى شمال العراق، وأعلنت دعمها تحرّكات لاستعادة السلم والاستقرار.

وبسطت القوات العراقية سيطرتها على كركوك، أمس، في رد عسكري جرئ وخاطف. وقال سكان إنّ رتلاً من المركبات المدرعة التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب سيطر على مبنى المحافظة في وسط كركوك بعد أقل من يوم من بدء العملية، مشيرين إلى أنّ نحو 12 سيارة مدرعة وصلت إلى المبنى وتمركزت في مواقع قريبة مع الشرطة المحلية، ونزعت العلم الكردي ورفعت علم العراق مكانه.

وذكرت قيادة عمليات فرض الأمن في كركوك، أن قوات الشرطة الاتحادية والرد السريع فرضت الأمن في مطار كركوك، وأكملت قوات جهاز مكافحة الإرهاب، إعادة الانتشار في قاعدة «كي وان» بشكل كامل، كما تمّت السيطرة على أيضاً على منشأة غاز الشمال، ومركز الشرطة، ومحطة توليد كهرباء كركوك، ومصفى بجانب منشأة الغاز.

وفرضت القوات المشتركة السيطرة على ناحية ليلان، وحقول نفط بابا كركر وشركة نفط الشمال، وعلى معبر جسر خالد، وطريق الرياض - مكتب خالد، ومعبر مريم بيك، وطريق الرشاد - مريم بيك باتجاه فلكة تكريت، فضلاً عن الحي الصناعي وتركلان وناحية يايجي.

وأعلنت قيادة شرطة محافظة كركوك، مساء أمس، تطبيق حظر التجوال في المدينة من السابعة مساء إلى السادسة من صباح اليوم.

وفيما أكّدت بغداد أنّ تقدمها لم يواجه مقاومة تذكر مناشدة، قوات البيشمركة أن تتعاون معها في حفظ السلام، شدّدت قوات البيشمركة على أنّ بغداد ستدفع ثمناً باهظاً لشنها حرباً على الأكراد. وقال التلفزيون الحكومي إن القوات العراقية دخلت أيضاً طوز خورماتو وهي بلدة متوترة شهدت اشتباكات بين الأكراد وتركمان. وأكّد مصدر أمني عراقي أنّ القوات العراقية تمكّنت من التمركز في عدد من المواقع بقضاء طوزخورماتو التابع لمحافظة صلاح الدين.

وفرّ آلاف السكان من كركوك خوفاً من وقوع معارك. وتسببت حركة النزوح على متن حافلات وسيارات مكتظة باتجاه أربيل والسليمانية بازدحام خانق لحركة السير. وقال مسؤول يتولى مسألة النازحين لدى السلطات المحلية، إنّ عشرات آلاف سكان كركوك، لاسيّما الأكراد غادروا المدينة باتجاه السليمانية واربيل.

تجنّب تصعيد

على صعيد متصل، قال التحالف الدولي إنّ اشتباكاً عراقياً كردياً في كركوك نجم عن سوء فهم، مشيراً إلى أنّ قوات مستشاريه لا يدعمون أي نشاطات لحكومة العراق أو حكومة كردستان بالقرب من كركوك. وطالب التحالف بغداد وأربيل بتجنب التصعيد، مشدّداً على التزامه بهزيمة داعش في العراق وسوريا، وأنّه ضد أي عمل يبعده عن مهمته.

من جهته، أعلن مصدر تجاري، أن إقليم كردستان أوقف إنتاج نحو 350 ألف برميل يومياً من النفط في حقلي باي حسن وأفانا الكبيرين بسبب مخاوف أمنية. وقال المصدر، إن مشغلين أكراد أبلغوه بأن العمال المدنيين غادروا الحقلين، بعد زيادة عدد قوات الجيش العراقي المنتشرة في محيطهما.

اتهامات لإيران

في السياق، اتهم إقليم كردستان العراق، أمس، قوات الحرس الثوري الإيراني بقيادة الهجوم العسكري الواسع النطاق على كركوك. وذكرت القيادة العامة لقوات البيشمركة في بيان، أنّ حكومة بغداد استعانت بالحرس الثوري الإيراني في الهجوم، متعهداً بأن تدفع الثمن غالياً.

واتهم البيان حكومة العبادي بأنها تشن حرباً على الشعب الكردي، مشيراً إلى أن ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران تستخدم دبابات التحالف الدولي نوع أبرامز في الهجوم.

وفي سياق كردي داخلي، تحدث بيان البيشمركة عن خيانة عدد من قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني في مدينة كركوك الغنية بالنفط، لافتاً إلى أنهم تركوا كوسرت رسول نائب رئيس الإقليم وحده في المعركة. وذكر مسؤول كردي أن عشرة مقاتلين من البيشمركة قتلوا وأصيب 27 آخرون بجروح في معارك ليلية بين قوات كردية ووحدات من الحشد الشعبي في محافظة كركوك.

نيران صديقة

إلى ذلك، هاجم قائد جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان لاهور شيخ زنكي، رئيس الإقليم مسعود بارزاني، قائلاً: «لن ندفع بأبنائنا للموت في سبيل كرسي بارزاني». وأضاف زنكي: «بينما كنا مشغولين في حماية الشعب الكردي كان مسعود بارزاني منشغلاً بسرقة النفط وتعزيز نفوذه، لن ندفع بعد الآن بأبنائنا للموت في سبيل كرسي مسعود».

دعم

بدورها، أكّدت الخارجية التركية دعمها للتحرّكات التي تقوم بها الحكومة العراقية لاستعادة السلم والاستقرار في أنحاء البلاد، مشيرة إلى أنّها تراقب عن كثب الخطوات العراقية لاستعادة السيادة الدستورية على كركوك.

وقالت الوزارة في بيان تناقلته وسائل إعلام تركية، إنّ أنقرة ترحب ببيان بغداد الذي أعلن أنه لن يسمح بوجود منظمة حزب العمال الكردستاني في كركوك، وأنّ نشرهم في المدينة سيعامل على أساس أنه إعلان حرب، محذّرة حكومة كردستان من مغبة إضافة خطأ كارثي جديد للأخطاء التي ارتكبتها أخيراً، وأنّها ستحمّل المسؤولية للجهات التي تكون وسيلة لتمركز منظمة حزب العمال الكردستاني في كركوك وإخلال السلم فيها. وقالت الوزارة إنها مستعدة للتعاون مع بغداد لإنهاء وجود مسلحي المنظمة في أنحاء البلاد. على صعيد متصل، وافق مجلس الوزراء التركي، أمس، على مجلس الأمن القومي إغلاق المجال الجوي إلى شمال العراق.

دعوات حوار

دعا الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، إلى وقف تفاقم النزاع في كركوك والعودة الفورية للحوار، مشدّداً على ضرورة ابتعاد أطراف الخلاف كافة عن التصعيد والخطابات المتشنجة. وأكّد معصوم خلال لقائه، أمس، السفير الأميركي في العراق دوغلاس سيليمان، على أهمية شروع القيادات السياسية العمل من أجل إيجاد أرضية مقبولة وتفاهمات وطيدة تسهم بوضع حلول فورية للمشكلات المندلعة في كركوك وكافة مشكلات البلاد.

Email