قطر.. إمارة الرعب

«البيان» تفتح ملف إرهاب «الحمدين» بحق القطريين 2-1

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع كل إشراقة يوم جديد، تتحرك آلة النظام في الدوحة لقمع الحريات وتكميم الأفواه، حيث لم يسلم منها شاعر ولا ناشط ولا إعلامي ولا شيخ قبيلة، فالجميع في «إمارة الرعب»، معرّض للاختطاف أو الاعتقال أو سحب الجنسية أو الملاحقة القانونية.

وبينما تقوم الأجهزة الحكومية برصد الاتصالات الهاتفية وصفحات التواصل الاجتماعي، بأجهزة وصفها مراقبون بالأحدث تقنياً على مستوى العالم، تحدثت تقارير إعلامية عن غرس أجهزة تجسس في باحات وغرف الفنادق، لرصد تحركات ودردشات القطريين والأجانب، كما قامت أجهزة الأمن والاستخبارات بانتداب مخبرين من المقيمين يمثلون مختلف الجنسيات، للتجسس على أفراد جالياتهم المقيمة في البلاد.

وقال مغادرون للدوحة، إن قطر باتت تعيش حالة من الرعب، في ظل الإجراءات الأمنية القسرية، حيث يشعر المواطن القطري أو المقيم، أو حتى الزائر الطارئ، بأنه في مخفر كبير خاضع للقوى الأمنية الإيرانية والتركية، التي تشدد الخناق على مراكز التجمعات، كالأسواق والفضاءات التجارية الكبرى والفنادق، وحتى المقاهي، التي بات من العادي أن يلاحظ أنها مطوقة بعناصر الاستخبارات من الأجانب، الذين تم استقطابهم لحماية تنظيم الحمدين.

وأشار المغادرون إلى أن القوات التركية هي التي تتولى الإشراف على حراسة الأماكن الحيوية، حيث إن تنظيم الحمدين يثق في الأتراك أكثر من الإيرانيين في هذا المجال، باعتبار أن أغلبهم تم اختياره على أساس الولاء العقائدي لحزب العدالة والتنمية الإخواني.

وكان الناطق باسم المعارضة القطرية، خالد الهيل، كشف عن المهمة الرئيسة للقوات التركية التي استدعاها أمير قطر تميم بن حمد الذي يواجه عزلة عربية.

وغرد الهيل على صفحته الرسمية في موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي قائلاً «تم منح القوات التركية صلاحية الولوج إلى نظام قمر سهيل سات الخبيث للتجسس على شعب قطر، بحجة الاستخدامات العسكرية».

كما غرد موضحاً عن خطة الجيش التركي في قطر، حيث قال «تتوزع القوات التركية في قطر في كتيبة الدروع قرب الحرس الأميري، وكتيبة حمد الآلية في الشمال، وفي النخش قرب السعودية ورأس بوعبود للبحرية».

واستطرد بقوله «تم غمس القوات التركية وتسلمهم مهام القيادة في كتائب جيش قطر، وتوزيعهم حسب التخصص، مثل كتيبة هندسة الميدان ومجموعة متفجرات الجيش فالدروع». وأضاف «تم إسناد مهام الإشراف على الجيش للأتراك لحماية النظام من تحركات شعب قطر والأميركان، وحماية قصورهم، وتم إبعاد الحرس الأميري عن بعض المهام».

ويرى مراقبون أن الوضع في قطر بات لا يطاق، وخاصة بعد ظهور أصوات معارضة لممارسات تنظيم الحمدين من داخل الأسرة الحاكمة، وخاصة بعد بياني الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني والشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني، واللذين أعربا خلالهما عن موقفهما الرافض لاستمرار الانزلاق بالبلاد نحو النفق المظلم، في ظل سياسات العناد والمكابرة والقفز على الواقع، التي ينتهجها نظام الدوحة.

رعب مسيطر

ويضيف المراقبون أن المواطن القطري بات يخشى من الجميع، حيث إنه لم يعد يدري إن كان المكلف بمراقبته والتجسس عليه مواطناً مثله، أو رجل أمن إيرانياً، أو تركياً أو مقيماً عربياً أو أجنبياً، أو حتى زائراً طارئاً، فالرعب يسيطر على أهل البلاد بشكل غير مسبوق، والحديث عن أساليب التعذيب الوحشي في السجون والمعتقلات، بات يدفع المواطنين القطريين إلى تجنب الدخول في أي مغامرة غير محسوبة.

وفي هذا السياق، أطلقت المنظمة الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، نداء عاجلاً إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان في دورته الجديدة رقم 36، وإلى المقرر الأممي الخاص بمكافحة التعذيب، داعية لصيانة الحرمة الجسدية والتصدي لمظاهر التعذيب الممنهج في دولة قطر.

جاء هذا إثر علم المنظمة بتعرض الحاج القطري حمد الكحلة المري إلى التعذيب، حيث اعتقل واستجوب في أمن الدولة القطري بعد عودته من الحج خامس أيام عيد الأضحى، بتهمة الحج إلى السعودية والتصريح للإعلام، والثناء على الخدمات المقدمة للحجاج، وإجباره تحت التعذيب على تسجيل مقطع فيديو.

وذكرت المنظمة: «نندد بتواتر مظاهر التعذيب، سواء كان ذلك داخل مراكز الإيقاف أو داخل السجون القطرية، ما يؤكد أن ثقافة العنف وانتزاع الاعترافات لا تزال قائمة وسارية المفعول في دولة قطر، ونطالب بإحالة كل من يثبت تورطه في جرائم التعذيب بدولة قطر للمحاسبة، ضماناً لسيادة القانون، ولعدم الإفلات من العقاب، وندعو الحكومة القطرية إلى التوقف الفوري عن التعذيب، ونؤكد ضرورة إصلاح المنظومة الأمنية والعدلية بدولة قطر، بما يكفل الالتزام باحترام القانون وعدم الانزلاق إلى التجاوزات الممنهجة».

من جانبه، أعرب مركز المنامة لحقوق الإنسان، عن أسفه للاعتداء اللفظي والبدني الذي تعرض له المواطن القطري حمد عبدالهادي المري، على خلفية قيامه بأداء فريضة الحج وزيارته للمملكة من قبل السلطات في الدوحة، في مخالفة صريحة للمواثيق والصكوك الحقوقية الدولية في ما يتعلق بحرية الدين والمعتقد وكافة المبادئ الإنسانية والأعراف والأخلاق الإسلامية والعربية.

واستنكر المركز قيام مثل هذا الاعتداء العلني على أحد الأفراد، في ظل تهاون السلطات في الدوحة في توفير الأمن والأمان لمواطنيها، مستنكراً أيضاً مخالفة الدوحة للالتزامات الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، بالإضافة إلى جملة من الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، والإعلان الخليجي لحقوق الإنسان.

ودعا المركز، اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية، لمراقبة مثل هذه الانتهاكات الجسيمة في بلادها بشكل موضوعي ومستقل، وفقاً للمقاصد الواردة في مبادئ باريس المنظمة لاستقلالية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.

كما دعا مركز المنامة لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني الإقليمية والدولية، للوقوف على ملابسات ما تعرض له المري، لضمان الكشف عن مصيره.

انتهاكات صارخة

في غضون ذلك، أبرزت عضو مجلس إدارة جمعية الديمقراطية لحقوق الإنسان، إيمان كباني، أن المواطنين القطريين تنتهك حقوق الإنسان الخاصة بهم من قبل النظام، وهذا يؤدي إلى مخاوف كبيرة بين الشعب القطري الممنوع من حرية التعبير والتحرك.

وأضافت كباني خلال ندوة حقوقية بعنوان «قطر دولة قمع وتعذيب» في جنيف، أن الحجاج القطريين منعوا من الذهاب إلى مكة لأداء فريضة الحج، وغير مقبول منع أي شخص من المشاركة في أي نشاطات دينية.

مشيرة إلى أن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، تدخل لحل الأزمة، وفتح السعودية أمام الحجاج القطريين، ورحب بهم بأيادٍ مفتوحة، ولكن منعت الدوحة الطائرات السعودية بأن تحط على أراضيها التي استهدفت نقل الحجاج القطريين، وقالت إنها لم تستوفِ الأوراق القانونية، كما زعمت.

وأوضحت أن الشاعر محمد العجمي، والمعروف باسم محمد بن زياد، حكمت عليه السلطات القطرية بالسجن مدى الحياة في 2012، بسبب انتقاده لقطر في مؤتمر نُظم بالدوحة، كما مُنع المراقبون من دخول المحكمة خلال الحكم على العجمي، ولم يكن الشاعر نفسه موجوداً خلال الحكم عليه، لذا، يعتبر محمد بن زياد سجين رأي، وأمضى كل هذه السنوات خلف القضبان، لأنه عبّر عن رأيه في النظام القطري، قبل أن يخرج بعفو العام الماضي من محبسه.

وفي 18سبتمبر 2014، نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً، تحدثت فيه عن التضييقات التي تقوم بها الحكومة القطرية على حرية الصحافة والتعبير، حيث أقرت قانوناً يزيد العقوبات على نشر «أخبار كاذبة» على الأنترنت، في تهديد خطير لحرية التعبير في الإمارة الصغيرة.

وبموجب هذا القانون الجديد، فإن السلطات القطرية أعطت لنفسها حرية منع أو غلق مواقع إلكترونية، بحجة أنها خطر على أمن الدولة، وكذلك حبس الشرطة أي شخص ينشر مواد تقوض القيم الاجتماعية أو النظام العام في قطر، على الرغم من فشل القانون في تحديد معنى هذه المصطلحات.

وقال النائب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سعيد بومدوحة، إن هذا القرار انتكاسة جديدة لحرية التعبير في قطر، خاصة أن القانون الجديد يتضمن مبادئ غامضة ومبهمة، فهو لم يحدد تعريفات محددة للعقوبة، ويتيح للسلطات القطرية معاقبة أي شخص ينشر تدوينات تعتبرها السلطة القطرية ضد المجتمع.

وكانت محاكمة الشاعر القطري محمد العجمي، مثالاً على التضييق على حرة التعبير، حيث رأت المنظمة أن أشعاره لم تدعُ للعنف أو الكراهية أو الطائفية، واعتبرته سجين رأي، وأكد بومدوحة أن العجمي مثال جيد على الاستغلال السيئ للسلطة القطرية لقانون حرية الرأي والتعبير.

وفي 4 ديسمبر 2012، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان ، إن حكم السجن المؤبد الذي أصدرته محكمة قطرية على الشاعر محمد بن الذيب العجمى، بعد محاكمة تفتقر بشكل بيّن إلى مقومات المحاكمة العادلة، هو انتهاك للحق في حرية التعبير، وتقوّض بشدة جهود قطر لتقديم نفسها بصفتها ملاذاً لحرية التعبير.

وأضافت المنظمة، لم يشر حكم المحكمة الذي صدر في سطرين، بتاريخ 29 نوفمبر2012، إلى أي قانون يُزعم أن بن الذيب قد خالفه، رغم ادعاء النيابة أثناء الجلسة التي دامت 5 دقائق، أنه دعا إلى ثورة في قطر، ولم يكن بن الذيب موجوداً بقاعة المحكمة.

كما منعه القاضي، حسب ما ذكر محاميه، من تقديم أي دفاع أو رد على ادعاءات النيابة، في قصيدة ترجع إلى يناير 2011، بعنوان «الياسمين التونسى»، أبدى بن الذيب فيها تأييده للانتفاضة هناك، كما كان قبل ذلك قد تلا قصائد تضم مقاطع بها تعريض بأعضاء بارزين في العائلة القطرية الحاكمة.

وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» جو ستورك ، بعد كل المواقف التي قدمت من خلالها قطر نفسها كداعم للحرية، اتضح أنها حريصة على إسكات أصوات مواطنيها.

وأضاف جو ستورك، أن إدانة بن الذيب، دليل على أن حكام قطر يعتبرون الدستور والالتزامات التعاهدية الدولية، مجرد كلمات جوفاء. وأضاف البيان، من الصعوبة بمكان، مقارنة سخرية بن الذيب المزعومة من حكام قطر، بالسخرية التي يجلبها هذا الحُكم على مكانة قطر، كمركز إقليمي للحرية الإعلامية.

تعهدت قطر باحترام حرية التعبير، بموجب المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وقطر دولة طرف فيه، أنشأ حمد بن خليفة قناة الجزيرة الإخبارية التي تبث من الدوحة عام 1996، وقدمت القناة تغطية واسعة للانتفاضات الشعبية في بلدان مثل تونس وليبيا وسوريا، إلا أنها نادراً ما تبث مواد انتقادية عن قطر نفسها.

في 21 أكتوبر 2013، أصدرت محكمة التمييز القطرية، حكماً نهائياً لا يمكن نقضه، بالسجن 15 سنة على الشاعر محمد بن راشد العجمي، الملقب بـ «ابن الذيب»، بتهمة التحريض على نظام الحكم في قصيدة.

وقال المحامي محمد نجيب النعيمي، إن محكمة التمييز أيدت حكم محكمة الاستئناف بحق موكله، والقاضي بسجنه 15 عاماً، واصفاً قرار المحكمة بأنه «سياسي، وليس قضائياً» بحق ابن الذيب، الذي حوكم خصوصاً بسبب قصيدة تناولت أحداث ما سمي بـ«الربيع العربي».

قضى الشاعر القطري 5 سنوات وراء القضبان بسبب قصيدة شعرية، قبل أن يحظى بعفو خاص من أمير قطر تميم بن حمد في مارس 2016، بـ «شفاعة شيخ قبيلة العجمان خالد بن راكان العجمي».

المحامي القطري محمد النعيمي يدفع ثمن انتقاده القوانين السارية في بلاده

كان على المحامي محمد نجيب النعيمي، وهو محامي الشاعر حمد بن الذيب العجمي، أن يدفع ثمن انتقاداته للقوانين السارية في بلاده، ففي فبراير الماضي، منعت السلطات القطرية، النعيمي، محامي حقوق الإنسان ووزير العدل القطري السابق، من السفر، دون إخطاره بأسباب المنع، كما هو متبع قانونياً.

وأدرج النائب العام القطري، علي بن فطيس المري، الدكتور النعيمي على قوائم الممنوعين من السفر، دون مبررات أو توجيه أي اتهامات له، ما يتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي ينص على أحقية أي مواطن في السفر من أي دولة، بما فيها دولة الموطن الأصلي.

وقالت منظمات حقوقية خليجية، إن السلطات القطرية منعت المحامي نجيب النعيمي من السفر دون إبلاغه بأسباب هذا المنع.

والنعيمي محامٍ معروف في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، وسبق له الدفاع عن الشاعر القطري محمد راشد العجمي، وكان ضمن فريق الدفاع عن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وذكر: «مركز الخليج لحقوق الإنسان» الذي يتخذ من بيروت وكوبنهاغن مركزاً، في بيان، إنه بتاريخ السابع من فبراير «منعت السلطات في قطر، محامي حقوق الإنسان البارز، الدكتور نجيب النعيمي، من السفر، دون إبلاغه عن أي من الأسباب المحتملة».

وأضاف أن النيابة العامة في قطر، وضعت النعيمي على قائمة الأفراد الذين لا يسمح لهم بالسفر خارج الدولة «دون أي توضيح مسبق أو توجيه أي تهمة ضده».

ودعا المركز، قطر، إلى رفع حظر السفر عن النعيمي «فوراً دون أي شروط»، وضمان ممارسة جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في قطر، وبكل الظروف، عملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان، دون خوف من الانتقام.

بدورها، نددت منظمة العفو الدولية، بمنع النعيمي من السفر، وطالبت في بيان الحكومة القطرية، بالمسارعة إلى العودة عن هذا القرار، أو أن تبلغه في شكل مكتوب بالأسباب القانونية التي دفعتها إلى القيام بذلك.

Email