قطر أشعلت الحروب وقذفت باللاجئين إلى البحر و أوروبا

مشهد مؤثر للاجئين سوريين من ضحايا حرب غذّتها قطر | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

شكلت ظاهرة اللجوء إلى أوروبا في السنوات الثلاث الماضية، أحد أبرز التحديات في القرن الحادي والعشرين بسبب الحروب الطاحنة التي اشتعلت في الشرق الأوسط، بل تعدته إلى أفريقيا وأفغانستان ودول أخرى، في ظل الحروب والاضطهاد في بلدانهم.

ولعل المسبّب الأول في موجة اللجوء إلى أوروبا ما يجري في المنطقة من صراعات دامية، دفعت الملايين لركوب أمواج البحر بحثاً عن ملاذ، منهم من وصل ومنهم من ابتلعه البحر، وبخاصة من لاجئي سوريا والعراق وليبيا، أهم الخزانات الرئيسة في المنطقة لتصدير أزمة اللجوء، حيث الجوار القريب مع أوروبا، الأمر الذي جعل أوروبا تدخل في دوامة القرن، وهي الأولى من نوعها بعد الحرب العالمية الثانية.

وبالنظر إلى الأسباب المباشرة للجوء، فإن الحروب والصراعات أحد العوامل التي فاقمت ظاهرة الهجرة، لكن السؤال من يتحمل مسؤولية هذه الأزمة التي جعلت أوروبا تصطدم فيما بينها بعد أن بلغ عدد اللاجئين الملايين؟ وبالطبع فإن المسبب والمغذي لهذه الحروب هو المسؤول الرئيسي لهذه الأزمة.

المغذي الأول

ويعد تنظيم الحمدين في قطر «المغذي» الأول والرئيسي لقوى التطرف وضخ السلاح في تلك الدول، ذلك أن قطر وبشكل علني تصدّرت المشهد فيما يسمى بالربيع العربي لتدفع بكل ما تملك إلى تخريب هذه الدول وإدخالها في صراعات طاحنة.

العديد من الوثائق كشفت الدور القطري في تغذية الصراع في ليبيا وسوريا، فيما كانت المحرّك الأساسي لتنظيم داعش الإرهابي الذي فتح باجتياح أكثر من ثلث العراق، كل هذه الجرائم، وهي برسم نظام الحمدين القطري.

ويؤكد باحثون أنه لولا الدور القطري المتنامي في تأليب الشعوب ضد أنظمتها السياسية، لما كانت كل هذه الاضطرابات في المنطقة، ولما أغرقت الدول الأوروبية بهذا الكم الهائل من اللاجئين.

البوابة الليبية

ليبيا بالمعنى الاستراتيجي لأوروبا هي حائط الصد بينها وبين أفريقيا الفقيرة، ذلك أن مواجهة ليبيا لإيطاليا على المتوسط يجعلها نقطة استراتيجية في منع تدفق الأفارقة إلى القارة العجوز، وقد لعبت الدوحة دوراً تدميرياً في ليبيا وخبيثاً حتى انهار النظام الأمني وبات الخاصرة الهشة لأوروبا.

يقول الباحث الليبي عبد الباسط غبارة إن الدوحة ممثلة بنظام الحمدين من أولى الدول التي لعبت دوراً في ليبيا، وبدأته خاصة عندما لعبت دوراً كبيراً في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي مهَّد لقرار من مجلس الأمن بفرض حظر جوي على ليبيا. ثم شاركت القوات القطرية في العمليات العسكرية التي قادها حلف شمال الأطلسي في ليبيا، وذلك بالتوازي مع تركيز إعلامي لم يسبق له مثيل على الأحداث الليبية بأسلوب تجاوز كثيراً مبادئ العمل الصحافي المستقل والمحايد.

وفي أكتوبر 2011، سقط النظام في ليبيا، وقتل العقيد معمر القذافي، وكل ذلك بفعل أسلحة قطر، بحسب تقرير للكاتبة إليزابيث ديكنسون، في مجلة «فورين بوليسي» الأميركية التي قالت إن هذه الدولة الصغيرة التي حرصت على تخريب الشرق الأوسط، كانت أول من ينقلب على نظام القذافي عام 2011، وذلك عبر الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنابر أخرى، طالبت فيها بتحركات دولية ضد العقيد الليبي.

تغذية الحروب

وبطرق غير شرعية، استخدمت الدوحة طائرتين من طراز بوينغ لنقل الدعم والسلاح إلى ليبيا، وشكلت شبكة من رجال دين ومتشددين ورجال أعمال وآخرين، لتغذية «الثورة الليبية». وأضافت المجلة أنه بحلول عام 2013 كانت ليبيا قد انهارت، لافتة إلى أن الدوحة لم تكن الوحيدة التي دعمت المعارضة المسلّحة. ورغم أن دولاً أخرى قدّمت دعماً مادياً ولوجيستياً، فإنه لم يكن بحجم الدعم القطري، كما لم يكن لنفس الأهداف القطرية.

قطر حوّلت ليبيا إلى ساحة قتال مفتوحة للجماعات الإرهابية التي فتحت الحدود على أوروبا، وبات تدفّق اللاجئين الأفارقة بالآلاف إلى إيطاليا.

وبحسب الأرقام التي نشرتها المنظمة الدولية للهجرة هذا العام، فإن «عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط بلغ أكثر من مائة ألف مهاجر وعدد الذين قضوا غرقاً 2247 مهاجراً، معظمهم وصلوا في مراكب متهالكة تضيق بمئات المهاجرين». كل ذلك بسبب انهيار الوضع الأمني في ليبيا وانتشار السلاح القطري بيد القوى المتطرفة التي حولت الهجرة إلى تجارة لتمويل نفسها.

سوريا تأكل أوروبا

الحصة الكبرى من الهجرة إلى أوروبا كان من نصيب الشعب السوري، فما بين العامين 2015 ـ 2017 كان البحر المتوسط يتصارع من الشعب السوري الهارب من جحيم الحرب الشرسة. وقد صُدمت الدول الأوروبية من هذا الكم الهائل من السوريين الذين ركبوا أمواج البحر بعد أن ذاقوا نيران الحرب.

ويرى مراقبون سوريون أن 60 إلى 70% من المهاجرين السوريين خرجوا من المناطق التي تسيطر عليها جبهة النصرة وتنظيم داعش الإرهابيين، ذلك أن المال القطري الذي ذهب إلى جيوب التنظيمات الإرهابية عزز موجة الهروب إلى أوروبا.

وقد لعبت الدوحة عبر السنوات الماضية، دوراً مكشوفاً في تنمية قوى التطرف في الشمال السوري، ومنحت «النصرة» أموالاً من شأنها بناء دولة، إلا أن الضحية في نهاية المطاف كان الشعب السوري الذي خرج مهجّراً من التنظيمات الإرهابية، ومن بطش النظام أيضاً.

ويؤكد متخصّصون سوريون في شؤون الإرهاب، أنه بينما كانت الدوحة تضخ المال والسلاح لجبهة النصرة وأحرار الشام وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، كانت الدوحة تمتنع عن بناء خيمة واحدة للاجئين السوريين.

مال للقتل

ويضيف متخصصون لـ«البيان» أن الدور القطري التخريبي في سوريا دفع الملايين من هؤلاء السوريين إلى ترك بلادهم، متسائلين: كيف يمكن لدولة صغيرة أن تعيث بهذه الدول فساداً دون أن تتم مواجهتها بكل ما تفعل من تخريب وتهجير بسبب الأموال السوداء ودعم كل تنظيم إرهابي يهجر السوريين من بلادهم؟.

سوريا كانت الدولة الأكثر تضرراً من المال القطري، حيث أعلنت الأمم المتحدة في الشهر الثالث من هذا العام أن عدد اللاجئين الذين فروا من النزاع في سوريا إلى تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر تجاوز خمسة ملايين شخص.

وقالت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في بيان إنه ومع تجاوز عدد الرجال والنساء والأطفال الذين فروا خلال ست سنوات من الحرب في سوريا عتبة خمسة ملايين شخص، فإن على المجموعة الدولية أن تبذل جهوداً إضافية لمساعدتهم.

أما في أوروبا، التي التهمتها نيران المال القطري، فقد أظهرت الأرقام الجديدة الصادرة عن المكتب الإحصائي للاتحاد الأوروبي، كيف أن عدداً قليلاً فقط من الدول الأوروبية شاركت في استقبال اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب الدائرة هناك، حيث إن ألمانيا استقبلت 295 ألف لاجئ من أصل 406 آلاف لاجئ سوري مُنحوا حق اللجوء في الاتحاد الأوروبي خلال 2016، بينما استقبلت بلدان كبيرة مثل فرنسا وبريطانيا بضعة آلاف فقط.

ووفقاً للإحصائيات فقد قدمت بريطانيا الحماية لـ 1850 سورياً فقط، أي أقل بـ 160 مرة من ألمانيا، واحتلت السويد البلد الثاني من بعد ألمانيا حيث استقبل 44.905 لاجئين سوريين، كما تم اتخاذ 445.000 قرار إيجابي بشأن قضايا اللجوء في ألمانيا من أصل 710.000 طلب تم تقديمها في الاتحاد الأوروبي خلال عام 2016.

وفي أوروبا عامةَ، كانت نسبة قبول اللجوء من مختلف الجنسيات هي 55%، ونسبة 37% للحماية الثانوية، و 8% للبقاء لأسباب إنسانية، ولكن على الرغم من وضوح قواعد الاتحاد الأوروبي لمن يجب أن يحدد كلاجئ، كانت هناك اختلافات جذرية في الاعتراف بحق اللجوء من بلد إلى آخر.

وتشير التقارير الصحفية، إلى أن الأسباب الرئيسية لتنامي ظاهرة اللجوء إلى أوروبا، هو الدور الذي تلعبه بعض الدول في تنمية الحروب والصراعات. ولعل قطر من أبرز الدول التي تعمل على تنمية الصراعات الدينية والطائفية في المنطقة عبر أذرعها الإرهابية.

 

موت ودمار في العراق بأموال قطر

بعد أن سيطر تنظيم داعش الإرهابي على الموصل في العام 2014، خططت الدوحة إلى ترسيخ هذه السيطرة من خلال تمويل هذه الجماعة المتطرفة، وقد كشفت العديد من التقارير العلاقة بين النظام القطري وتنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا.

وكانت سيطرة تنظيم داعش على الموصل، بمثابة يوم قيامة انتهت فيه حياة العراقيين، حينها لم يعد هناك أمام العراقيين سوى الهجرة بعد أن حول تنظيم الحمدين بأموالهم الدموية الموصل إلى سجن كبير.

وبحسب تقارير المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن أكثر من 200 ألف عائلة عراقية لجأت إلى أوروبا بعد أن سيطر تنظيم داعش الإرهابي على الأنبار والموصل. وبالطبع تمكن التنظيم من تهجير هذه العائلات بعد أن كان المال القطري الرئة التنفسية لعمله وبقائه في تلك المناطق.

من يتأمل حجم الخراب الذي لحق بالمنطقة، إثر التدخل القطري في كل هذه البلدان، فإنه يستغرب ماذا تريد قطر من المنطقة، وماذا تستفيد من كل هذا التخريب، لعل الجواب على هذا الأمر يدفعنا إلى السؤال الأكبر من يقف وراء قطر وماذا تخدم هذه الأجندة التدميرية للمنطقة وشعوبها.

Email