طريق وعرة سلكها في جولته الأوروبية انطلقت من المكان الخطأ

تميم في متاهته.. عزلة متفاقمة وهزائم متكررة

ت + ت - الحجم الطبيعي

حالة التخبط لا تزال تتملك دبلوماسية الدوحة، التي رسمت لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني طريقاً يباعد بينه وبين الخروج من أزمته مع الدول الخليجية والعربية منذ انطلاقتها. فالطريق الوعرة التي يسلكها تميم هذه الأيام في جولته الأوروبية للترويج لخطاب المظلومية انطلقت من المكان الخطأ، حيث حليفته تركيا، التي تعاني هي الأخرى من عزلة دولية بدأت ملامحها تلوح في الأفق الأوروبي.

لم تكن جولة أمير قطر الخارجية في نهاية الأسبوع الماضي، مُفاجأة للمتابع والمحلل، ولكن المفاجأة جاءت من التسرع والارتباك وسوء التنظيم التي ميزت الجولة «المكوكية»، التي صورها الإعلام القطري الرسمي والموالي، «فتحاً دبلوماسياً مُبيناً»، والحال أن زيارة تركيا، وألمانيا، وفرنسا، قبل تحول تميم إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل، لم تكن سوى فرصة للتغطية على محاولة الدوحة، كسر عزلتها بشكل مرتبك ومتسرع، لتحقيق مكاسب «إعلامية» مصطنعة.

تساؤلات

لكن ثمة تساؤلات عديدة حول ما جناه عبدالرحمن بهذا الخطاب حتى يذهب به تميم هذه المرة، ففي كل مرة كان وزير الخارجية القطري يذهب إلى أوروبا ليفاجأ بأن خطابه الذي يعمل على تسويقه منتهي الصلاحية، فالأجواء هناك لم تعد مواتية لمظلوميات قطر المكررة. فثمة رأي عام أوروبي تشكل في عدة دول عقب انطلاق الحملة العالمية لوقف التمويل القطري للإرهاب وغيرها من الفعاليات والجلسات الحقوقية التي وضعت الرأي العام الأوروبي أمام عدة حقائق صادمة، أبرزها دعم الدوحة للتنظيمات الإرهابية الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.

ارتباك وسوء التنظيم

و لم يفت الملاحظ الارتباك وسوء التنظيم الكبير اللذين رافقا هذه الجولة، التي يبدو أن تسرعها عائد حسب بعض الأوساط إلى الصفعة المدوية التي تقبلتها الدوحة في القاهرة على هامش اجتماعات وزراء الخارجية العرب، واللهجة الصارمة التي تحدثت بها دول المقاطعة، إلى المندوب القطري- الإيراني، في الجلسة، ما أوحى لصاحب القرار في الدوحة، بفكرة التحرك الدولي لتفادي الأسوأ، بعد تأجيل امتد أشهراً لزيارة برلين وباريس، وبالتزامن مع إطلاق أول مؤتمر للمعارضة القطرية في لندن، التي أعلنت عن نفسها بقوة بالمناسبة، ونجحت في إيصال صوتها إلى العالم الخارجي، بشكل فاعل ومؤثر، في دلالة على تحول نوعي كبير منتظر في الدوحة، والمنطقة، والعالم، بعد أن دق التغيير على باب الدوحة، أخيراً.

وفي باريس، لم تُشكل زيارة أمير قطر إلى فرنسا، سوى فقرة بسيطة في جدول أعمال الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي رفض مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع تميم، وفضل بعد المقابلة الخاطفة مع الزائر القطري، الاحتفال مع الرئيسين السابقين نيكولا ساركوزي، وفرانسوا هولاند، بفوز باريس بتنظيم الألعاب الأولمبية الصيفية 2024.

في خطابه الأخير بتاريخ 21 من شهر يوليو الماضي، حاول أمير قطر تميم بن حمد التقليل من الأزمة التي تمر بها قطر نتيجة المقاطعة من الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب، والإيحاء أن الحياة في قطر طبيعية، بينما كان في الوقت ذاته يستنجد بالمعشوقة إيران والعسكر التركي.

وقد بدت التناقضات تتدفق في السياسة القطرية، منذ بداية الأزمة، فيما تتعاظم مشاعر الخوف والعزلة لدى النظام القطري، إذ كانت زيارة أي مسؤول دولي إلى الدوحة بمثابة تنفس لهذه الجزيرة المعزولة.

عزلة قطر

بعد حادثة التخريب للحل التي دمرها تميم ومن ورائه وكالة الأنباء القطرية في الثامن من الشهر الجاري، بدت الدوحة أكثر عزلة، ذلك أن اللعبة انكشفت للعالم وأن نظام الحمدين مستمر في الكذب والمراوغة. وانقطعت الزيارات الدولية إلى الدوحة ليزيد الخناق على «الجزيرة» المعزولة.

وحتى يوحي أميرها الصغير، أن بلاده ليست في حالة عزلة وأنها تعيش في علاقات جيدة مع العالم الخارجي، قرر أن يقوم بجولة بلا معنى وبلا أجندة سياسية، بل إن زيارته إلى تركيا وألمانيا وفرنسا لم يتم التطرق إلى أي نوع من العلاقات الثنائية، وتوقيع الاتفاقيات كما تجري العادة في البروتوكولات الدولية، فقط كانت تركز على الحل السيئ التي وصل إليه نظام الحمدين، وكان البارز في كل هذه الزيارات استجداء موقف فقط تحاول قطر المتاجرة به، بينما تزداد قناعة الدول الأربع أن الدوحة لن تغير من سلوكها ومراوغاتها.

أخطاء كبيرة

يرتكب نظام الحمدين في كل مرة ذات الأخطاء ويضل الطريق كما هي العادة، ليذهب بعيداً بينما الحل في الجوار، وبدلاً من أن يجول في ألمانيا وفرنسا وتركيا، كان يفترض أن يذهب إلى الرياض حسبما يرى مراقبون.

وتشير المعلومات، إلى أن النظام القطري بات يشعر بالعزلة أكثر فأكثر، وأن الخناق يضيق عليه بعد أن دمر محاولة الحل الأخيرة بالافتراءات.

ويؤكد مراقبون للأزمة الخليجية، أن زيارة أمير قطر لتلك الدول تعكس حالة الخوف والهلع التي يعيشها النظام القطري من تفاقم العزلة في ظل إصرار الدول الأربع على تنفيذ الشروط.

Email