اقتصاد يتهاوى ورأس المال الأجنبي يفر منذ بدء المقاطعة

لعبة كسب الوقت سياسة تكتب بها قطر نهايتها

ت + ت - الحجم الطبيعي

يؤدي عامل الوقت دوراً مهماً في الأزمة القطرية، التي بدأت تستشعر أثر المقاطعة العربية عليها، برفع تكلفة المقاطعة، التي ستؤدي بالنهاية إلى استجابة الدوحة بعد بحثها عن مخرج لها أمام شعبها، خاصة أن رأس المال الأجنبي المقيم في قطر قد يغادر في أي لحظة بعد إطالة أمد الأزمة، في ظل غياب أفق الحل.

كما أن خطوات بسيطة وقرارات مهمة، إذا اتخذتها الدول العربية في المرحلة المقبلة، ستؤدي إلى انقلاب الأمور رأساً على عقب في قطر، وتجعل الدوحة تلجأ صاغرة إلى الاستجابة للمطالب العربية، التي لم تتخذ حتى الآن، ولكن سيكون وقعها صعباً على الحكومة القطرية وعلى المستثمرين الأجانب داخل قطر.

وفي هذا الصدد، تقول المحللة السياسية تمارا حداد إنه من المفترض أن تبحث قطر عن مخارج لنفسها بجلسات حوار للعودة إلى الحضن الخليجي من دون الوصول إلى مرحلة الإقصاء، لأن إطالة أمد الأزمة قد تؤثر سلباً فيها.

خطوات متوقعة

وأوضحت أن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب قاطعت قطر، وأثرت في اقتصادها بشكل حقيقي، في محاولة منها لإرغامها على الاستجابة للمطالب العربية، ولكن يبقى هناك الكثير من الخطوات المساعدة على إرجاع قطر إلى صوابها، قد تلجأ إليها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لتغيير الوضع الحالي.

وأكدت أن قطر تموّل الجماعات الإرهابية التي تحاول إقامة الفتن، وبناءً على ذلك يجب أن يتم وضعها تحت طائلة المسؤولية، بعد دعمها المالي لإثارة الفتن في دول عدة.

سحب الودائع

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم إن من أكثر الخطوات التي ستضر بالاقتصاد القطري خطوة سحب الودائع المصرفية، وتسييل الاستثمارات وبيعها، سواء على مستوى العقارات أو الأسهم والأوراق المالية، وسيلحق هذا ضرراً كبيراً بالاقتصاد القطري.

وأفاد أن هذه الخطوات سترسل رسائل سلبية إلى القطريين، وسيتولد لديهم مخاوف ومخاطر، وهذا ما تخشاه الدوحة في الحقيقة، وخاصة إذا أقدمت الدول العربية على تقييد التعاملات المصرفية مع قطر، ووضع قيود عليها.

وتابع: «الخطوة الأساسية والمؤثرة هي أن تبدأ الدول العربية بيع أسهم وعقارات وحصص في شركات قطرية، وتصفية أصول وسحب الودائع، وهذا سيخلق هلعاً، وسيعمل على تجفيف السيولة بالعملة الصعبة، وسيضغط على رؤوس الأموال في قطر.

وهي غير مستعدة لذلك، لأنه يؤدي إلى الضغط على أسعار الأصول، وتراجع في بورصة قطر وأسعار العقارات والممتلكات، وسيضر بالقطريين، وينذر بموجة هلع وخوف شبيهة بحالة عالمية».

ضغط كبير

كما سيقود هذا الأمر إلى سلوك منفر للمستثمرين الأجانب في قطر، وسيدفع الرعايا القطريين إلى سلوك مشابه، وستتهرب رؤوس الأموال من قطر للخارج، في الوقت الذي يمتنع فيه رأس المال الأجنبي عن دخول قطر، وبذلك يكون صافي رأس المال الخارج هو الصافي السلبي، وسيكون الدفع المالي الصادر أكثر من الوارد، وهذا يشكّل ضغطاً كبيراً على البنك المركزي القطري.

وأوضح عبد الكريم: «قطر أخذت احتياطاتها، وبدأت بالتحوط من باب التحسب، بعدما شعرت بإمكانية الوصول إلى هذا الأمر، واتخذت خطوات احترازية، وقد تضع قطر قيوداً على تحويل العملات إلى الخارج بالعملات الصعبة، وتحديد مبلغ محدد للتحويل، وتقترض من بعض البنوك والمؤسسات المالية في دول أخرى كتركيا وإيران للتخفيف من حدة الأزمة، ولكن سيكون لذلك أثر قوي».

أما المحلل السياسي جهاد حرب فاعتبر أن تأثيرات الإجراءات المتخذة من الدول الداعية لمكافحة الإرهاب على قطر تتزايد مع طول الفترة رغم محاولات الدوحة التخفيف من حدتها.

مراهنات عدة

وأوضح أن استمرار المقاطعة العربية للضغط على قطر يؤدي إلى أمرين: الأول زعزعة الوضع الاقتصادي، وخاصة أن قطر تسحب من أرصدتها نتيجة ارتفاع تكلفة الحياة لدى القطريين، وسيتضرر الاقتصاد، وستتراكم أضرار بتكلفة الصادرات أو المجالات التي اعتمدت عليها قطر، باعتبارها جزءاً من الناتج المحلي غير النفطي.

أما الثاني فهو الاستثمارات ورأس المال الأجنبي الذي سيخرج من الإمارة للوصول إلى أماكن أكثر أمناً أو قدرة على جلب عوائد لهذه الاستثمارات، ولن يبقى أحد مع الزمن، وهناك مراهنات لعدة أشهر مقبلة، ولكن بعدها سيخرج رأس المال الأجنبي من قطر، ولن يبقى أحد في قطر.

Email