عزمي بشارة عرّاب الخراب والحاكم الإسرائيلي لقطر - 2- 2

الدوحة تتلقف فتى الموساد لتدمير المنطقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تساؤلات أميطت حول العلاقة الحميمية، التي تربط «تنظيم الحمدين» بعزمي بشارة ولصالح من؟ غير أن الإجابة تكشفت سريعاً خاصة بعدما عُرف «الربيع العربي» والمخطط الصهيوني لشرق أوسط جديد.

ويرى الكاتب الصحافي الفلسطيني خالد الفقيه أن مؤلف كتاب «تحت خط 48 عزمي بشارة وتخريب دور النخبة الثقافية» د. عادل سمارة، أرسى نموذجاً جديداً في الكتابة اللافتة للانتباه من حيث الشكل والمضمون وربما متأثراً بصديقه رسام الكاريكاتير الشهيد ناجي العلي، الذي استطاع في حياته المهنية أن يجذب القارئ.

وسمارة اختار صورة مقلوبة لعزمي بشارة عضو الكنيست الصهيوني السابق لدورات متعاقبة والمتواجد في أحضان أمراء قطر اليوم بالدوحة وبوقها الإعلامي «الجزيرة» الآخذ بالأفول بحسب استطلاعات الرأي الفلسطينية والعربية، حيث جاءت نسبة متابعتها عربياً .

وبحسب آخر استطلاع للرأي «مركز وطن للدراسات والبحوث» بـ5في المئة في الضفة الغربية و5.3 في المئة في قطاع غزة، الصورة المقلوبة، ووفق منهجية الإخراج الصحافي تعد من العناصر الفيزيائية والسيكولوجية اللافتة للانتباه والدافعة للقراءة بعمق في طيات الكتاب لمعرفة ما يرمي إليه الكاتب وإن حاول تيسير المهمة على المتلقي من خلال العنوان البارز للكتاب أسفل الصورة: «تحت خط 48 عزمي بشارة وتخريب دور النخبة الثقافية».

ويشير سمارة إلى أن البعض قد يعتقد أن انكشاف بشارة جاء من موقفه من سوريا وليبيا، وهذا ليس دقيقاً، فموقفه بدأ من عضوية الكنيست، أما استقراره في قطر فأكد أن له دوراً خطراً ضد المسألة العروبية وفلسطين لصالح الكيان.

عنترة سياسية

وفي مقدمة الكتاب يطرح سمارة السؤال الكبير: هل عزمي بشارة عميل؟ بعد أن كان أطلق عليه في مقالة سابقة لقب فتى الموساد. ويجيب عنه بقراءة تحليلية لمنحى العلاقة بالسلطة الحاكمة في الكيان والمنحى التاريخي .

ويقول: لأن بشارة بوزن كمال سليم (إيلي كوهين) وبوزن برنارد هنري ليفي ضد الأمة فالجواب يجب أن يشتقه القارئ، فبشارة التقط الانتماء القومي العربي للفلسطينيين داخل أراضي العام 1948 واستثمره ونافس به جذوره في الحزب الشيوعي الإسرائيلي نحو قبة البرلمان الصهيوني ونجح في ذلك،

ثم يتتبع سمارة بعض محطات حياة بشارة من المولد وحتى اليوم مروراً بعضوية الحزب الشيوعي فتأسيس التجمع وعضوية الكنيست وتمكنه من اختراق حركة أبناء البلد التي ترفض تسجيلها حركة سياسية في داخلية الاحتلال مستقطباً بعض أنصارها، وينتقد الكاتب الاستقبال الذي حظي به بشارة من الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ومن مليشيات حزب الله .

وهو عضو في الكنيست، واصفاً الأمر بالانبهار بتسطيحات بشارة الثقافية وعنترياته السياسية.

ويستطرد قائلاً: «أو عرفوا أنهم يلتقون عميلاً للكيان لا بد من استجلابه»، تاركاً لمستقبليه الإجابة، الأولى عام 2001، «إن بشارة يقوم بتنفيذ مهمات لصالح الحكومة عند زيارته لسوريا، عزمي بشارة كان يلتقي مع رئيس الوزراء إيهود باراك قبل كل زيارة لدمشق، وكذلك مع رئيس جهاز الموساد داني ياتوم، وقد تعود أن يقوم بتقديم تقارير لياتوم عند كل زيارة لسوريا».

ويضيف الكاتب أن عزمي بشارة فتح علاقات مع قوى فلسطينية منذ كان في «الكنيست» وحاول استخدامها لدفع فلسطينيي العام 1948 للانخراط في الانتخابات للكنيست وبخاصة عندما رشح نفسه لرئاسة كيان الاحتلال وهو ذاته حاول بعد خروجه من فلسطين المحتلة إيجاد بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولكنه فشل في مسعاه.

ويحلل الكاتب أن ما ذهب إليه بشارة يعود لجذوره في الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي لا يرى في الكيان الصهيوني عدواً قومياً وبالتالي فإن قسم الولاء في الكنيست «أقسم أن يكون ولائي فقط لدولة إسرائيل وأن أخدم وبولاء الكنيست الإسرائيلي، أقسم أن يكون انتمائي وبكل أمانة لدولة إسرائيل وأن أقوم وبكل أمانة بواجباتي في الكنيست الإسرائيلي» لم يكن مشكلة أمام عزمي أو المهام الموكلة إليه.

ويبرز الكتاب أن المذبحة التي تتعرض لها سوريا ورغم وجعها إلا أنها عرت بشارة وسرعت في كشف مهامه وبينت حقيقة تموضعه بعد أن امتطى صهوة القومية في تسويق بضاعته وتحالف مع القوى الدينية المتوافقة معه، وهو الذي كان يناصبها العداء.

فبشارة بحسب ما شدد عليه الكاتب، تم تجنيده مخابراتياً بالاستفادة من درس إيلي كوهين فخرج «بمجده» فتم اختيار قطر له للإقامة في مكان مأمون وبحماية القواعد الأميركية الحليف الوثيق والاستراتيجي للاحتلال الإسرائيلي ليواصل دوره التخريبي على نطاق أوسع ولكن تحت الملاحظة اللصيقة، فبقاؤه في لبنان أو سوريا كان سيعني افتضاح أمره وربما وصوله لمصير كوهين نفسه.

بينما يستطيع في قطر حيث المال والإعلام والتوجيه، أن يقوم بتجنيد المثقفين وأشباههم لتفتيت الدولة السورية وتخريب لبنان وفلسطين وربما لاحقاً الجزائر من خلال المؤتمرات التي يديرها أو الاستضافات المرئية التي يرتبها عبر الجزيرة،.

وقد يكون التسريب الذي نقل عن اجتماعه مع كادر الفضائية التي أسسها في لندن بالمال القطري «العربي الجديد» لتكون وريثاً للجزيرة التي تشير العديد من الملاحظات والتحليلات أنها ستغلق قريباً لتحلل نظام الإمارة القطرية من متاعبها، ومطالبته بشراء الذمم لمواطنين في مصر وسوريا وفلسطين مؤشر على نياته القادمة.

المثقف المرتشي

يرى عادل سمارة أن أخطر ما في المثقف قدرته على اكتساب الشخصية الأكثر سوقاً ورواجاً، وفى الوقت المناسب، ناهيك عن استعداده وقدرته بحكم الثقافة على التلون والتكيف بشكل عام، هنا تعود إلى الذهن مسألة المثقف العضوي الثوري، والمثقف المرتشي والمنسلخ عن طبقته وحتى أمته، بحيث يصبح مثقفاً عضوياً بالمعكوس، أي لصالح نظام الحكم والطبقة التي كان يفترض أن يكون معادياً لهما، هذا اللون من المثقفين هو مثقف المرحلة المهزومة ومقتضياتها.

يطبق سمارة نظرية المثقف المرتشي هذه على عزمي، فيقول: «بشارة الذي كان عضواً في حزب راكاح (الحزب الشيوعي الإسرائيلي) الذي يعترف بإسرائيل بكل فخر، وهو حزب غير قومي بغض النظر عن وجود عناصر كثيرة طيبة في أوساطه، لكن بشارة غادر هذا الحزب ليولد من جديد كونه قومياً متحمساً.

ولكنه قومي من طراز عضوية الكنيست الإسرائيلي التي تقسم الولاء لدولة اليهود، وتظل قومية تطالبنا بالتصفيق لها. بشارة أيضاً بالنسبة لسمارة هي نفسها التي تجمع بين الأكاديمية، والعلاقة الخاصة بأنظمة الحكم، سواء الصهيوني الدموي أو السوري الدكتاتوري، وبين قيادة حزب وعضوية برلمان، وفوق هذا وذاك، يرأس بشارة نفسه منظمة «مواطن» في رام الله، وهي منظمة غير حكومية ممولة من الإدارة الأميركية وحكومة ألمانيا، ولا يخفى على أحد أن هذه جميعها أدوات تطبيع مع الكيان وتسويق الهيمنة الإمبريالية على الوطن العربي.

وهكذا كما ترى يجمع بشارة بين التمويل الصهيوني لحزبه كونه عضواً بالكنيست، والقومية العربية والتمويل الأجنبي، وتقديم تقارير عن الوساطة بين حكومة إسرائيل والنظام السوري، والمنظمات غير الحكومية والصداقة مع الأسدين السوريين في إشارة إلى الرئيس بشار الأسد ووالده الراحل حافظ.

Email