عدم الاستقواء بالدول الأجنبية وتبديد هواجس جيرانها العرب والتوقف عن تدويل الأزمة

استطـلاع «البيان»: 3 خطوات أمام قطر لإنهاء أزمتها

ت + ت - الحجم الطبيعي

اتفق المشاركون في استطلاعين للرأي أجرتهما «البيان» الأول على موقعها الإلكتروني والثاني على حسابها في «تويتر» بشأن أهم الحلول التي تُخرج قطر من الأزمة التي أوقعت نفسها فيها، أن الدوحة لا يمكن أن تخرج من أزمتها إلا إذا عدلت من سياستها من خلال ثلاثة عناصر لا يمكن فصلها عن بعض وهي: عدم الاستقواء بالدول الأجنبية وضرورة أن يعمل النظام القطري على تبديد مخاوف جيرانه العرب والتوقف عن تدويل الأزمة.

وأظهر الاستطلاعان نتائج متقاربة جداً سواء على موقع «البيان» الإلكتروني أو على حساب «البيان» في «تويتر»، حيث أكدت الغالبية المطلقة أن خروج النظام القطري من أزمته يتطلب الكف عن الاستقواء بالدول الأجنبية وتبديد مخاوف الدول العربية المشروعة وتوقفه عن تدويل الأزمة التي تسبب هو فيها من خلال إصراره على دعم الإرهاب ومخططات الفتنة والاغتيالات، إذ عبر 86 في المئة من المستطلعة آراؤهم عن ذلك في استطلاع «البيان» على «تويتر» كما أكد 71 في المئة من المستطلعة آراؤهم على موقع «البيان» الإلكتروني ذلك أيضاً.

وفي التفاصيل، أظهر استطلاع «البيان» على الموقع الإلكتروني أن 17 في المئة من المشاركين قالوا إن خروج قطر من أزمتها يتطلب منها العمل على تبديد مخاوف جيرانها العرب بينما رأى 7 في المئة أن النظام القطري عليه أن يتوقف عن الاستقواء بالدول الأجنبية في حين رأى 5 في المئة ضرورة أن يتوقف النظام القطري عن تدويل الأزمة التي تسبب هو فيها.

أما استطلاع «البيان» على «تويتر» فكانت النتائج مماثلة، حيث أكد 5 في المئة أن خروج قطر من أزمتها يتطلب منها الكف عن الاستقواء بالخارج والنسبة ذاتها قالت إنه على النظام القطري التوقف عن تدويل الأزمة إذ ما أراد فعلاً الخروج من أزمته بينما عبر 4 في المئة أن خروج الدوحة من أزمتها يتطلب منها العمل على تبديد مخاوف جيرانها العرب.

تلبية المطالب

وفي قراءة تحليلية لاستطلاعي «البيان» يرى مراقبون ونواب أردنيون أن النظام القطري لا يمكن أن يخرج من أزمته إلا من خلال تلبية مطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب وإعادة النظر في سياسته التي تشكل خطراً محدقاً بأمن واستقرار دول المنطقة كافة.

في السياق، يقول عضو مجلس الأعيان الأردني، أسامة الملكاوي أن خروج قطر من أزمتها يتطلب منها تبديد مخاوف جيرانها العرب، من خلال مناقشة الوضع الراهن وانتهاج سياسة تتسم بالوضوح بحيث يكون مكافحة الإرهاب البند الأساسي، موضحاً أن الاستقواء بالدول الأجنبية وتدويل الأزمة هما خطوتان اتبعتهما قطر حالياً وللخروج من الأزمة يتطلب إعادة النظر في هذه الخطوات.

من جهته، ترى النائبة وفاء بني مصطفى أن اتباع قطر لمنهج تبديد المخاوف يجب أن يتضمن في فحواه التوقف عن تدويل الأزمة وعدم الاستقواء بالدول الأجنبية موضحة أن الحل يكمن في أن تفكر قطر كيف تعود للبيت الخليجي وهو أمر ليس صعباً فما هو مطلوب منها هو أمر يخص أمن الدول جميعها. فمكافحة الإرهاب استراتيجية عالمية، وفي نهاية الأمر هو ينعكس على أمنها واستقرارها أيضاً.

وأضافت «هناك ارتباط جغرافي وتاريخي بينها وبين الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لا يمكن لقطر أن تتجاهله».

أما المحلل السياسي د. محمد البشير فيرى أنه من الضروري أن تعمل الدوحة عن التوقف عن تدويل الأزمة لأن الاستمرار في هذه المراوغة من شأنه أن يعمق حجم التوترات ويعقد الأزمة ويؤدي إلى تحقيق مآرب الدول الطامعة في المنطقة، مضيفاً أنه من المهم اعتماد الحوار لإيجاد حل لهذه الأزمة وتجاوزها بشكل سريع قبل أن تتفاقم الأمور.

خطوات عملية

أما في مصر، اعتبر محللون وخبراء أنه لا سبيل أمام قطر للخروج من أزمتها سوى بالاستجابة لمطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب عبر تبديد مخاوف جيرانها من خلال العديد من الخطوات التي تتضمن إيقاف الخطاب التحريضي عبر وسائل الإعلام والكف عن التدخل في شؤون الدول العربية، وكذا التوقف عن دعم وتمويل الإرهاب، ومن ثم العودة إلى الصف العربي والانخراط مجددًا فيه عقب أن حرصت الدوحة على سلك طرق ملتوية والدخول في تحالفات مشبوهة لتحقيق أهدافها.

وفي هذا الصدد يقول مساعد وزير خارجية مصر الأسبق حسين هريدي لـ «البيان»: أتصور أن أول إشارة من الممكن أن تتخذها قطر في سياق محاولة التغلب على أزمتها الراهنة وتشجيع على الحوار، هو ما يتعلق بالمحتوى الإعلامي الذي يقدمه إعلامها وبشكل خاص قناة «الجزيرة»، إذ لا بد من تغيير ذلك المحتوى والسياسات التحريرية المختلفة، وأن يلتزم الإعلام القطري المهنية وألا يتدخل في شؤون الدول الأخرى، وأن يحترم الأعراف التي تعمل وفقًا لها الفضائيات المحترمة لدى تغطيتها لشؤون شتى الدول.

وشدد على أن حدوث ذلك سوف يعني أن التفكير السائد في دوائر الحكم في قطر بدأ يتغير، وأن يكون لدوائر الحكم القطرية رغبة في التجاوب مع المطالب التي تقدمت بها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب. إضافة إلى خطوات أخرى من بينها توقف قطر عن الهجوم الذي تشنه ضد الدول الأربع، وكذا التوقف عن التأييد العلني وتوفير التغطية الإعلامية لجماعة الإخوان الإرهابية ورموزها، وجميعها مجتمعة خطوات مطلوبة ومنتظرة من قطر خلال المرحلة المقبلة إن أرادت التغلب على أزمتها. مشددًا على أنه حتى اللحظة لا توجد مؤشرات تؤكد احتمالية حدوث ذلك.

وفي سياق متصل، رأى النائب جمال محفوظ، أن خروج قطر من أزمتها يتطلب أن «تتصالح مع نفسها أولًا» وأن تعود إلى الصف العربي وتتشارك مع الدول العربية في جهود مكافحة الإرهاب الحالية، مشددًا على أن خروج قطر من الأزمة يتطلب أن تكف عن دعم وتمويل الإرهاب وأن تلتزم بالأخوة العربية وأن يكون اتجاه الدوحة متسقًا مع اتجاه الدول العربية في مواجهة التحديات المشتركة وفي صدارتها مواجهة الإرهاب.

وقال في تصريحات لـ «البيان»- إن قطر كانت شريكة ومساهماً رئيساً في مخططات تفتيت الدول العربية، وبعدما كانت الدول العربية مشغولة بالقضية الرئيسة وهي القضية الفلسطينية قبل سنوات، صارت هنالك قضايا وملفات تزاحم هذا الملف من بينها الأزمة السورية واليمنية والليبية وغير ذلك، وهي ملفات ساهمت قطر فيها وكانت شريكاً رئيساً، وعليها إن أرادت العودة والتغلب على أزمتها أن تعود للصف العربي مؤكداً أنه لا مؤشرات حتى الآن لاستجابة قطر، ومن ثم شدد على ضرورة استمرار المقاطعة والضغط والتصعيد ضد الدوحة.

أما نائب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عضو الفريق القانوني لملاحقة قطر في المحاكم الدولية أحمد عبدالحفيظ، فقال إنه ليس أمام قطر للخروج من أزمتها سوى أن تقوم بالتفاوض مع الدول الأربع، وأن تنفذ المطالب التي تم تقديمها إليها، وأن تكف عن دعم وتمويل الإرهاب في المنطقة، لاسيما أن الدوحة تدفع فاتورة باهظة جراء المقاطعة المفروضة عليها.

وأشار لـ «البيان» إلى أن إنهاء قطر لأزمتها مرهون بمدى استجابتها للمطالب العربية، من حيث قطع علاقاتها بالإرهاب وتسليم المطلوبين والعودة إلى الصف العربي مرة أخرى. وقال إن الجانب القطري يحاول إدارة الأزمة في الوقت الحالي وليست هنالك مؤشرات لاستجابته بصورة واضحة.

تغليب الحكمة

وفي الأراضي المحتلة، أجمع محللون وسياسيون فلسطينيون على أن خروج قطر من أزمتها يستلزم عدم استقوائها بالدول الأجنبية، وتبديد مخاوف جيرانها العرب، والتوقف عن تدويل الأزمة، والسير في المركب الخليجي، لأن متطلبات دول الخليج هي متطلبات دولية لمواجهة الإرهاب.

ويقول المحلل السياسي د. جمال أبو نحل، إن جميع الخيارات الواردة في الاستطلاع المنشور على موقع «البيان» جميعها مطلوبة وتطالب بها الدول العربية، كوقف التدخلات الأجنبية منها التركية والإيرانية، وخاصة بعد محاولة تدويل مطالب الحج لتؤدي غرضاً مضاداً لها من الدول الأخرى، بالإضافة للحد من تدخلات قطر في الدول العربية للوصول إلى حل للأزمة.

وأوضح أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بشأن الحجاج القطريين يفترض أن تلاقيه الدوحة بمردود إيجابي وتؤدي إلى وقف الإجراءات التي اتخذتها والحد من التدخل التركي، والسير في مركب الدول العربية والخليجية، لأن أفعال قطر غير مناسبة بالمطلق.

من جهته، يرى المحلل السياسي كمال الرواغ، أن قطر فشلت في تدويل الأزمة وتخويف جيرانها العرب وهذا أساسي.

وأضاف: «الاستقواء بالدول الأجنبية لن ينفعها مثل تركيا، لأنها مرتبطة سياسياً واجتماعياً مع جيرانها، وعلى قطر أن تبدد مخاوف جيرانها وتعود للحضن العربي، وهو الحضن الدافئ الذي يستوعبها».

وفي الاتجاه ذاته، يرى المحلل السياسي جهاد حرب، أن استقواء قطر بالدول الأجنبية عائق كبير أمام إنهاء أزمتها فعلى الدوحة العودة إلى الحضن الخليجي باعتباره تحالفاً ومنظمة إقليمية عربية وحيدة فاعلة وقادرة على إسناد القضايا العربية.

بدوره، يقول المحلل السياسي سعيد مضية، أن قطر غطت نفسها بإسرائيل منذ زمن، وكان الشرط أن يكون الارتباط بينهما علنياً، وها هي تحظى بدعم إسرائيلي، وتستقوي بالدول الأجنبية حتى الآن.

من جهته، يرى القيادي في حزب الشعب الفلسطيني وليد العوض، أنه يتوجب على قطر أن تحافظ على علاقات حسن الجوار مع جيرانها وأن توقف التدخل بالشؤون الداخلية العربية وأن تتعامل وفق حجمها الجغرافي والسياسي، لا أن تلعب دوراً أكبر من هذا الدور وتحاول الاعتداء على دول محورية في الإقليم لها دور أساسي في الشرق الأوسط.

وأضاف: «خروج قطر من أزمتها يتطلب عقلانية سياسية وحكمة سياسية ولا تراهن على المال السياسي، ولا تراهن على تحريك الأوضاع الداخلية بهذه البلدان لأن هذا يمثل اعتداء سافراً في الدول العربية الأخرى، والأمر يثير قلق هذه البلدان، وعلى قطر أن تلتزم مع جيرانها دون أي شكل من أشكال التدخل».

 

 

Email