ساركوزي «طُعم» في سنارة اللوبي القطري

ت + ت - الحجم الطبيعي

عادت قضية استضافة قطر لكأس العالم 2022 لواجهة الصحافة الدولية، فبعد صحيفتي «التليغراف والصنداي تايمز»، أثارت الأوساط السياسية والأمنية والإعلامية هذه الأيام بفرنسا قضية دعم الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لملف قطر، وذلك من خلال اتهامه بشراء الأصوات لاستضافة نهائيات كأس العالم 2022.

وفتحت العدالة الفرنسية تحقيقاً حول حصول ساركوزي على المال من أجل دعم ملف قطر، ورغم أن محامي ساركوزي، تييري هيرزوغ، نفى تورط موكله في ذلك، إلا أن العدالة الفرنسية أكملت تحقيقها حول الموضوع، إذ يسعى المحققون للتحري عن مبلغ 182 مليون يورو تلقاه ساركوزي من الدوحة.

علاقة وطيدة

تعود علاقة نيكولا ساركوزي بالعائلة الحاكمة في قطر إلى فترة توليه حقيبة الداخلية الفرنسية، إذ كانت تربطه علاقة وطيدة بينه وبين رئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر. وفي تقرير لصحيفة «عكاظ» ذهبت بعض الأوساط الفرنسية حد التهكم على قطر وساركوزي بالقول إن الدوحة هي من دفعت لزوجة ساركوزي السابقة سيسيليا أتياس مبلغاً كبيراً من أجل قبولها الطلاق، والذهاب إلى أميركا للعيش هناك.

وكان أول ظهور لـ«سيسيليا» برفقة ساركوزي في 15 أكتوبر 2007 بالإليزيه بعد توليه الرئاسة ظهوراً مقتضباً، لم يدم طويلاً تبعه إعلان رسمي عن حدوث طلاق بينهما، والحديث عن تقاضي سيسيليا مبلغاً ضخماً مقابل تخليها عن لقب السيدة الأولى للإليزيه. وأشارت مصادر إلى أن المبلغ الكبير دفعته قطر للزوجة السابقة لساركوزي.

هذه الأحداث لم تكن مصادفة ولا مفاجئة للمتتبعين للشأن القطري وساركوزي، فالكثير منهم تحدث كيف كان ساركوزي طعماً سهلاً في سنارة القطريين قبل رئاسة قصر الإليزيه.

وكون علاقة ساركوزي مع الدوحة تعود لأيام توليه حقيبة الداخلية، فقد فضل عدم إزعاج الراعي الأول المغدق على نفقاته الجانبية وسفرات زوجته كارلا بروني، مفضلاً الانصياع لمطالب الدوحة تجنباً لفقدان الامتيازات التي كان يحوزها.

في نوفمبر 2008، زار ساركوزي الدوحة للمشاركة في مؤتمر للأمم المتحدة، وبدعوة من رئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر، وهناك اتفق الطرفان على كثير من النقاط التي كانت عالقة بين البلدين قبل مجيئه للإليزيه.

وجهة رؤساء فرنسا

لم يحدث أن تجاوز قاطنو «الإليزيه» التقاليد الفرنسية المعروفة في الجمهورية الفرنسية، منذ عهد ميتران وشيراك في علاقتهم مع الخليج العربي، إذ كانت السعودية الوجهة الأولى لرؤساء الجمهورية الفرنسية، فعلاقة أي رئيس فرنسي منتخب لاعتلاء قصر الإليزيه كانت وطيدة مع الرياض. ولم يسبق لأي رئيس فرنسي منذ عهد ميتران أن قام بزيارة للإمارة الصغيرة «قطر» قبل زيارته للسعودية.

ولم تسع قطر في البداية لاستهداف نيكولا ساركوزي على وجه التحديد، ولكن تكوين صداقات مع الغرب هو من ضمن أولويات هذه الإمارة الصغيرة التي تحتل المرتبة الثالثة في تشكيل اللوبيات المالية عبر العالم، فقد حاول القطريون إبرام علاقات مع شخصيات سياسية وثقافية وحقوقية على شاكلة «ميشيل روكار» و«دومنيك فيلبان»، الذي يملك مكتباً للمحاماة في فرنسا، وكان أمير قطر السابق حمد بن خليفة من المتعاملين مع مكتب «دومنيك فيلبان»، ويستشيره في قضاياه المالية والسياسية.

وأمام هذه اللعبة، وقع نيكولا ساركوزي في الفخ وابتلع طعم القطريين، فما كان من الرجل إلا دعوة حمد آل ثاني، أول مسؤول أجنبي يستضيفه ساركوزي في قصر الإليزيه في 30 مايو 2007 على مأدبة عشاء، تمخض عنه 16 مليار دولار، ظهر منها 14 ملياراً كانت ثمن شراء 80 طائرة إيرباص من نوع A350.

Email