اتهامات «تنظيم الحمدين» إسقاط نفسي بما فيه من مثالب وخطايا

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يكف نظام الدوحة عن إسقاط سيئاته ومثالبه على الآخرين، كأن يسعى الى نشر أخبار زائفة لاتهام دول الجوار وفي مقدمتها دولة الإمارات المتحدة بما يدرك القاصي والداني أنها من التهم المنسوبة إليه والموثقة في سجلات تآمره وعدوانيته ومخططاته الإجرامية ضد الجار والشقيق، وفي حق شعبه من قبل وبعد.

ويرى المراقبون أن تنظيم الحمدين يسعى بكل ما تبقى له من قوة أن ينسب خطاياه وسيئاته وجرائمه وأعماله المنكرة إلى غيره، في حالة من حالات الإسقاط النفسي التي يعرفها العلم على أنها حيلة دفاعية ينسب فيها الفرد عيوبه ورغباته العدوانية والإجرامية والتآمرية المحرمة والمنبوذة حتى يبرئ نفسه ويبعد الشبهات عنها، فالكاذب يتهم معظم الناس بالكذب، واللص يتهم غيره باللصوصية، والخائن يتهم غيره بالخيانة.

وكان عالم النفس سيجموند فرويد مؤسس علم التحليل النفسي أول من تناول قضية الإسقاط في مقالة له نشرها العام 1894، حيث أشار أولاً إلى حيلة لاشعورية من حيل دفاع الأنا، بمقتضاها ينسب الشخص إلى غيره ميولاً وأفكاراً مستمدة من خبرته الذاتية، يرفض الاعتراف بها لما تسببه من ألم وما تثيره من مشاعر الذنب، فالإسقاط بهذه المثابة وسيلة للكبت، أي أسلوب لاستبعاد العناصر النفسية المؤلمة عن حيز الشعور.

ويضيف فرويد أن العناصر التي يتناولها الإسقاط يدركها الشخص ثانية بوصفها موضوعات خارجية منقطعة الصلة بالخبرة الذاتية الصادرة عنها أصلاً، فالإدراك الداخلي يلغى ويصل مضمونه إلى الشعور عوضاً عنه في شكل إدراك صادر عن الخارج بعد أن يكون قد لحقه بعض التشويه.

والإسقاط قد يؤدي إلى عدوان مادي في صورة جرائم، فمثلاً الموظف الذي يحمل مشاعر عدوانية نحو رئيسه قد يسقط هذه المشاعر عليه ويتصور أن رئيسه يكيد له ويتربص به لكي يؤذيه ومن ثم يبادر بالهجوم والاعتداء عليه، وهكذا تدفع هذه الحيلة المضربين إلى نسبة ما في أنفسهم إلى الناس والتعامل معهم على هذا الأساس، ومن ثم يقومون بارتكاب جرائم فعلية.

رغبات عدوانية

ولا يختلف الأمر في الحالة القطرية التي يحكم فيها الفرد، مدفوعاً برغباته العدوانية المكبوتة، وبمحاولة التملص من جرائمه عبر إسقاطها على الآخرين، كأن يتهم دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بالتحالف مع إسرائيل.

في حين أن تنظيم الحمدين هو الذي ارتبط منذ 1996 بعلاقات وطيدة مع تل أبيب، وجعل من تطبيعه معها أداة لاقتحام معبد اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، لتوطيد صلاته بواشنطن، والحصول على رتبة وكيلها المفوض في الخليج والمنطقة العربية.

أبواق حقيرة

وفي موقف آخر، أطلق تنظيم الحمدين أبواقه الحقيرة لتصدح بشعاراته المبتذلة حول ما يسميه بتآمر دولة الإمارات على دول الربيع العربي، وكأنه يحاول أن ينفي عن نفسه، ما تبين للشعوب والمجتمعات، من دور قطر التخريبي في تلك الدول، والذي اعتمد فيه على دعم الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون، ما أدى إلى سفك دماء مئات الآلاف من الأبرياء وتشريد الملايين وهدر مئات مليارات الدولارات.

إن آلية الإسقاط هي آلية نفسية لاشعورية بحتة وهي عملية هجوم لاشعوري يحمي الفرد بها نفسه بإلصاق عيوبه ونقائصه ورغباته المحرمة أو المستهجنة بالآخرين، كما أنها عملية لوم الآخرين على ما فشل هو فيه بسبب ما يضعونه أمامه من عقبات وما يوقعونه فيه من زلات أو أخطاء.

فيقول الشخص في لاشعوره: «أنا اكره شخص ما ولكني أقول هو يكرهني»، هنا أريد أن أخفف من إثمي ومشاعري الدفينة تجاه ذلك الشخص ويقول علماء النفس إذا ما قارنا الإسقاط بالتبرير، وكلاهما حيل دفاعية يلجأ إليها الفرد فإننا نجد ان الإسقاط عملية دفاع ضد الآخرين في الخارج، أما التبرير فهو عملية كذب على النفس، ويضيف علماء النفس ان الإسقاط إذا كان قائماً على شعور عنيف بالذنب أدى إلى حالة اضطراب البرانويا أو ما يصاحبه من هذيان وهلاوس.

ويرى البروفيسور د. السير كريم سهر استشاري الصحة النفسية والباراسيكولوجي، رئيس المعهد الكندي للعلوم الصحية، إن الإسقاط هو أن ألصق السبب في شيء ما إلى أحد ما، أي أن أحمل مسؤولية فشلي مثلاً لأحد ما أو لوضع ما، والإسقاط هو العملية التي ينبذ فيها الشخص من ذاته بعض الصفات والمشاعر والرغبات وحتى بعض الموضوعات التي يتنكر لها أو يرفضها في نفسه، كي يلصقها في الآخر، سواء كان هذا الآخر شخصا أو شيئا.

Email