مصر تحاول نزع الفتيل و«حماس» تبحث عن مواجهة لخلط الأوراق

قطر وإيران.. غريقتان تتعلّقان بِقشّة غزة

Ⅶ مشهد من حرب غزة 2014.. وراء الدخان ما وراءه | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتجه الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة إلى مزيد التأزم في ظل سعي حركة حماس إلى إعادة خلط الأوراق عبر الدفع إلى حرب جديدة مع إسرائيل هدفها الأساس إرباك الوضع الإقليمي وكسب تعاطف شعبي عربي وإسلامي مع حلفاء الحركة وبخاصة دولة قطر الخاضعة لقرار المقاطعة الخليجية، والتي لم تعد تجد ما تتكئ عليه في عزلتها الإقليمية والدولية، إلا الادعاء بأنها تدفع ثمن مساندتها للقضية الفلسطينية، في حين أنها تساند الجناح الفلسطيني من جماعة الإخوان الإرهابية.

ويرجّح مراقبون أن تكون الدوحة وطهران قد اتفقتا سراً على تحريك حلفائهما في غزة لتحقيق ما يعتبرانه «إحراجاً للنظام الرسمي العربي وبخاصة الدول المنفّذة لقرار مقاطعة قطر بسبب تآمرها على الأمن القومي الخليجي والعربي ودعمها للجماعات الإرهابية» وفق قراءة المحلل السياسي الليبي عبد الكريم العجمي.

وسقط الثلاثاء صاروخ أطلق من غزة في تجمع «شعار هنيغيف» الاستيطاني جنوبي فلسطين، من دون أن يتسبّب في أي أضرار، لكن سرعان ما شن الطيران الإسرائيلي غارات استهدفت موقع «بدر» التابع لكتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس غربي مدينة غزة.

فيما ردّت «حماس» ببيان حذّرت فيه إسرائيل من «التمادي في استهداف مواقعها والاستمرار في هذا التصعيد الخطير والقصف أو المساس بأي من أبناء الشعب الفلسطيني»، مؤكدة أن «الاحتلال الإسرائيلي يتحمّل كل تبعات حماقاته وسياساته غير المحسوبة العواقب»، في تلميح إلى إمكانية الدفع نحو مواجهة جديدة تعيد إلى الأذهان سيناريو عملية «الجرف الصامد» التي شنها الجيش الإسرائيلي على غزة عام 2014.

خدمة لـ «حماس» وإسرائيل

ولا يستبعد مهتمون بالشأن الفلسطيني أن تدفع الدوحة، التي تحتفظ بعلاقات قوية مع «حماس» وإسرائيل، نحو معركة تخدمها كما تخدم الطرفين المتقابلين على الأرض، فبحسب ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر استخباراتية صهيونية «قد تعمد حماس لتحسين وضعها الاقتصادي ومكانتها في العالم العربي... ويمكن نتيجة لذلك، الافتراض بأنها ستدفع باتجاه مواجهة مع إسرائيل، تساعدها في تحقيق هذا الهدف»، بينما «ستساعد الحرب المتوقعة في غزة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على صرف أنظار واشنطن عن خطتها السياسية للمنطقة، وتمنحه أيضاً طوق النجاة في عرقلة التحقيقات التي تجري معه في قضايا فساد تهدّد استمرار حكمه، كما أن الحرب ستعمل على تحسين صورته بين الإسرائيليين» وفق مقال للكاتب اليساري الإسرائيلي روغل أولفير نشرته صحيفة «هآرتس» في عددها ليوم 19 يونيو الجاري.

أما قطر فقامت من خلال وكلائها في عدد من العواصم العربية بتنظيم فعاليات «تضامنية» معها، لم تجد ما ترتكز عليه في ظل تورطها الواضح في دعم الإرهاب، إلا الادعاء بأنها مستهدفة عربياً ودولياً بسبب دعمها لحركة حماس، متجاهلة متانة العلاقات الاستراتيجية التي تربطها بالكيان الصهيوني. وبحسب المحلل السياسي التونسي عمر الحاج علي، فإن الدوحة تعمل على الدفع نحو حرب جديدة في غزة، بهدف تحويل النظر عن الوضع الذي تورطت فيه بسبب مواقفها العدائية في منطقة الخليج والعالم العربي، وإعطاء الفرصة لحلفائها من جماعات الإسلام السياسي للقيام بمحاولات تحريك الشارع العربي واستغلال ذلك للترويج لما يسمى مظلومية قطر الكاذبة.

حل غير مباشر

ويشير مراقبون إلى وجود إشارات تم التقاطها بشأن قرار قطري إيراني بالدفع إلى حرب جديدة في غزة، يتفق مع سعي «حماس» التي أحكمت سيطرتها على القطاع منذ 2007 إلى التهرب من مسؤوليتها عن انهيار الخدمات وبخاصة الكهرباء، وهو ما أبرزته صحيفة «معاريف» العبرية الأحد الماضي عندما قالت «إن حماس لا تمتلك أوراق ضغط سياسية تجاه السلطة الفلسطينية وإسرائيل فيما يتعلق بأزمة الكهرباء، لكنها تمتلك حلاً غير مباشر، يتمثّل في التسبب بتدهور الوضع الأمني حتى يصل إلى مواجهة عسكرية جديدة مع إسرائيل».

ويرجح مراقبون أن يكون اتفاق حصل بين الدوحة وطهران للدفع بحركة حماس نحو مغامرة جديدة في غزة، ستعطي المبرر لإسرائيل لتنفيذ هجوم كاسح على القطاع، خصوصاً وأن البلدين المتحالفين يسعيان دائماً للهروب إلى الأمام، غير مكترثين بدماء الأبرياء التي سبق أن كانا وراء سفكها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا وفلسطين، فأي حرب جديدة في غزة، سيتم استعمالها من قبل نظام الملالي في إيران وتابعه القطري لمحاولة تلميع صورة تحالفهما المشبوه، ولكسب بعض النقاط في صراعهما الخاسر مع المجتمع الدولي، بعد ثبوت تورطهما في دعم الإرهاب.

مبادرات مصرية

لتلافي تدهور الأوضاع الأمنية داخل قطاع غزة، سمحت السلطات المصرية بإدخال شاحنات محملة بالوقود الصناعي إلى غزة عبر معبر رفح البري لتشغيل محطة توليد الكهرباء، في حين يواصل الإعلام الممول من قبل الدوحة يوجه انتقاداته للقاهرة وعدد من دول الخليج في مقدمتها المملكة العربية السعودية، متهما إياها بالسعي لتصفية القضية الفلسطينية عبر مقاطعة قطر ومعاداة ايران في محاولة لتزييف الحقائق والتهرب من طبيعة الخلافات الجوهرية المتعلقة أساسا بالأمن القومي الخليجي والعربي.

واستقبلت القاهرة مؤخرا القائد العام لحركة حماس في غزة يحيى السنوار الذي التقى بعدد من المسؤولين المصريين وإجراء «محادثات اكتسبت زخماً» بحسب مصادر اعلامية، أكدت أن مصر تحاول نزع فتيل الأزمة الحالية في القطاع، عبر التوسّط لعقد صفقة تقضي بتسليم «حماس» أسرى إسرائيليين محتجزين لديها مقابل إطلاق سراح عناصر الحركة، محرري صفقة شاليط، الذين اعتقلتهم إسرائيل في أعقاب عملية خطف ثلاثة مستوطنين وقتلهم عام 2014.

يذكر أن حماس تحتفظ بجنديين إسرائيليين، هما هدار غولدين وأورون شاؤول، دون أن يتضح إن كانا حيّين أو جثتين، وكذلك بآخرين دخلا إلى القطاع، وهم من فلسطينيي الـ 48 الذين يحملون بطاقة الهوية الإسرائيلية.

بروباغندا

وخلال الأسبوع الماضي، واصلت ايران البروباغندا السياسية لخدمة أهدافها التوسعية على حساب الفلسطينيين حيث نُصِبت ساعة رقمية في مركز طهران لاحتساب الأيام والساعات والدقائق المتبقية حتى «إبادة إسرائيل»، وذلك وفق وعود أطلقها المرشد الأعلى علي خامنئي بأنه سيتم القضاء على إسرائيل عام 2040، ولمنح الإيرانيين قوة الصبر والانتظار حتى حلول «الموعد المنتظر» وُضعت ساعة رقمية كبيرة في مركز طهران يتم فيها التعداد إلى الوراء حتى عام 2040.

وينتظر أن تستقبل طهران خلال الأيام القادمة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية لتأكيد الروابط المتينة بينهما رغم ما سبق الحديث عنه من خلافات حول قراءة كل من الطرفين للأزمة السورية، فـ «حماس» تبقى بالنسبة لنظام حكم الملالي حصان طروادة الذي يستعمل لاقتحام حصون ألإسلام السني تحت شعارات دعم المقاومة، وكذلك الرابط بين شقي الإسلام السياسي الشيعي والسني اللذين يحظيان بدعم كامل من إيران وقطر.

وتشير مصادر مختلفة إلى أن عودة العلاقات إلى سالف قوتها بين طهران و«حماس»، تتزامن مع استرجاع الدوحة علاقاتها مع حزب الله اللبناني، الذي يبحث هو الآخر عن منفذ لتلميع صورته عبر فتح الباب أمام مواجهة جديدة مع إسرائيل.

خسائر

خلال العدوان الإسرائيلي الاخير على غزة، دمر الاحتلال 2358 منزلا بشكل كلي، و13644 بشكل جزئي، بحيث باتت تلك المنازل لا تصلح للسكن، فضلاً عن و60 مسجدا بشكل كلي و109 بشكل جزئي، كما دمر برجين سكنيين وبرجين تجاريين كانت تضم مكاتب للصحافيين.

Email