الريــال في مهب الريح

اقتصاد قطر يترنح وفوضى في سوق العملات

ت + ت - الحجم الطبيعي

اتسعت رقعة الآثار الاقتصادية السلبية الناجمة عن إصرار السلطات القطرية على المضي قدماً في دعم التنظيمات الإرهابية ما دفع دول خليجية وعربية لمقاطعتها، وهو ما يجعل الاقتصاد القطري في مهب الريح حال استمرار المقاطعة لمدة أطول،إذ رفضت أحد أكبر دور الصرافة في بريطانيا  شراء الريال القطري و هوت سندات قطر الدولارية السيادية المستحقة في 2026 لأدنى مستوى منذ يناير 2017، في إشارة إلى تجنب المستثمرين تداولها خوفاً من عدم إمكانية الحكومة القطرية سدادها عند الاستحقاق.

وبالتزامن مع ذلك، بدأ عدد من البنوك ووكالات الصرافة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية رفض شراء الريال القطري، حسب ما نقل موقع «دوحة نيوز»، أمس.

ووفقاً للموقع، وضعت مؤسسات التداول المصرفي، الريال القطري تحت المراقبة، وذلك لانخفاض قيمته في السوق بسبب أزمة المقاطعة.

وتواصل عدد من المواطنين القطريين المسافرين في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا مع الموقع، مؤكدين أنهم لم يستطيعوا بيع ريالات قطرية في الخارج.

تحويل الأموال

وقال أحدهم لموقع دوحة نيوز: «أنا في لوس أنجلوس وحاولت تحويل أموالي القطرية في بنوك عدة، لكنهم أخبروني بأن أوامر وصلتهم بعدم قبول الريال القطري مطلقاً».

ووفقاً للموقع، فقد أكد الفرع البريطاني من شركة الصرافة العالمية «ترافيليكس» وبنك «هاليفاكس بانك أوف سكوتلاند» البريطاني، عدم قبولهم للريالات قطرية من الزبائن.

وقال عمر محمد، المحلل الاقتصادي لشركة التحويل المالي الدولية «إمبيريال إف إكس»، إن شراء الريال القطري «غير مربح» للعديد من البنوك في الوقت الحالي.

وحاول البنك القطري المركزي تثبيت الريال القطري بقيمة 3.64 للدولار الواحد، ولكن قيمته سرعان ما انخفضت إلى 3.81 ريالات للدولار، وفقا لتقارير موقع بلومبيرغ الاقتصادي.

بلغ السعر المعروض للريال القطري مستوى أضعف من سعر ربطه بالدولار الأميركي في الوقت الذي تكابد فيه الدوحة صعوبات جراء سياساتها الداعمة للإرهاب التي دفعت دول خليجية وعربية إلى مقاطعتها، لكن مصرفيين عزوا ذلك إلى شح السيولة في سوق العملة المحلية.

وأظهرت بيانات لتومسون رويترز أن ذلك التحرك، الذي لا يصل إلى 1%، ليس كبيراً بالأرقام المطلقة لكنه أضعف سعر صرف في السوق الفورية منذ نحو 27 عاماً.

وعلاوة على ذلك، فإن الانخفاضات السابقة للريال كانت لا تستمر لأكثر من يوم واحد عادة، ولكن في هذه المرة، سجلت العملة القطرية ضعفاً كبيرا عن سعر الربط لأسبوعين.

السوق الفورية

وقال مصرفيون خليجيون من داخل قطر وخارجها إن أسعار السوق الفورية تظهر عدم قدرة البنك المركزي على الدفاع عن سعر ربط العملة المحلية بالدولار الأميركي.

وأضافوا أن التقلبات تبدو ناتجة عن الطريقة التي أثرت بها الإجراءات الاقتصادية ضد قطر على التعاملات بين البنوك، فقد قلصت كثير من البنوك في السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين المعاملات مع المؤسسات القطرية أو جمدتها. وأصبحت البنوك الأجنبية أكثر حذراً نظراً للمخاطر السياسية.

وكبح ذلك تداول النقد الأجنبي، وبصفة خاصة بين البنوك التي تعمل في الداخل والخارج، وتسبب في اختناقات بسلسلة إمدادات الدولار المتجهة إلى المؤسسات الخارجية وهو ما دفع الريال للتراجع، وهو أمر مرشح للزيادة في الأيام المقبلة.

ومن جانبها، قالت وكالة رويترز في تقرير بثته أمس إن المقاطعة الخليجية وضعف السيولة خلقتا فوضى في سوق صرف الريال القطري الذي جرى تداوله دون سعر ربطه بالدولار بكثير هذا الأسبوع.

ويتزايد تقلب الريال القطري في السوق الفورية منذ أن قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع الدوحة في الخامس من يونيو الجاري متهمة إياها بدعم الإرهاب.

فوارق كبيرة

وتشير بعض البنوك إلى فوارق كبيرة بين عروض البيع وطلبات الشراء وقفزات كبيرة في الأسعار المعروضة في فترات لا تتجاوز دقائق قليلة في الوقت الذي يجد فيه بعض الزبائن صعوبة في ملء أوامر نظراً لضعف السيولة وسط استمرار الغموض بشأن البنوك التي ما زالت قادرة على تداول الريال والأحجام المحتملة لتلك التداولات، بحسب الوكالة.

وجرى تداول الريال هذا الأسبوع بين البنوك عند مستوى منخفض بلغ 3.81 ريالات مقابل الدولار، وهو ما يقل عن سعر الربط بأكثر من 4%، كما أنه أدنى مستوى خلال هذا العقد.

وعادة ما تشير مثل تلك الفجوة إلى تخلي المصرف المركزي عن الربط والسماح للريال بالهبوط، لكن انخفاض الريال هذه المرة يرجع إلى أثر الأزمة الدبلوماسية على سوق الصرف.

وجمدت بنوك خليجية كثيرة أو خفضت تعاملاتها مع قطر، وهو ما تسبب في تدفق الأموال في السوق بوتيرة أبطأ وعلى نحو أقل فاعلية بين البنوك الخارجية والمحلية.

وأحدث ذلك فجوة بين المعاملات في الداخل، حيث يواصل المصرف المركزي ضخ إمدادات من الدولارات بسعر يصل إلى 3.6415 ريالات للدولار وفق آلية الربط، والتداول الخارجي حيث تطلب البنوك الأجنبية القلقة علاوة على شراء الريال وهو ما يدفع العملة القطرية إلى التراجع.

ضبابية

وقال مسؤول خزانة رفيع المستوى في بنك بأبوظبي «هناك بالقطع متاجرة بفروق الأسعار بين التداول في الداخل والخارج بسبب الضبابية، والمتعاملون يستفيدون من التقلبات».

وهبط الريال القطري إلى أدنى مستوياته في وقت سابق من هذا الأسبوع حينما أغلقت جميع الأسواق المالية الخليجية في عطلة عيد الفطر، وهو ما أتاح المجال أمام البنوك الخارجية في أوروبا ونيويورك لتداوله من دون مرجعية للنشاط في الخليج.

وواصلت أمس تكلفة التأمين على ديون قطر الارتفاع، بينما هبطت سنداتها السيادية الدولارية استحقاق 2026 إلى أدنى مستوياتها منذ مطلع العام الجاري.

وتراجعت سندات قطر السيادية الدولارية الدولية استحقاق 2026 بمقدار 0.2 سنت للدولار إلى 97.257 سنتاً مسجلة أدنى مستوياتها منذ أوائل يناير بحسب بيانات تريدويب.

وجرى أمس تداول عقود مبادلة مخاطر الائتمان القطرية لأجل خمس سنوات عند 118 نقطة أساس بزيادة ثلاث نقاط أساس عن إغلاق أول من أمس، وفقا لبيانات آي.إتش.إس ماركت، مقارنة مع 119 نقطة أساس يوم الاثنين والذي كان أعلى مستوى لها منذ فبراير 2016.

Email