محاولة مشبوهة للتهرب من استحقاقاتها

الدوحة تحرك جبهة غزة بالتآمر مع «حماس»

ت + ت - الحجم الطبيعي

حاولت حركة حماس أمس بإيعاز واضح من قطر، افتعال حرب مع إسرائيل التي تقيم في الوقت نفسه علاقات حميمة مع الدوحة، في مسعى مشبوه لتقديم طوق نجاة لقطر من أزمتها الخليجية.

فعلى حساب الدم الفلسطيني كما في الحروب السابقة أطلقت حماس صاروخا باتجاه مستوطنات إسرائيلية في محاولة لخلط الأوراق واستدراج إسرائيل لعدوان جديد على قطاع غزة يمنح الدوحة فرصة التدخل لوقفه وبالتالي تقديم نفسها للعرب والعالم باعتبارها الوسيط الملائم للسلام وحقن الدماء وبالتالي تحقيق انجاز سياسي يعيد ترتيب الأولويات في المنطقة التي تعاني من أزمات متلاحقة سببها دعم الدوحة للإرهاب.

فبعد أن أطلقت حماس صاروخاً صوب تجمع مستوطنات شرقي القطاع لم يحدث إصابات، التقطت إسرائيل التي تصطاد في الماء العكر، الرسالة ونفذت طائراتها ومدفعيتها قصفاً على عدة أهداف لحماس في قطاع غزة طال أيضاً منازل المدنيين والأراضي الزراعية شرق القطاع.

وأفادت مصادر محلية وشهود عيان في غزة، أن طائرات الاحتلال أطلقت عدة صواريخ صوب أهداف شمال غرب مدينة غزة، وشرق منطقة وادي غزة جنوب المدينة، وفي حي النصر شمال شرق مدينة رفح جنوب القطاع، مخلفة أضراراً كبيرة في منازل الفلسطينيين، ومحدثةً أصوات انفجارات ضخمة.

ووسط هذا التوتر المشبوه في هذا التوقيت قالت القناة الثانية الإسرائيلية إن الحديث عن حرب محتملة بين إسرائيل وحماس، لا تعني أن الجانبين لا يقيمان اتصالات عبر قنوات سرية وأطراف ثالثة لمناقشة قضية الأسرى في السجون الإسرائيلية، وجثث الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس. ووفق القناة فهناك اتصالات مكثفة بين حماس وإسرائيل للوصول إلى صفقة تبادل أسرى.

جثامين شهداء

على صعيد آخر حدّدت المحكمة العليا الإسرائيلية شهر سبتمبر للتداول في الالتماس الذي قدمته عائلات وجمعيات فلسطينية تطالب بتحرير جثامين الشهداء الذين تحتجزهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي. وأطلقت بالقدس المحتلة حملة بعنوان «بدنا أولادنا»، والتي سرعان ما التحمت مع اللجنة الوطنية لاستعادة جثامين الشهداء بفلسطين. واستطاعت الحملة أن تشكل قوة ضغط على الاحتلال للإفراج عن جثامين الشهداء المحتجزة منذ أكتوبر 2015 والذين تجاوز عددهم 150 شهيداً تراوحت فترات احتجازهم بين شهر و12 شهراً.

وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، إن المحكمة العليا عينت جلسة في الثالث عشر من سبتمبر المقبل للنظر في طلب تسليم جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة.

صديقة إسرائيل.. وتتاجر بالقضية الفلسطينية

مثّلت قطر حجر عثرة أمام المصالحة الفلسطينية ولم شمل حركتي فتح وحماس الذي عملت من أجله دول الخليج منذ اتفاق مكّة المكرمة في عام 2007، والذي أرسى قواعد متينة للوفاق عبر تأكيده حرمة الدم الفلسطيني والوحدة الوطنية كأساس للصمود في وجه الاحتلال وتحقيق تطلّعات الفلسطينيين إلى الحرية والاستقلال وإقامة الدولة العتيدة.

فقد أدى تدخّل الدوحة وعملها على شق عصا الوحدة والوقوف في وجه تشكيل حكومة وحدة وطنية إلى سد كل طريق يؤّدي إلى الوفاق بين الحركتين، وساهم في تعطيل المضي قدماً في إجراءات تطوير وإصلاح منظّمة التحرير الفلسطينية وتسريع عمل اللجنة التحضيرية للانتخابات العامة، استناداً إلى تفاهمات القاهرة. ويتساءل مسؤولون خليجيون عن توقيت إطلاق صاروخ من قطاع غزّة على إسرائيل وعدم جدواه في تحقيق أي أهداف سواء سياسية أو عسكرية، مشيرين إلى تورّط قطري في هذا الأمر.

وأكّد المستشار بالديوان الملكي السعودي سعود القحطاني أنّ اتفاق قادة فتح وحماس في مكّة بعد أن أقسموا أمام الكعبة المشرّفة على التقيّد بالاتفاق، دفع أمير قطر السابق حمد بن خليفة إلى دفع مئات الملايين لأحدهم لينكث قسمه، واليوم يزايدون علينا، ما تسبّب في شرخ عميق بين مكوّنات المجتمع الفلسطيني تتحمّل الدوحة مسؤوليته.

ويقول محللون أن العبث القطري بالشراكة مع حركة حماس (التي شجعتها الدوحة على الانقلاب على كل ثوابت القضيّة الفلسطينية)، أدى إلى تحويل مقاومة الاحتلال إلى ورقة سياسية لا أكثر، تستخدم من أجل مصالح رخيصة، وهو ما يؤكده قيام حركة حماس بافتعال هجوم صاروخي في حرب مفتعلة مع الاحتلال بما يمكّن قطر من الدخول على الخط وإظهار نفسها في لباس المدافع عن القضية الفلسطينية.

رغم أنها ترتبط بعلاقات وثيقة مع إسرائيل وتستقبل مسؤولين إسرائيليين بانتظام، الأمر الذي يؤكد على إصرار الدوحة ومضيها في مشروعها التآمري، في تغافل تام عن أنّ هذه الورقة أصبحت مكشوفة للشعوب التي أصبحت واعية وأنضج من أن تنطلي عليها مثل هذه الخدع.

Email