سلطت الضوء على أساليب أجهزتها الأمنية في التآمر على الإمارات ودول الجوار

اعترافات عميل المخابرات القطري تكشـف اتساع نطاق المخطط التخريبي للدوحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشفت اعترافات ضابط المخابرات القطري حمد علي محمد علي الحمادي (33 سنة) التي تم بثها، أمس، للمرة الأولى عن الدور التخريبي واسع النطاق الذي اعتمدته قطر على مدى سنوات، لاستهداف دولة الإمارات ومختلف دول المنطقة.


فقد اعترف عميل الاستخبارات القطري أن جهاز المخابرات القطري خصص ميزانيات وموارد ضخمة لإقامة مواقع وحسابات شبكية وهمية مشبوهة تستهدف بث الإشاعات والأخبار المفبركة والإساءة لرموز الدولة.


وقد حظيت الاعترافات التي تم بثها ضمن برنامج خاص عرضته قناة أبوظبي، مساء أمس، باهتمام واسع النطاق من قبل المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات، كما تم تناقله على عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليشكل دليل إدانة على الدور التخريبي الذي تنتهجه قطر ضد دول الجوار.


بداية القصة
فقد بدأت القصة قبل عدة سنوات حينما رصدت أجهزة الأمن الإماراتية حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تسيء لدولة الإمارات ورموزها، وأظهرت عمليات المتابعة التقنية التي تم إجراؤها في هذا المجال أن هذه الحسابات كانت تخص أرقام هواتف صادرة من دولة الإمارات، كما ادعى الأصحاب المزعومون لهذه الحسابات بأنهم من مواطني الإمارات، فيما شكل آنذاك استغراباً كبيراً لاستحالة قيام مواطن إماراتي باستخدام رسوم وتعبيرات بذيئة بحق بلاده وقيادته.

ولهذا بدأت أجهزة الأمن الإماراتية بتعقب هذه الحسابات، وخصوصاً حساب باسم «بو عسكور»، وبعد فترة من المراقبة، اكتشفت بأن الرسائل المسيئة تأتي من قطر، وقامت الأجهزة الأمنية برصد القادمين من هذه الدولة، حتى تمكنت أخيراً من وضع يدها على شخص، تبين لها لاحقاً بأنه أحد عناصر أمن الدولة القطرية.


تفاصيل المؤامرة
وسرد عميل المخابرات القطري حمد الحمادي تفاصيل المؤامرة، حيث قال: «أعمل في جهاز أمن الدولة برتبة ملازم ثاني، في سكرتارية رئيس جهاز الأمن القطري، والتحقت بسكرتارية رئيس الجهاز في ديسمبر 2013، ورافقت الرئيس في سفراته للعمل، حيث كانت طبيعة عملي المرافقة له خارج الدوام، بالإضافة إلى إنجاز الأعمال الشخصية وأمور منزله». وتابع «قبل مباشرتي مهام العمل مع رئيس الجهاز، كانت أعمل مع المقدم جاسم محمد عبدالله رستم، مساعد رئيس الجهاز لشؤون العمليات».


ومنذ عدة أعوام أنشأ جهاز أمن الدولة القطرية، ما تسمى بالإدارة الرقمية لرصد كل ما يتم بثه على وسائل التواصل الاجتماعي، كما عهد إليه بمهام إنشاء حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» و«انستغرام»، بأسماء وهمية، وكان الهدف من هذه الحسابات استهداف دولة الإمارات العربية المتحدة والإيحاء بوجود تذمر في صفوف المواطنين.


الرحلة إلى الإمارات
وقال الحمادي «في 15 سبتمبر اتصل بي المقدم جاسم وطلب مني الحضور إلى مكتبه الساعة 10 صباحاً، وحضرت في تمام الساعة 12 وأعطاني مبلغ 25 ألف ريال قطري من نثريات الجهاز».

وتابع «كانت المهمة تتلخص في أن يتوجه الملازم حمد الحمادي، براً إلى دولة الإمارات لشراء 5 شرائح هاتفية، وتعبئتها برصيد 5 آلاف درهم لكل شريحة لاستخدامها دولياً». وأضاف: «سألت المقدم جاسم عن السبب، فأجاب حتى يكون هناك خدمات التجوال الدولي «رومينغ» و«يوتيوب» لأن الدقيقة ستكون بـ 55 درهماً استغربت عن السبب ولم يكن لدي أي علم عن حقيقة المهمة، وحاولت أن أسأل عن السبب مرة ثانية فأجاب، نفذ دون أن تناقش».


بعد ذلك غادر الملازم حمد الدوحة متوجهاً إلى معبر أبوسمرة القطري ومنه إلى معبر سلوى السعودي على الحدود بين البلدين. وقال «دخلت مركز سلوى الحدودي في حدود الساعة 5 أو 6 عصراً، حيث اشتريت 5 بطاقات سعودية وكانت مفعلة وفيها خدمة الانترنت وجميع الخدمات الأخرى».


بعد دخوله إلى الأراضي السعودية توجه حمد على الفور باتجاه معبر الغويفات الإماراتي ليصله مساء اليوم نفسه.


وأضاف: «دخلت مركز الغويفات بسيارة من نوع «تويوتا إف جي» سوداء اللون تحمل لوحة رقمها 355523، تعود ملكيتها إلى أخي محمد علي الحمادي، حيث قمت باستخراج وثيقة تأمين للسيارة بمبلغ 100 درهم».


شراء الشرائح
بعد إنهاء معاملة الدخول والتأمين على السيارة، توجه الملازم حمد إلى إحدى البقالات القريبة واشترى بسهولة 5 شرائح هاتفية إماراتية، من دون أن يطلب منه البائع تقديم صورة عن هويته الشخصية، كما ابتاع 4 أجهزة هاتفية واستخدم أيضاً هاتفه الشخصي لوضع الشرائح فيها، وقضى عدة ساعات وهو يقوم بشحن كل منها برصيد 5 آلاف درهم باستخدام بطاقة الشحن.

وتابع:«طلب مني المقدم جاسم أنه يتم تعبئة هذه الأرقام الإماراتية داخل شبكة الإمارات لكي أتمكن من تعبئتها، إذ لا يمكن تعبئتها في الخارج على شبكات أخرى، فشرعت بتعبئة الأرقام الخمسة بمبلغ 25 ألف درهم إماراتي عبر كروت الشحن وقسائم التعبئة الإلكترونية، بعد ذلك نزعت الكروت من الهواتف المتحركة وأخذت الكروت مع الهواتف وانصرفت من المكان».


العودة إلى قطر
وفي اليوم الثاني أي في 16 سبتمبر 2013 استقل الملازم حمد سيارة وعاد إلى معبر الغويفات الإماراتي ومنه إلى معبر سلوى السعودي ومنه إلى معبر أبو سمرة القطري وصولاً إلى العاصمة الدوحة. وقال «أثناء طريق العودة اتصلت بالمقدم جاسم وأخبرته بأني أنجزت المهمة التي قام بتكليفي بها، فأبلغني بأنه موجود في مقر العمل، وعندما وصلت إلى المقر، كان المقدم جاسم يستعد للخروج، فأعطيته الأغراض وأبلغته بأني قمت بدفع مبلغ 1200 ريال قطري لقاء كروت السعودية والبترول والتأمين.


وقال «عند وصولي إلى مقر جهاز أمن الدولة القطري، قمت بتسليم الشرائح الخمس إلى المقدم جاسم، والذي سلمها بدوره إلى النقيب حمد خميس الكبيسي، مدير الإدارة الرقمية في جهاز أمن الدولة القطري الذي كان موجوداً في المقر.


بعد ذلك عهد النقيب حمد خميس الكبيسي بالخطوط الهاتفية إلى الملازم راشد عبدالله المري والملازم عامر محمد لاستخدام الأرقام الإماراتية لإنشاء حسابات وهمية على مواقع «تويتر» و«انستغرام». ومن أشهر المواقع الوهمية التي أشرف عليها جهاز الأمن القطري موقع «بوعسكور»، الذي كان ينشر شائعات وأكاذيب وهمية عن الإمارات باستخدام ألفاظ وكلمات أثارت استغراب الجميع بسبب بذاءتها.


مهاجمة
وأفاد «الإدارة الرقمية هي من قامت بإنشاء حساب «بو عسكور» و«قناص الشمال» والحسابات الأخرى التي تسيء إلى دولة الإمارات واستخدامها في مهاجمة دولة الإمارات ورموزها، ومنهم المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، ومعالي الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي. وقال «بدأ الهجوم على دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال نشر صور مسيئة على موقع «انستغرام»، متوقعاً في الوقت نفسه بأنه قد تم استخدام أرقام الهواتف السعودية التي قام بشرائها من معبر سلوى السعودي في الإساءة إلى المملكة العربية السعودية».


العفو عند المقدرة
بعد إلقاء القبض عليه تمت إدانة الملازم حمد الحمادي من قبل محكمة أمن الدولة في الإمارات في عام 2015، وصدر في حقه حكم بالسجن لمدة 10 سنوات، كما أصدرت المحكمة حكماً غيابياً بالسجن المؤبد على 4 آخرين من منسوبي جهاز أمن الدولة القطري، وهم: المقدم جاسم محمد عبدالله، مساعد رئيس جهاز أمن الدولة للعمليات، والنقيب حمد خميس الكبيسي، مدير الإدارة الرقمية في جهاز أمن الدولة، والملازم أول راشد عبدالله المري، والملازم أول عامر محمد.


وحفاظاً على أواصر القربى وحسن الجوار، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لاحقاً على حكم محكمة أمن الدولة قراراً بالعفو عن الملازم حمد الحمادي.
ولا تشكل هذه القضية أي الإساءة إلى رموز دولة الإمارات من قبل أجهزة الأمن القطرية سوى واحدة من قضايا عدة حاولت فيها الدولة القطرية النيل من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وغيرها من الدول العربية، ولا تمثل هذه المؤامرة سوى قمة جبل الجليد الذي يخفي تحته ما يخفي من مؤامرات.

Email