الإمارات: لا حصار على قطر بل عزلة قد تستمر ســـــــــنوات

ت + ت - الحجم الطبيعي

جددت دولة الإمارات العربية المتحدة تأكيدها أن قطر ليست تحت الحصار بل تحت إجراءات عزلة قد تستمر لسنوات إذا أصرّت الدوحة على عنادها، في حين جددت قطر بالفعل مواقفها المتعنّتة والمتوهّمة أنها في موقع من يضع شروطاً للتفاوض، وتصرّ على وصف إجراءات مقاطعتها بـ «الحصار»، في محاولة لاستعطاف دول معيّنة، في حين تستقوي بدول أخرى من النوع الذي يصطاد في المياه العكرة.

وقال معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، أمس، إن العزلة التي تفرضها دول خليجية عربية ودول غير عربية على قطر «قد تستمر لسنوات» إذا لم تغير مسار سياساتها الداعمة للتطرف والإرهاب.

وقال معالي قرقاش متحدثاً إلى مجموعة صغيرة من الصحافيين في باريس إن «الوساطة الكويتية ستكون مفيدة جداً وستكون هناك مطالب. قطر ستدرك أن هذا وضع جديد وأن العزلة قد تستمر لسنوات». وأضاف ان الوساطة الكويتية هي «وساطة تقليدية»، ملمّحاً إلى أن لا آمال كبرى معلقة عليها.

وقال معاليه «إذا كان القطريون يريدون عزلهم بسبب رؤيتهم المنحرفة لدورهم السياسي، فلندعهم يُعزلون. لا يزالون في مرحلة من الإنكار والغضب». وأشار إلى أن مبعث القلق الرئيسي هو التعامل مع صلات الدوحة بالجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة وبجماعات متشددة أخرى في أنحاء المنطقة بالإضافة إلى علاقاتها بجماعة الإخوان وحركة حماس. وقال معاليه إن قائمة بشكاوى الدول العربية من قطر ستستكمل في غضون الأيام القليلة المقبلة.

عزلة لا تصعيد

وقال معالي قرقاش «لا نرى تصعيداً لكن عزلة. أنت جزء من فريقنا لكن تواصل إحراز الأهداف في مرماك». وتحدث عن الدعم القطري لجماعات متشددة في ليبيا واليمن وسوريا. وأضاف أن هناك خطراً يتمثل في محاولة إيران وتركيا سد الفراغ الناجم عن الخلاف، لكنه حث أنقرة على التزام الحياد. وأعلنت تركيا دعمها للدوحة خلال الأزمة.

وقال «ما زلنا في الأيام الأولى. تحاول تركيا الموازنة بين تعصبها الأيديولوجي ومصالحها الوطنية. لا نزال في نفس المرحلة ودعونا نأمل أن يتحلوا بالحكمة ويفهموا أن ذلك يصب في مصلحتهم... ما نقوم به».

وأضاف «ليس المطلوب تغيير النظام، بل تغيير السلوك» من أجل رفع العقوبات، مبدياً أمله في أن يكون «هناك عقلاء داخل العائلة المالكة» يمكنهم التأثير على أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بهذا الصدد. وقال «نعتزم حقاً إبداء شدة وتوجيه رسالة واضحة».

وعن المساعي السياسية لتسوية الأزمة، قال «حاولنا الدبلوماسية مع القطريين (في الماضي) وفشلنا».

وقال معالي الدكتور قرقاش الذي يزور باريس إنه يعتقد إنه ستكون هناك حاجة لمراقبة أنشطة قطر في المنطقة إذا تراجعت عن مواقفها، وأن القوى الغربية قد تضطلع بهذه المهمة. وقال «لا توجد ثقة. حتى الآن لا تزال إقامة نظام مراقبة مجرد فكرة... يمكن لفرنسا أو بريطانيا أو الولايات المتحدة أو ألمانيا القيام بالمراقبة لأن لديهم النفوذ الدبلوماسي والمعرفة التقنية».

ولفت معالي قرقاش إلى أن هذه التدابير تقررت ضد قطر بعدما أظهر الرئيس دونالد ترامب خلال قمة الرياض في مايو أن الإدارة الأميركية تعطي «أولوية أكبر لمكافحة الإرهاب والتطرف» من الإدارة السابقة. لكنه أوضح أن دول الخليج تعهدت للولايات المتحدة بأن قاعدة العديد التي تؤوي حوالى عشرة آلاف جندي أميركي وتنطلق منها طائرات التحالف بقيادة واشنطن «ستعمل بصورة طبيعية في ظل الأزمة».

سياسة التعنّت

وفي سياق سياسة المكابرة والهروب للأمام، دعت الدوحة إلى رفع ما تسميه تضليلاً «الحصار» قبل البدء في مفاوضات لحل الأزمة.

وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني لصحافيين في الدوحة «نريد أن نوضح للجميع أن المفاوضات يجب أن تتم بطريقة حضارية وأن تقوم على أسس قوية وليس تحت الضغط أو تحت الحصار»، مضيفاً «طالما أن قطر تحت الحصار فلن تكون هناك مفاوضات».

وأضاف «سنعتمد على عُمان والكويت وتركيا إذا استمرت الأزمة، مشيراً إلى أن قطر لن تتفاوض على سياستها الخارجية وقناة الجزيرة». وقال إن إيران توفر لهم ممرات للطيران وإن قطر لن تتفاوض مع القوى العربية حتى تنتهي المقاطعة الاقتصادية، مشيراً إلى أنهم لم يتلقوا بعد أي مطالب من الدول التي قطعت علاقاتها معهم.

ورغم محاولات التظاهر بأن الإجراءات التي اتخذت بحق قطر لم تؤثر عليها، اضطر للاعتراف قائلاً «نحن لا ندعي العيش في ظروف مثالية»، مستخدماً لغة التحريض لآخرين حين قال «إن الإجراءات تؤثر على دول خارج المنطقة وبينها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة».

قوات تركية

ووسط هذا التشنّج، بدأت قوات تركية تمارين عسكرية مشتركة مع القوات القطرية في معسكر كتيبة طارق بن زياد في العاصمة القطرية. وزعمت الدوحة أن هدف التمارين «رفع الكفاءة القتالية للقوتين القطرية والتركية في وضع خطط العمليات المشتركة لمحاربة التطرف والإرهاب وعمليات حفظ السلام قبل وبعد العمليات العسكرية».

وبثت قناة الجزيرة الفضائية التلفزيونية مقطعاً مصوراً لطابور من حاملات الجنود المدرعة يتحرك وسط الشوارع. وذكرت أن قوات تركية إضافية وصلت إلى قطر للمشاركة في التدريبات، غير أن مصادر عسكرية في المنطقة قالت إن العملية تشارك فيها قوات تركية موجودة بالفعل هناك ولم ترسل تركيا أي وحدات عسكرية جديدة.

موقف جاد

وفي القاهرة، دعا السفير البريطاني جون كاسن قطر إلى تبني موقف جاد يزيل مخاوف جيرانها. وأضاف: «انه في الوقت نفسه، من المهم للغاية ألا يحدث تصعيد في الأزمة» مشيراً إلى أن ذلك يعني مساعدة المتطرفين. ووصف كاسن الفترة التي تمر بها المنطقة بـ«الحاسمة».

وأكد دعم بلاده لجهود الكويت الرامية الى التوصل الى حل للأزمة. ودعا كاسن، في تصريحات لعدد من الصحافيين على هامش حفل إفطار للاحتفاء بالملهمين المصريين الأحد. وحول المنظمات التي اعتبرتها السعودية والإمارات ومصر منظمات إرهابية، أكد السفير البريطاني أن بلاده تتواصل مع جميع الأطراف لتفهم بدقة المطلوب من الدول المقاطعة لتشجع قطر على اتخاذ الخطوات المناسبة.

وبشأن محاربة الإرهاب بعد الحوادث التي شهدتها لندن أخيراً، قال السفير كاسن «أعتقد إننا نواجه ونحارب نفس العدو في مانشستر ولندن، ولا بد أن نحارب باستراتيجية شاملة وإجراءات أمنية قوية». وقال كاسن إن هناك تعاوناً بين الجيشين المصري والبريطاني في كشف العبوات والمتفجرات في سيناء ومناطق أخرى، وطالب بضرورة تبادل الخبرات، ومحاربة الفكر الإرهابي والمتطرف والشبكات الإلكترونية.

استراتيجية ذكية

وشدد كاسن على ضرورة أن تكون هناك استراتيجية ذكية لمواجهة الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والتركيز على التعليم، وقال «سننجح في النهاية بالقضاء على الإرهابيين».

وفيما يخص استئناف الرحلات البريطانية لشرم الشيخ، أكد السفير جون كاسن أنه تحدث مع المسؤولين في لندن خلال زيارته الأخيرة الأسبوع الماضي بشأن هذا الأمر، وأوضح للحكومة الجديدة مدى أهمية السياحة للاقتصاد المصري.

ومضى يقول إن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، عندما كان في مصر سعى لفتح قنوات عمل مستمرة، موضحاً أنه طريق طويل، وأن الجانب البريطاني مازال يعمل مع مصر في هذا الملف للانتهاء منه.

 

الجزائر تحبط مسعى إيرانياً

أغلقت الجزائر باب إعلان رسمي بدعم دولة قطر في أزمتها مع محيطها العربي والإقليمي في وجه إيران، بعد زيارة خاطفة قام بها وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أمس للجزائر، بحثاً عن دعم في دول المغرب العربي للدوحة، حيث التزمت الجزائر بموقفها المحايد للأزمة واكتفت بالدعوة للحوار بين الأشقاء لحل الخلافات.

وقالت صحيفة الشروق الجزائرية إن الأزمة المندلعة بين دولة قطر وجيرانها كانت محور الزيارة التي قادت وزير الشؤون الخارجية الإيراني، والتي لم يتسرب منها الكثير، إلا أن وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، بدا دبلوماسياً في لقائه مع الضيف الإيراني، من خلال عدم الخوض في الخلاف الخليجي ـ الخليجي.

 

Email