كيف أحرق أمراء قطر سوريا بأموالهم؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

«إحدى المشاكل العميقة والتي تعتبر رئيسية في الخلاف القائم بين دول الخليج العربي وقطر، هي علاقات الدوحة الوثيقة مع مجموعة متنوعة من العناصر المتطرفة التي تمتد من حركة طالبان إلى إيران إلى جماعة الإخوان. لكن العلاقة الأكثر إثارة للقلق من قطر هي مع تنظيم القاعدة. لقد حان الوقت لتنتهي». هذا ما خلص له باحثون في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.

ماثيو ليفيت مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن وكاثرين باور الزميلة في المعهد. وكلاهما مسؤولان سابقان بوزارة الخزانة الأميركية، يقولان إن تنظيم القاعدة في سوريا يتمتع بشرعية (في غير محلها) من قبل قطر على اعتبار أن التنظيم يقاتل نظام بشار الأسد وتنظيم داعش.

ويضيف الباحثان أن الداعمين للتنظيم في قطر يرون القاعدة «متطرفين معتدلين» في الصراع متعدد الأطراف. وهذه الرؤية لتنظيم القاعدة في سوريا من قبل الداعمين القطريين مردّها أسباب عدة، أولها هو الاتفاق مع ايديولوجيا هذا التنظيم، والثاني أنهم يرون «القاعدة» أكثر اعتدالاً من البدائل ويقصد «داعش». وأخيراً أنهم يدعمون فكرة أن هذا التنظيم يوفر إمكانية حقيقية لإنهاء نظام الأسد القاتل، وبالتالي فإن الداعمين لا يرون في دعم القاعدة دعما للإرهاب».

وشدد الباحثان على أن هذا الاعتقاد في غير محله، ويجب أن يتم تحديه بقوة، مؤكدين أن القوة الحالية لتنظيم القاعدة في سوريا أعطتهم فرصاً جديدة من أجل استقطاب المزيد من خلال الدعم المالي، وهو بالتالي مازال يشكل تهديدا للغرب. وأشارا إلى أن الأمم المتحدة اعتبرت «تنظيم القاعدة في سوريا هو الفرع الأقوى والأكثر فعالية في العالم»، لذلك فإن إغلاق مصادر الإيرادات الموارد الحالية للمجموعة أمر بالغ الأهمية.

ميزانية ضخمة

ويقول الباحثان إن ميزانية تنظيم القاعدة في سوريا "النصرة" تصل إلى 10 ملايين دولار سنوياً، تأتي غالبيتها من قطر وتسهيلها جبهات كاذبة على الإنترنت. ويقدم الباحثان مثالين على ذلك، أولهما الكويتي حجاج العجمي، المدرج على قوائم الإرهاب والذي استخدم التويتر للحصول على تبرعات للتنظيم في سوريا.

والشخص الآخر هو القطري سعد بن سعد الكعبي الذي قام بعمل التماسات عبر الفيسبوك والواتساب «لتسليح وتغذية وعلاج» المقاتلين في سوريا، إلى جانب التبرعات الجماعية الصريحة للقاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى.

وتم الاستشهاد بتقرير لمجلة فايننشال تايمز يقول إن قطر دفعت مئات الملايين من الدولارات مقابل الافراج عن أفراد من العائلة الحاكمة، إلى تنظيم القاعدة. ويقول الباحثان إنه وإن كانت هناك مبالغة في المبلغ المذكور في التقرير، فإن الحقيقة أن هذه الأموال دفعت من خزينة الدولة القطرية لتنظيم القاعدة.

ويقول التقرير إنه بالرغم من اتخاذ الدوحة بعض الإجراءات المحدودة ضد ممولي الإرهاب الأفراد، مثل تجميد أصول، وفرض حظر للسفر على بعضهم، وإغلاق بعض الحسابات البنكية لمؤسسات مثل جمعية مداد أهل الشام الخيرية المرتبطة بالقاعدة في سوريا. لكن في كل هذا الحالات، تصرفت قطر خضوعاً لضغوط أميركية كبيرة.

الالتفاف على القرارات

وفي الوقت نفسه، كانت إجراءات الدوحة في كثير من الأحيان تعطي نتائج غير واضحة. على سبيل المثال، على الرغم من أن تقرير وزارة الخارجية الأميركية المتعلق بقطر الصادر عام 2014 بشأن الإرهاب قد ثمن دور قطر في إقفال منصة سعد الكعبي على الإنترنت لجمع التبرعات، وإغلاق جمعية مداد أهل الشام، ولكن العقوبات التي فرضتها وزارة الخزينة الأميركية ضد سعد الكعبي، أكدت أن الكعبي ما زال يشارك بنشاط في تمويل القاعدة في سوريا على الأقل بعد عام من ذلك في عام 2015.

وهناك قضية أخرى تشمل عبد الملك عبد السلام (المعروف أيضا باسم عمر القطري)، وهو أردني مقيم في قطر، وقدم «دعما واسعا» للقاعدة في سوريا، وفقا لوزارة الخزانة. في عامي 2011 و2012 عمل مع شركائه في تركيا وسوريا ولبنان وقطر وإيران لجمع ونقل الأموال والأسلحة، وتسهيل سفر المقاتلين. عمل صريح

ويختم الباحثان إلى أنه لا ينبغي أن يكون مفاجئا أن مسؤول الخزانة الأميركي السابق دانيال جلاسر أعرب عن أسفه في فبراير الماضي بأن الممولين الإرهابيين على قوائم الإرهاب في الولايات المتحدة والأمم المتحدة يواصلون العمل «بشكل صريح وواضح» في قطر. وقال جلاسر إن قطر لم تتخذ بعد «قرارات جوهرية» حول مكافحة تمويل الإرهاب وجعل البلاد (أي قطر) بيئة معادية للممولين الإرهابيين، مشيراً إلى أن تلك الخطوات الإيجابية التي اتخذتها قطر «بطيئة بشكل مؤلم».

تأخر

وينتهي الباحثان إلى أن القائمة السوداء التي قدمتها الدول الخليجية مطالبة قطر بترحيلهم أو حبسهم، تعطي الدوحة فرصة للمساعدة في حل خلافاتها مع جيرانها في مجلس التعاون الخليجي.

Email