قطر.. تمثيل وقفز بين المتناقضات

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس كل هدفهم نشر الخراب ودعم الإرهاب وتلويث عقول الشباب وغدر الأشقاء بالتنسيق مع الأعداء والرقص في بحيرات الدماء فقط، بل يملكون أهدافاً أخرى تتكشّف تباعاً مع الأيام، تجعل المرء مذهولاً بالفعل مما يحويه جراب الحاوي من صنوف المصائب والبلاوي.

برع القطريون في التمثيل على القريب والبعيد بتجسيد المُحاصر المسكين المحروم حتى من الأكسجين، ليخرج عليها من الجمهور من يدعو إلى نجدتها بالغذاء والدواء إمعاناً في الضحك على ذقون البسطاء، حتى إن من كان قبل شهر حالماً بالمليارات القطرية أصبح اليوم يتحدث عن بؤس أوضاعها الإنسانية، وكأن ثرواتها ضاعت فأفلست وجاعت، وكأنه لا من منافذ مفتوحة للبلاد تسمح لها بالتصدير والاستيراد، فتصلها احتياجاتها الأساسية دون حاجة منافسة الممثلين على خشبات المسارح.

يبدو جلياً للقاصي والداني مواهب حكام قطر في التلوّن والتحوّل والقفز على الحبال، فإذا بربّان الفبركة والتزييف والتزوير والتضليل يدعي كذباً مظلوميته ويفبرك الأكاذيب والأباطيل، ناسياً أو متناسيا أنّه من أسّس للفبركة والكذب، وأنّه من حوّل الإعلام إلى إجرام في حق العرب، ومن فرّخ الأفاعي على مواقع التواصل الاجتماعي، وجعل من التضليل الإعلامي الحقير وسيلة للتخريب والتدمير، ومنطلقاً لبث الفتنة والشقاق من ليبيا إلى سوريا مروراً باليمن إلى العراق، بل لم يسلم من جيرانه الخليجيين وأشقائه المقربين أحد، وكأنه فُطر على العبث بالدول والشعوب وإشعال الفتن والحروب.

ويتمظهر العجب وتتقافز الدهشة من انزعاج من جمعوا دعاة الفتنة والإرهاب ومن خلطوا عن عمد الدين بالسياسة وسدنة معبد النفاق من الإخوان المتأسلمين، والمبشرين بتدمير الأوطان وذبح الأمنين، من كبار علماء المسلمين، يسيرون على خطى كبيرهم رأس الفتنة يوسف القرضاوي داعية الدمار والهلاك الذي لا يعرف من مبادئ الإسلام النقي المتسامح المسالم شيئاً، تتلاقى أفكارهم مع جماعة الإخوان والقاعدة وطالبان وأنصار الشريعة وجبهة النصرة والحوثيين وبوكو حرام، يفتون بالعنف وترويع الآمنين وقتل العسكريين.

يجيد حكام قطر رياضة القفز بالزانة ولعبة المتناقضات، ويرمون المواقف في كل الاتجاهات، كيف لهم الجمع بين دول الخليج وإيران، مع روسيا والإخوان، مع القاعدة وطالبان وأميركا، والتحالف العربي والحوثيين في الوقت نفسه، ومع حزب الله والبحرين، وحماس والإسرائيليين، ومع الإرهاب ومن يحاربونه، يحتار المرء ويصيبه الدوار لما يرى من عجائب التناقضات القطرية.

تختص قطر في الجمباز السياسي من تحت الموائد والكراسي، فهي تفتي بسفك الدماء لتحقيق الأهداف الإخوانية، وتدعم الجماعات الإرهابية من أجل عيون أجندتها، وتفكك الجيوش وتمزق المجتمعات باسم الثورات الشعبية، وتخرب الدول وتدمر مؤسساتها تحت شعار الحرية، ليكتشف الناس بعد سقوط آلاف الضحايا وانتشار البلايا والرزايا، أن كل ذلك لا يعدو أن يكون لعبة صغار بالنار لن تحرق في النهاية سوى أصابع مشعليها.

Email