نزيف الخسائر يتواصل في كل القطاعات

اقتصاد قطر يدخل مرحلة الانكماش

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشفت مقاطعة الدول الخليجية والعربية للدوحة، عن هشاشة الاقتصاد القطري، حيث إن الاسم الذي حاولت قطر التسويق له لسنوات من خلال مئات المليارات من الاستثمارات والرعاية الرياضية واستضافتها لكأس العالم 2022 وعوائد بيع الغاز، لم تفلح في حماية الدوحة من تداعيات الأزمة الحالية والضرر الناجم عنها فيما أكدت تقارير صحافية أن المقاطعة التي تتعرض لها الدوحة نتيجة سياساتها الداعمة للإرهاب ستكون لها تداعيات مالية، وقد تلحق الضرر بسمعة قطر كوجهة تجارية حرة بينما ترتفع فاتورة الخسائر في كل القطاعات.

وأكدت تقارير اقتصادية أن زيادة الطلب بشكل حاد على السلع الغذائية من شأنه تأجيج نيران التضخم لاسيما مع ضعف العرض مقابل الطلب فيما يواصل الريال الترنح معمقاً نزيف الخسائر فيما تراجع تدفق الودائع الجديدة والاستثمارات بعد التصنيفات الائتمانية المتراجعة للمؤسسات والاقتصاد القطري فيما تواجه الخطوط الجوية القطرية تواجه المجهول في ضوء عمليات إلغاء الحجوزات وزيادة التكاليف التشغيلية.

تداعيات

وذكر تقرير نشرته وكالة «بلومبيرج» الاقتصادية، أن القوة الناعمة للعلامة التجارية (الخطوط القطرية) التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات التي كانت تهدف إلى حمايتها بدت أكثر هشاشة، لتنتهي الدوحة بعزلة لا تعلم تداعياتها إذا استمرت بشكل أطول.

وأشار التقرير إلى أن الأموال التي تحصلت عليها الدوحة خاصة من بيع الغاز الطبيعى، وناطحات السحاب والفنادق واستثمارات الشركات ورعاية الفرق الرياضية الأكثر شهرة في العالم، لم تكن درعاً لما آلت عليه الحال القطرية الآن.

انكماش اقتصادي

ويتزامن ذلك مع تأكيدات اقتصاديين، أكدوا أن قطر على وشك أن تدخل في حالة انكماش اقتصادي، مع زيادة الطلب على السلع الغذائية والتضخم العالي والبدء تدريجياً في فقدان الريال القطري قوته.

وقالوا إنه لا توجد ودائع جديدة ستدخل الاقتصاد القطري بعد التصنيفات الائتمانية الأخيرة المتراجعة، ووضعها قيد المراجعة وتعديل النظرة المستقبلية، وجميعها من تبعات قطع العلاقات نتيجة السياسات القطرية، ودعمها للإرهاب.

وتفقد قطر يومياً مزيداً من أموال الشركات والاستثمارات الخليجية والأجنبية، وهناك خروج يومي للسيولة من سوق المال والسندات، وتسجل يومياً خسائر في كل القطاعات، وستتجه إلى مزيد من الخسائر.

وخروج الأموال والاستثمارات الخليجية والأجنبية من قطر، سيتسبب في فقدان الثقة بالسوق القطرية، وسيترتب على ذلك تعويضات للشركات وإفلاسات وتأمينات ستتحملها الدولة، وستكون مجبرة على دفع التعويضات والتأمينات.

مصنع الهيليوم

وتزامناً مع الأزمة، أغلقت قطر التي تصنف ثاني أكبر منتج للهيليوم في العالم، مصنعيها لإنتاج الهيليوم الذي يستخدم في تبريد الوحدات المغناطيسية الفائقة التوصيل في أجهزة التصوير بأشعة الرنين المغناطيسي.

مواجهة المجهول

كمــا تواجــه الخطــوط الجوية القطرية المجهول بعد إلغاء رحلات وحجوزات كانت مقررة خلال الفترة الحالية، التي تعد فترة الذروة والموسم لشركات الطيران في الخليج والمنطقة العربية بشكل عام والعديد من أنحاء العالم.

إلغاء الحجوزات

وقدر مختصون في قطاع الطيران إجمالي الحجوزات التي تم إلغاؤها على الخطوط الجوية القطرية خلال الفترة الماضية بنحو 80 ألف مقعد، حيث تعتمد الخطوط الجوية القطرية بشكل كبير على الحجوزات من السعودية والإمارات والبحرين وكذلك الرحلات إلى مصر وتستحوذ على نسبة كبيرة من الحجوزات الدولية، حيث كانت نقطة ترانزيت مثالية للمسافرين من جميع أنحاء العالم قبل منعها من أجواء السعودية ولكن بعد منعها من أجواء السعودية اختلفت الموازين.

وأكدت العديد من التقارير الصحافية تزايد المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد القطري مع تواصل المقاطعة من الإمارات والسعودية والبحرين للدوحة موضحة أن الاقتصاد الهش معرض لمزيد من الخسائر في القطاعات كافة.

وقالت صحيفة فايننشال تايمز اللندنية إن مسؤولين قطرين أقروا بأن المقاطعة ستكون لها تداعيات مالية، وقد تلحق الضرر بسمعتها كوجهة تجارية حرة.

وقال أحدهم «ستلحق الضرر بنا في نهاية الأمر».

كما أن تأثيرات المقاطعة ستمتد إلى أكثر من شحن السلع. فقد توقفت قدرة أصحاب المهن على السفر بين قطر ودول أخرى .

قدرة محدودة

ومن جهتها قالت صحيفة نيويورك تايمز إن ثمة مشكلة لوجستية تواجه أولئك الذين يتعاملون مع قطر حالياً.

ونقلت عن أحد المصرفيين العالميين قوله، إن إرسال المستندات الورقية الخاصة بعاملات التمويل التجاري باتت أكثر بطئاً، وأكثر مشقة بعد إلغاء الرحلات المباشرة من دبي بسبب المقاطعة.

وأضافت أن قدرة البنوك العالمية على التعامل مع قطر قد تواجه عراقيل فيما لو اتخذ البنوك المركزية في السعودية وقطر إجراءات أكثر صرامة مثل ملكية القطريين للأصول. وحتى الآن ليست هناك أية بوادر لحدوث ذلك.

وكان سعر الفائدة بين البنوك القطرية لثلاثة أشهر ازداد إلى 2.31% من 1.92% قبل المقاطعة.

هواجس قادمة

وعلى الصعيد ذاته قالت مجلة «الإيكونومست» إن قطر ما زالت أمامها هواجس تقض مضاجعها. فطرق التجارة الجديدة ستستغرق وقتاً أطول وكلفة أكثر.

كما أن وكالة التصنيف الائتماني العالمية «فيتش» وضعتها قيد المراقبة السلبية، فيما ظل المستثمرون الأجانب في حالة من الجفول.

وقد تجد البنوك صعوبة أكثر في العثور على تمويل، الأمر الذي قد يعيق النمو الائتماني الذي غذى الاقتصاد مؤخراً.

أما الخطوط الجوية القطرية فقد أصابها قرار المقاطعة في مقتل. فيما أضحت مكانة قطر كوجهة جوية الآن مسألة فيها نظر.

مصلحة اقتصادية

من جانبها قالت صحيفة «بزنس انسايدر» إن محللين أكدوا أن الدعم التركي لقطر يستند على جملة إنفاق بعدة مليارات من الدولارات لهيئة قطر للاستثمار.

وأوضح البعض أن موقف أنقرة يمكن تفسيره من خلال حجم الاستثمارات القطرية، التي قدرت بنحو 1.5 مليار دولار. وفي الوقت نفسه فإن الشركات التركية فازت بعقود بقيمة تزيد عن 13 مليار دولار لمشاريع بناء تتعلق بكأس العالم 2022 في قطر.

تصدير الغاز

إلى ذلك ذكرت «قطر غاز» أمس إنها وقعت اتفاقاً مع شركة «شل» لتوريد ما يصل إلى 1.1 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا لمدة 5 سنوات، لكنها لم تشر إلى كيفية التصدير في ضوء المقاطعة التي ستصعب من عمليات النقل براً أو بحراً حيث تتزايد الشكوك بشأن مدى قدرة الدوحة على الوفاء بالتزاماتها التعاقدية.

ويبدأ سريان الاتفاق في يناير 2019 لتوريد غاز طبيعي مسال من الشركة القطرية للغاز المسال المحدودة 4 (قطر غاز 4) وهي مشروع مشترك بين قطر للبترول التي تمتلك حصة 70 في المئة والحصة الباقية لشل.

وذكرت قطر غاز في بيان نقلته رويترز أن الغاز الطبيعي المسال سيسلم إما لمرفأ دراجون للغاز الطبيعي المسال في بريطانيا أو مرفأ جيت للغاز الطبيعي المسال في هولندا دون أن تكشف عن قيمة الصفقة.

الالتزامات التعاقدية

وقطعت الإمارات والسعودية ومصر والبحرين العلاقات مع قطر الشهر الحالي واتهمتها بدعم الإرهاب الأمر الذي يحد من قدرة الدوحة على الوفاء بالتزاماتها التعاقدية لاسيما مع تضرر المنشآت الإنتاجية والخدمية من تأثيرات المقاطعة.

Email