سيرين بورماش.. ضحيّة الجشع وتردي خدمات الصحة في تونس

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل وصل المال؟ كانت آخر عبارة نطقت بها الطالبة التونسية سيرين بورماش ( 23 عاماً)، قبل أن تسلم روحها وتغادر الحياة، مخلفة وراءها مجموعة من الأسئلة التي عصفت بالشارع التونسي خلال الأيام الماضيات، فطالبة الإعلام بالمدرسة الوطنية .

والتي كانت ترتب للجلوس لامتحاناتها النهائية راحت ضحية النقص الكبير في الخدمات الصحية العمومية والتي لم تجد فيها سريراً للعناية المكثفة، التي كانت تحتاجها والجشع الذي بات يسيطر على مقدمي الخدمات العلاجية في القطاع الخاص.

شعرت الفتاة بحالة انهيار تام، تبين أنها كانت نتيجة هبوط حاد في ضغط الدم، وقامت والدتها بنقلها إلى مستشفى عزيزة عثمانة الحكومي لإسعافها، إلا أنها فوجئت برد من الإدارة، يفيد بعدم وجود سرير شاغر في غرفة العناية المركزة.

لتتصل خالتها المقيمة في العاصمة بمستشفى خاص قريب من المستشفى الحكومي، تطلب إسعاف الفتاة، لكن الرد كان حاسماً «المال أولاً، لابد من دفع ضمان مالي يقدر بخمسة آلاف دينار ( حوالي 2000 دولار ) لخزينة المصحة، قبل إسعافها».

اتصلت والدة سيرين بزوجها في صفاقس لتطلب منه الإسراع بإرسال المبلغ المطلوب، ولكن الأجل لم ينتظر طويلاً، فما هي إلا دقائق معدودات حتى لفظت الطالبة أنفاسها الأخيرة، تقول خالتها «لم يكن لدينا المبلغ المذكور، فاتصلنا بوالدها وقام بالفعل بإرسال المبلغ ولكن بعد فوات الأوان» .

وتضيف «دعوت إدارة المصحة إلى الاحتفاظ بجواز سفري وسيارتي لديها، في انتظار وصول المبلغ، ولكن الرفض كان باتاً، والشعار المرفوع لم يتغير: المال أولاً، وقبل أن يصل المبلغ توفيت سيرين، وكانت آخر كلماتها: هل وصل المال ؟».

وبينما اتسعت دائرة الانتقاد للمؤسسات الصحية، أعلنت وزارة الصحة التونسية أنه تمّ الإذن بفتح بحث تحقيقي في ظروف وفاة طالبة بالمدرسة الوطنية لعلوم الإعلامية بمنوبة سيرين بورماش وكلفت الوزارة فريقا لإجراء عملية تفقد في المستشفى لمعرفة أسباب الوفاة حسب ما أكدته نادية فنينة المستشارة بوزارة الصحة.

وانتقد عدد من السياسيين الحادثة، واعتبروها دليلاً على حالة الفوضى التي تشهدها البلاد في مجالات عدة ومنها المجال الصحي.

وقال سليم الرياحي القيادي في جبهة الإنقاذ وزعيم حزب الاتحاد الوطني الحر «عندما تصاب طالبة بهبوط حاد في الدم ولا تجد سريرا بإحدى المؤسسات الصحية العمومية، ثم تضطرّ للجوء إلى مصحة خاصة، فترفض إدارة المصحة قبولها بقسم الطوارئ لعدم إيداع صكّ ضمان، ثم تكون النتيجة كارثية بوفاة الطالبة بسبب الإهمال واللامبالاة، فهذا لا يمكن اعتباره إلّا «جريمة دولة» في حق شابة تونسية حرمتها الدولة و مؤسساتها من حقها الدستوري في العلاج و حقها الطبيعي في الحياة».

Email