انحدرت إلى أسفل سلّم الاهتمام وآخر نشرات الأخبار

قضية فلسطين تحت وطأة الانقسام الـداخلي وفوضى «الربيع العربي»

■ الكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال لم يتزحزح منذ قيام دولة إسرائيل | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن لأي متشائم فلسطيني أو عربي أن يتوقّع أن يأتي يوم تصبح فيه «قضية العرب الأولى» وهي القضية الفلسطينية وتحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين، طي النسيان. ورغم كل ما يقال عن تأثير أحداث «الربيع العربي» والحروب الأهلية في عدد من الدول العربية على القضية الفلسطينية ومكانتها عربياً وإسلامياً ودولياً.

إلا أن البعض يرى أن الاهتمام بهذه القضية بدأ يتراجع عند توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين حكومتي مصر وإسرائيل برعاية أميركية في 17 سبتمبر 1978. ورغم أن هذه الاستنتاجات مثار خلاف بين المحللين والسياسيين العرب.

إلا أن تلك الاتفاقية نتجت عنها تغييرات سياسية، منها خروج أكبر دولة عربية من جبهة الصراع العسكري المباشر مع إسرائيل، واتخاذ بعض الدول قرارات بإقامة علاقات أو استئنافها مع إسرائيل على قاعدة «لن نكون ملكيين أكثر من الملك».

لكن طرفاً آخر يرى أن الاتفاقية تلك كانت جزءاً من عملية سلام تنتهي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ولم تكن مسقوفة بالبعد الثنائي.

يمكن إلقاء الضوء على حدثين بينهما 14 عاماً للتدليل على تراجع مكانة القضية الفلسطينية دولياً. ففي 13 نوفمبر 1974، تحدث الرئيس الراحل ياسر عرفات للمرة الأولى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بعد أقل من أسبوعين على إعلان القمة العربية في الرباط منظمة التحرير الفلسطينية «الممثل الشرعي والوحيد» للشعب الفلسطيني.

وفي خطابه الشهير أمام الأمم المتحدة قال عرفات: «أتيت إلى هنا حاملا غصن الزيتون بيد وبندقية المقاتل من أجل الحرية في الأخرى. فلا تدعوا غصن الزيتون يسقط من يدي». ومُنحت منظمة التحرير الفلسطينية صفة مراقب في المنظمة الدولية.

تأشيرة مرفوضة

لكن، في العام 1988 وفي ذروة الانتفاضة الفلسطينية الكبرى، وبعد إعلان منظمة التحرير عن برنامج السلام الذي يعترف بإسرائيل، رفضت الولايات المتحدة منح عرفات تأشيرة دخول لإلقاء خطاب أمام الجمعية العامة، وأفضى ذلك الجدل إلى نقل الاجتماع من نيويورك إلى جنيف. ويرى مراقبون في هذه المفارقة في الموقف الأميركي تناغماً مع التنازلات البرنامجية الفلسطينية.

وإذا عدنا إلى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل عامين، نجد أن الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يتطرق إلى القضية الفلسطينية مطلقاً حتى بكلمة واحدة في خطابه. كما أن معظم لوحظ في كلمات رؤساء ومندوبي الدول في ذلك الاجتماع مدى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية.

رباح مهنا أحد قياديي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عزا أسباب هذا التراجع للوضع الفلسطيني الداخلي واستمرار الانقسام الذي اعقب الاقتتال بين حركتي فتح وحماس عام 2007، وما تبعه من نشوء سلطتين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.

الاستيطان والدولة

في أكتوبر 2016، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة دورية مفتوحة بشأن القضية الفلسطينية، أكد الخطباء وعددهم فاق 60 مندوباً، باستثناء مندوب إسرائيل، على أن الاستيطان عقبة كأداء في طريق تحقيق حل الدولتين. و

على ذكر الاستيطان، يمكن اعتبار الموقف من هذه المسألة معياراً مهماً لرصد المواقف الدولية ما يعكس المكانة المتقهقرة للقضية الفلسطينية. ففي السبعينيات ووصولاً إلى منتصف الثمانينيات، كان الموقف الأميركي يقول إن الاستيطان غير شرعي وغير قانوني، لكن هذا الموقف أصبح المسؤولون الأميركيون يخرجونه على استحياء وبصيغة أن القرار الاستيطاني الفلاني «يعيق عملية السلام».

الموقف من إقامة دولة فلسطينية دليل آخر. فقرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في 29 نوفمبر1947، ينص على تقسيم فلسطين إلى دولتين، وكان نصيب الدولة «العربية» يتجاوز نصف مساحة فلسطين.

لكن الأمم المتحدة أعطت عنواناً آخر لذكرى قرار التقسيم التي باتت تسمى «اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني»، الأمر الذي يرى فيه كثير من الفلسطينيين محاولة، لإخراج خارطة التقسيم من التداول السياسي.

نتذكّر أيضاً أنه صدر عن مؤتمر أوروبي في مدينة البندقية الإيطالية سنة 1980 بيان يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس (لم يتحدّث البيان عن شرقية أو غربية). لكن ما حصل بعد ذلك يؤكد أن الحديث دولياً بدأ يقتصر على حدود 1967، ثم هوى المنحنى لأكثر من ذلك.

حين تحدث الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن عن خريطة طريق و«دولة قابلة للحياة ومتّصلة جغرافياً»، ما يعني التسليم ببقاء الكتل الاستيطانية الكبرى التي تقسم الضفة الغربية إلى معازل وكانتونات وتعزلها عن القدس بشطريها المحتلين في 1948 و1967.

مواقف متناغمة

وفي رصد المواقف الأميركية والأوروبية، تنبغي الإشارة إلى أن هذه المواقف لم تحمل يوماً ما دفاعاً أو دعماً للقضية الفلسطينية بقدر ما كانت تصدر ضمن استحقاقات سياسية تشبه الإجابة الاضطرارية على أسئلة مثارة.

فضلاً عن أن هذه المواقف دائماً ما تتناغم مع الموقف الإسرائيلي وموازين القوى المائلة لصالحه. وإذا ما راقبنا مآل الاهتمام بالقضية الفلسطينية حالياً، لا يمكننا أن نتجاهل أو نتغاضى عن حقيقة انحدار هذه القضية إلى أسفل سلّم الاهتمام الدولي وآخر نشرات الأخبار، وذلك إلى إشعار آخر.

منظمة التحرير

في يناير 1964 قامت قيادات الدول العربية بالتصويت لقيام منظمة التحرير الفلسطينية كي تكون ممثلا للفلسطينيين، وتم عقد المؤتمر الفلسطيني الأول في القدس الشرقية بتاريخ 28 مايو 1964. وآلت رئاسة المنظمة إلى أحمد الشقيري، وفي عام 1969 إلى ياسر عرفات.

دير ياسين

قامت عصابات صهيونية بمشاركة مناحيم بيغين في التاسع من أبريل 1948 بقتل المئات من سكان قرية دير ياسين الواقعة بالقرب من مدينة القدس. وتحت ضغط الإرهاب هرب الآلاف من الفلسطينيين إلى لبنان ومصر والمناطق المعروفة الآن باسم الضفة الغربية خوفاً من المجازر.

قبية

في ليلة 14-15 أكتوبر 1953 تعرضت قرية قبية لهجوم همجي قامت به فصائل الجيش الإسرائيلي بقيادة أرييل شارون، وأسفرت هذه المجزرة عن تدمير 56 بيتاً ومسجداً ومدرسة وحوض مياه ومقتل 27 امرأة ورجلاً وإصابة عدد كبير من سكان القرية بجروح.

كفر قاسم

هذه المجزرة تمت أيضاً على يد قوات الاحتلال بتاريخ 29 أكتوبر 1956. ضحايا المجزرة كانوا سكان قرية كفر قاسم العائدين من مزارعهم وحقولهم وسقط 49 شخصاً أغلبهم من النساء والأطفال.

صبرا وشاتيلا

قام الاحتلال بمذابح رهيبة في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان بأوامر وإشراف من وزير دفاع الكيان آنذاك ارييل شارون والتي أسفرت عن مقتل 2500 شخص بين فلسطينيين ولبنانيين.

قانا

أمر رئيس الوزراء الصهيوني المؤقت شمعون بيريز بعملية عسكرية دامية استمرت ثلاثة أيام في لبنان تحت اسم «عناقيد الغضب» في أبريل من العام 1996، وتم قصف مركز للأمم المتحدة في بلدة قانا لجأ إليه مدنيون عزل وأدى إلى مقتل أكثر من مئة من النساء والأطفال والعجائز .

الأقصى

حدثت في مسجد الأقصى بمدينة القدس في 8 أكتوبر 1990، قبيل صلاة الظهر، حيث فتح جنود الاحتلال الإسرائيلي النار على المصلين دون تمييز، مما أدى إلى مقتل 21 وإصابة 150 بجروح مختلفة واعتقال 270 شخصاً، تم إعاقة حركة سيارات الإسعاف وأصيب بعض الأطباء والممرضين أثناء تأدية واجبهم، ولم يتم إخلاء القتلى والجرحي إلا بعد 6 ساعات من بداية المذبحة.

181

صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 القرار رقم 181 الذي ينص على تقسيم فلسطين وإنشاء دولتين مستقلتين – عربية ويهودية، 56% من مساحة فلسطين تمنح لليهود من أجل إقامة دولتهم. بناء على هذا القرار تصبح القدس منطقة تحت الإشراف والحماية الدوليين.

194

في ديسمبر 1948 صدر القرار 194 لدعم قضية 850 ألف لاجئ فلسطيني جرى تهجيرهم نتيجة للنكبة حيث ينص على حق اللاجئين وأحفادهم بالعودة إلى أراضيهم وبيوتهم الأصلية التي هجروا منها وعلى الكيان الصهيوني تقديم تعويضات.

242

تبنت الأمم المتحدة القرار 242 كخطوط إرشادية لـ«سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط» والذي يشير إلى عدم شرعية الاستيلاء على الأراضي عن طريق الحرب ويدعو إلى انسحاب قوات الاحتلال الصهيوني من الأراضي المحتلة خلال حرب 1967.

338

صدر القرار 338 عن هيئة الأمم المتحدة الذي يدعو إلى السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، وذلك بعد أيام من نهاية حرب أكتوبر 1973.

3379

في عام 1975 أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 3379 الذي يعرف الصهيونية بأنها شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري

3210

اعترفت الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني، بموجب قرار رقم 3210. وألقى ياسر عرفات خطاباً أمام الأمم المتحدة.

في العاشر من نوفمبر1975، أصدرت الجمعية العامة للأمم القرار رقم 3379 الذي ينص على أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، إلا أن اللوبي الصهيوني ومن خلال نفوذه السياسي في الأمم المتحدة وبالتعاون مع حلفائه لا سيما أميركا.

وخلال 16 سنة من العمل المستمر، تمكن في 26 ديسمبر سنة 1991 من دفع الجمعية العامة، وفي خطوة غير مسبوقة، إلى إلغاء القرار، وذلك على إيقاع مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، وسورية لبنانية - إسرائيلية، أعقبت انعقاد مؤتمر مدريد.

 

 

Email