جنرالات الصبر يواصلون معركة الأمعاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

اليوم يدخل الإضراب عن الطعام الذي يخوضه الأسرى الفلسطينيون يومه التاسع على التوالي، لكن إدارة السجون لم تبدأ أي مفاوضات معهم، تأكيداً لمسيرة طويلة من صراع الإرادات الذي كان دائماً ينتهي بانتصار الأسرى، ولذلك استحقوا وصف القيادات الفلسطينية التاريخية لهم بـ«جنرالات الصبر».

وبلغ عدد الأسرى المضربين 1580 أسيراً والعدد مرشح للزيادة، مشيرة إلى تواصل الفعاليات التضامنية مع الأسرى في مختلف المحافظات الفلسطينية. وأمس التحق 80 أسيراً بالإضراب، 40 أسيراً في سجن ريمون و40 أسيراً من سجن مجدو.

وكعادتها مع إضراب عن الطعام يخوضه الأسرى الفلسطينيون، تتظاهر مصلحة السجون الإسرائيلية بالتجاهل وعدم الاكتراث، ويسمع منها الأسرى المضربون، وبخاصة قادتهم، عبارات تشي بهذا التظاهر، مثل «حتى لو متّم لن نفاوضكم».

لكن ما إن تمضي الأيام ويتفاعل الفلسطينيون مع أسراهم بالتظاهر والمواجهات، بالتوازي مع بعض التفاعل الدولي الذي يلامس «سمعة إسرائيل»، حتى تبدأ إدارات السجون بالتراجع التدريجي، ليس رحمة بالأسرى أو خوفاً على حياتهم، لكن حرصاً على السمعة، إذ إن الرواية الإسرائيلية تجاه استشهاد أي فلسطيني في الخارج جاهزة، وهي محاولة الطعن أو محاولة الدهس، أو «تعريض حياة جنودنا للخطر»، لكن مثل هذه الذرائع والروايات لا تمر على أحد حين يتعلّق الأمر بأسرى خلف القضبان لا يملكون سوى ملابسهم.

وحسب رئيس نادي الأسير قدورة فارس فإن «مصلحة السجون لم تكتف بعدم فتح حوار مع الأسرى المضربين عن الطعام وإنما تقوم بتهديد الأسرى غير المضربين عن الطعام لمنعهم من الدخول فيه».

تفاوض

وفي السنوات الأخيرة، قام عدد من الأسرى بإضرابات عن الطعام بشكل فردي شارف بعضهم خلالها على الموت، وانتهت بإبرام اتفاقيات مع سلطات الاحتلال لإطلاق سراحهم. لكن أعيد اعتقال بعضهم بعد ذلك.

ودخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على خط التلاعب السياسي بقضية الأسرى، فكتب على تويتر بعد جلسة للحكومة الإسرائيلية برئاسته الأحد «قلت في جلسة الحكومة حول إضراب السجناء الفلسطينيين: ننتهج سياسة حازمة ومسؤولة حيال ذلك تتماشى مع المعايير الدولية». لكنّه يعرف أن استمرار الإضراب سيؤدي إلى مزيد من التوتر وشحنات الغضب لدى الفلسطينيين. والدليل على ذلك أن فترة الأيام الثمانية من الإضراب شهدت ثلاث عمليات فدائية على حاجز قلنديا وفي تل أبيب وفي بيت لحم.

وأقدمت الفلسطينية آسيا كعابنة (39 عاماً) أمس على طعن مجنّدة إسرائيلية وأصابتها بجروح عند معبر قلنديا بين رام الله والقدس المحتلتين قبل أن يتم توقيفها. آسيا أم لتسعة أطفال من قرية دوما قرب نابلس شمالي الضفة المحتلة، واعتقلتها قوات الاحتلال.

وفي محاولة للضغط على الأسرى، تواصل إدارة سجون الاحتلال منع المحامين من زيارتهم لليوم السابع على التوالي. وأكدت اللجنة الإعلامية للإضراب أن هذا المنع تواجهه المؤسسات بجهود قانونية مستمرة تتمثل بتقديم شكاوى والتحضير للتوجه بالتماس للمحكمة العليا.

تظاهرات

ومنذ بداية الإضراب، تشهد مختلف المناطق الفلسطينية مظاهرات يومية ومسيرات وإقامة خيام وسط العديد من المدن للتضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام، فيما دعت حركة فتح في بيان إلى إضراب شامل في الضفة الخميس، إضافة إلى مسيرات جماهيرية. وأوضح فارس أن المعتقلين المضربين عن الطعام يتناولون في هذه المرحلة الملح والماء ويرفضون أخذ أي مدعمات. وقال «مما لا شك فيه أن آثار الإضراب سوف تبدأ بالظهور على صحة المعتقلين والتأثير يختلف من شخص لآخر حسب قدرته على التحمل». وأضاف «مصلحة السجون تقوم بحملة تنقلات واسعة بين الأسرى المضربين ونقلهم من سجن لآخر في محاولة لكسر معنوياتهم».

نادي الأسير الفلسطيني أعلن أن الحالة الصحية للقيادي والنائب مروان البرغوثي «تدهورت بشكل خطير» في اليوم الثامن للإضراب عن الطعام. وقالت أماني سراحنة، المتحدثة باسم نادي الأسير إنه على الرغم من هذا «التطور الخطير»، فإن البرغوثي (57 عاماً) «يرفض تلقي أي علاج».

تضامن

وأكد رئيس البرلمان العربي مشعل السلمي دعمه وتضامنه الكامل مع الأسرى الفلسطينيين وتضحياتهم وما يعانونه من «انتهاكات عنصرية قمعية في سجون الكيان الصهيوني». وطلب السلمي، أمام جلسة البرلمان العربي المنعقدة بالقاهرة، من أعضاء البرلمان العربي والمشاركين في الجلسة الوقوف دقيقة احتراماً وتقديراً وتضامناً مع هؤلاء السجناء الأبطال الذين بدأوا إضراباً عن الطعام (إضراب الكرامة)، معلناً تسمية هذه الجلسة «التضامن مع الأسرى الفلسطينيين».

Email