فاجعة الموصل.. دماء بلا دموع

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا أحد يبكي ويذرف الـــدموع على من قتلوا وأريـــقت دماؤهم في مجزرة الموصل، لأن من كان يفترض بهم البكاء، قد قتلوا أيضاً، فلم يبق موضع له.

وما يثير الاستغراب في ردود الفعل حول فاجعة الخميس الماضي «23 مارس 2017»، هو الصمت الحكومي، وصمت الساسة المتنفذين، أو تلفيق روايات لإبعاد الشبهات، على الرغم من الاعتراف الصريح من قبل القيادة العسكرية الأميركية، بقصفها المدينة المذبوحة، والموقع المنكوب، في «الموصل الجــديدة»، بطلب من الجانب العـــراقي، الذي حدّد للطيران الدولي ذلك المكـــان، كونه يضم حشداً عسكرياً لتنظيم داعش، فيما اكتفى رئيس الوزراء حيدر العبادي بطلب تشكيل لجنة تحقيق في الموضوع.

ومع أن الجانب الأميركي اعترف بارتكاب المجزرة، وألقى اللوم على المعلومات التي قدّمها الجانب العراقي، إلا أنه يجافي الواقع المفترض عسكرياً، إذ ليس من المعقول الانصياع لبلاغات جهة اعتادت عدم الدقة في مرات كثيرة سابقة.

كما أن لدى التحالف الدولي طيرانه التجسسي الدقيق وأقماره الاصطناعية التي تستطيع التقاط صور حتى لرتبة العسكري على الأرض، إضافة الى أن انتهاج سلوك «حرق الغابة لإخراج أو قتل الذئب»، يتنافى وأخلاقيات وقواعد الاشتباك فيما تسمى حرب المدن، وتحويلها إلى «حرق المدن».

معالجة الفشل

ولا يستغرب مراقبون وجود تضليل أو تضخيم من بعض العسكريين العراقيين، في الإبلاغ عن الموقع الذي تم استهدافه، إلا أن المسؤولية العظمى تقع على عاتق قوات التحالف التي يقال إنها هي التي أوصت بعدم استخدام الأسلحة الثقيلة في معارك الموصل.

وإذ بها تلقي مئات الأطنان من الصواريخ والقنابل الضخمة على حي شعبي في شارع لا يزيد طوله على 70 متراً، منتهكة بذلك كل قواعد الحروب، حتى لو تم تصديق القول بوجود عناصر من «داعش» في تلك المنطقة.

وهم موجودون بالفعل، بدليل قاطع، هو أن القوات العسكرية الحكومية لم تستطع التقدم نحو المدينة القديمة، ولم تحقق أي تقدم هناك خلال أكثر من أسبوع قبل المجزرة، وربما كان هذا هو الدافع لطلب الدعم الجوي «الهستيري»، الذي استهدف المدنيين، من دون أن يصل الى مقر لـ«داعش» هناك.

مفقودون ومصهورون

النقيب ليث ستار، من فريق الدفاع المدني الأول قال «لا نعلم أين سنجد ضحايا آخرين، فبعضهم ألقاه عصف القصف على بعد مئات الأمتار، وبعضهم تناثر إلى أشلاء»، مضيفاً أن «هناك ما لا يقل عن 200 ضحية معالمها غير واضحة، بسبب انصهار بعضها نتيجة الحرق والعصف، أو تهشمها تحت الحجارة والأنقاض، وغالبيتهم نساء وأطـــفال لم يتم التعرف على هوياتهم».

ولفت ستار، إلى أن «هذه أعلى حصيلة تسقط في العـــراق منذ الاحتلال وحتى الآن من المـــدنيين، وهناك فريق تحقيق دولي وصــل، فجر الأحد، إلى موقع المجــــزرة في شــارع واحد داخل حي الموصل الجديدة»، بعد أن أعلن التحالف الدولي، السبت، أنه فتح تحقيقاً في تقارير تحدثت عن مجازر جمـــاعية بحق المدنيين في الموصل جراء غارات نفذتها طائراته.

Email