في ظل رفض جميع الأطراف تقديم تنازلات

اشتباك انتخابي على خط التعثّر في تأليف حكومة لبنان

صورة أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ضوء استمرار التعثّر في ولادة الحكومة اللبنانية، نتيجة تمسّك هذا الفريق أو ذاك بشروطه أو مطالبه، وفي ظل رفض الأطراف تقديم تنازلات تؤدي إلى ساحة تفاهم مشترك يخرِج الحكومة إلى النور، بدأت علامات استفهام كبيرة ترتسم في الأفق حول مصير قانون الانتخاب، وبالتالي مصير الاستحقاق الانتخابي النيابي المقرّر في مايو المقبل.

في هذا الجوّ، لا تزال العثرات تواجه تشكيل الحكومة، ولا يزال طريق التأليف مقفلاً، ولغة الكلام الجدّي والمجدي معطّلة، والتواصل ما بين القوى المعنية بأولى حكومات العهد شبه منعدم. ولم تحمل الساعات الأخيرة أيّ جديد على صعيد الحقائب التي لا يزال الاختلاف عليها يشكّل العائق السياسي أمام التأليف.

وفي المحصلة، فإن لا جديد لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بحسب أوساطه، إذ لا يزال ينتظر أن تكتمل الصورة وتجلو مواقف الأطراف لكي تُبنى عليها الخطوات التالية، ربطاً بمهلة تلقّي أجوبة هذه الأطراف على التأليف.

وحال الانتظار نفسها هي السائدة عند رئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري، الذي نقل عنه زوّاره استغرابه بروز هذا الكمّ من العراقيل والعقبات في طريق التأليف، وتبعاً لها، بات لا يستطيع أن يحدّد موعداً لولادة حكومته، مع أنّه يكرّر أنّه ما زال في المهلة الطبيعية للتشكيل، فيما برز في الموازاة تأكيد متجدّد من قبل رئيس البرلمان نبيه برّي على الإسراع في تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أنه قدّم كلّ التسهيلات لتأليف الحكومة، وأنّ العُقدة ليست عنده بل هي في مكان آخر.

مشهد التأليف

وخلافاً لكلّ الرهانات السابقة، لم تحمل الساعات الأخيرة أيّ تطوّر إيجابي على جبهة التأليف الحكومي يشي بولادة حكومية قريبة، في حين يبدو أن حائط التعطيل يزداد سماكةً على مدار الساعة. وما صبّ الزيت على النار السياسية المشتعلة أصلاً، بحسب مصادر، هو «الاشتباك الانتخابي» على خلفية قانون الستّين، بين عدد من القوى السياسية، واشتباك على خطّ التأليف بين حركة أمل والقوات اللبنانية، وهو أمرٌ يرسم علامات استفهام حول المدى الذي سيبلغه هذا الاشتباك، بشقّيه الانتخابي والحكومي، وتداعياته على صورة البلد في المرحلة المقبلة.

وفي رأي أوساط سياسية، يبدو رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة محكومَين ببوصلة سياسية صحيحة ويحرصان على حكومة وحدة وطنية، قبل اللجوء إلى خيارات أخرى، بينها حكومة تكنوقراط مصغّرة تضع مشروع موازنة عامة ومشروع قانون للانتخابات، قد يكون مختلطاً، إلا أن عامل الوقت ضاغط وشهر الانتخابات النيابية في مايو المقبل لم يعد بعيداً.

ذلك أنّ تأخّر ولادة الحكومة، متصل بالدفع باتجاه الاتفاق على قانون الموازنة والانتخاب، وهو ما يُنتظر أن يتمّ ولو عن طريق جلسة لهيئة الحوار الوطني تعقد في القصر الجمهوري هذه المرّة.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«البيان» أن تأليف الوزارة مرتبط باستحقاقين: الأوّل، يتعلّق بإقرار موازنة العام 2017، لأنه من غير الممكن الاستمرار مع العهد الجديد بالصرف وفق القاعدة الاثني عشرية.

والثاني، مشروع قانون الانتخاب الذي ترتبط به الانتخابات النيابية عام 2017، والذي دخل في سباق زمني جدّي على الموعد، خصوصاً أن الحكومة لم تصدر مراسيم تشكيلها بعد، ولا هي أعدّت بيانها الوزاري المتوقع أن يشهد بدوره أسبوعاً أو أسبوعين على الأقلّ، الأمر الذي يعني أن الحكومة الجديدة، ولو أبصرت النور هذا الشهر، ونالت الثقة، فإنها لن تمارس مهامها قبل مطلع العام المقبل.

الاشتباك الانتخابي

وفي السياق، تجدر الإشارة إلى أن شرارة الاشتباك الانتخابي كانت اندلعت بعد كلام لوزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق، أكّد فيه جاهزية وزارة الداخلية الآن لتنظيم الانتخابات النيابية على أساس قانون الستّين، كاشفاً عن أنّ أيّ قانون جديد يستلزم أشهراً لوضع ترتيبات إدارية لتنفيذه وتثقيف الناخبين وتدريب الموظفين والإداريين حوله، ما سيتطلّب تأجيلاً تقنياً للانتخابات.

قلق

أعربت مصادر سياسية لبنانية عن قلقها من أن تكون الغاية من العُقد الموضوعة في طريق تأليف الحكومة ليس ضرب زخم انطلاقة العهد الجديد، وإنما وضع دفتر شروط بمعايير التعاطي السياسي المقبل، ذلك أن المسألة لا تتصل بالحقائب الوزارية، بل بترتيبات ما بعد الحكومة ومهامها وتوازنات المرحلة المقبلة.

Email