الرئيس الجديد يتعهد بحماية بلاده من الحرائق الإقليمية

لبنان يُودّع «فخامة الفراغ» ويستقبل الجنرال عون

 مراسم استقبال الرئيس الجديد في قصر بعبدا | أ.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

وأخيراً، قضي الأمر، أصبح النائب العماد ميشال عون الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية، التي لم يُقدّر لرئيسين منهم (بشير الجميّل ورينيه معوّض) أن يصلا إلى القصر الجمهوري، لأنهما اغتيلا وهما على بابه، في ظروف مختلفة الأسباب، وإن تساوت النتائج؛ ما يعني أن يطوي بعبدا شغوره الطويل ويستقبل ساكنه الجديد.

ومن الثابت القول إن الخبر لم يكن جديداً في انتخاب عون، وإنما كان في حجم الأصوات التي نالها في الدورة الثانية من عملية الانتخاب (83 صوتاً من أصل 127)، وفي عدد الأوراق البيضاء (36) التي عبّر أصحابها عن عدم رضاهم عن الانتخاب.

الإثنين الأبيض

وبعد شغور في سدّة الرئاسة، امتدّ لنحو عامين ونصف العام، وتحديداً منذ 25 مايو 2014، حملت جلسة الانتخاب التاريخية الـ46 إلى الجمهورية، التي كانت كاملة النصاب أمس، الرئيس الثالث عشر، واسمه الجنرال ميشال عون الذي انتظر 26 عاماً ليعود إلى قصر بعبدا، بعدما ترأّس تكتلاً نيابياً هو الأوسع مسيحياً منذ العام 2005.

وفي المحصلة، أنهى «الإثنين الأبيض» الحداد الطويل للجمهورية على رئيسها، وأدخل «الجنرال» القصر رئيساً، بعدما أخرِج منه بالقوة في 13 أكتوبر 1990 حين كان رئيساً لحكومة انتقاليّة.

واللافت أن «كبسة الزرّ» التي قلبت المواقف، لم تفعل فعلها في تأمين الفوز لعون من الدورة الأولى، إذ نال 84 صوتاً من أصل 127، فيما كان المطلوب 86 صوتاً (ثلثَي أصوات النواب)، مقابل 36 ورقة بيضاء و6 ملغاة، بينها واحدة حملت اسم عارضة الأزياء «ميريام كلينك» وورقة غير ملغاة ضمّت اسم النائب جيلبيرت زوين، ما استلزم دورة ثانية تضمّنت ثلاث عمليات اقتراع بسبب تكرار وجود ورقة زائدة في صندوق الاقتراع، حصل عون بنتيجتها على 83 صوتاً.

فيما كان المطلوب لفوزه 65 صوتاً (النصف زائداً واحداً). كما تمّ الإعلان في الدورة الثانية عن ورقة باسم النائب ستريدا طوق، و36 ورقة بيضاء، فيما ألغيت أوراق كتِب عليها «ثورة الأرز في خدمة لبنان» وورقة لـ«زوربا الإغريقي» وأخرى زيّلت بعبارة «مجلس شرعي أو غير شرعي».

استحقاقات

ووفق الدستور، كانت الكلمة أمس للمجلس النيابي، الذي التأم في صورة جامعة طال انتظارها، ولم يغب عنها سوى النائب المستقيل روبير فاضل.

وما بعد هذه الصورة، فتِح قوسان لمرحلة طويلة، يوضع خلالها الطقم السياسي تحت مجهر الاختبار في الاستحقاقات العالقة والملفات المعقدة التي توارثتها العهود والحكومات. فهل سينجح ساسة لبنان باتفاقات عابرة للمراحل المقبلة، كما تفاهموا على تخطّي الاستحقاق الرئاسي؟

«أقسم بالله العظيم».. وهكذا بدأ العماد ميشال عون القسم الدستوري، الذي كتبه على مراحل عدّة، بعد إعلان فوزه في انتخابات رئاسة الجمهورية. ومع هذا القسَم، بدأت مرحلة جديدة في قلب المعركة الديمقراطية، وفي خلط الأوراق السياسية في البلد بين الموالاة والمعارضة، انطلاقاً من الاقتراع، ثم المشاورات في القصر الجمهوري لتكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، بحسب ما هو مرجّح.

وعندها تكون المرحلة الصعبة في التأليف أو المرحلة التسووية في قيام حكومة كل لبنان، لترسيخ الاستقرار الأمني، وإطلاق عجلة العمل في السلطتين التنفيذية والتشريعية.

تعهدات

وإلى ذلك، تعهد ميشال عون في خطاب القسم الذي أدلى به بعد انتخابه أمام مجلس النواب بأن يبقي لبنان بعيداً عن نيران النزاعات المشتعلة في المنطقة.

وأكد الرئيس الجديد أن «لبنان السالك بين الألغام لا يزال في منأى عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة. ويبقى في طليعة أولوياتنا عدم انتقال أي شرارة إليه». وأضاف «من هنا ضرورة ابتعاده عن الصراعات الخارجية».

من جهة ثانية، قال عون «علينا معالجة مسألة النزوح السوري عبر تأمين العودة السريعة للنازحين، ساعين إلى ألا تتحول مخيمات وتجمعات النزوح إلى مخيمات أمنية». وتابع «لا يمكن أن يقوم حل في سوريا لا يضمن ولا يبدأ بعودة النازحين».

ودعا عون إلى إطلاق خطة اقتصادية «تغير اتجاه المسار الانحداري».

وفي ما يتعلق بالصراع مع إسرائيل، أكد عون «إننا لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أرضنا اللبنانية المحتلة».

بداية

قال رئيس مجلس النواب نبيه بري في كلمة توجه بها للرئيس الجديد «انتخابكم يجب أن يكون بداية وليس نهاية، وهذا المجلس على استعداد لمد اليد لإعلاء لبنان».

الإمارات تبارك.. والاتحاد الأوروبي وألمانيا أول المرحبين

بارك معالي د. أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية للبنان انتخابه رئيساً جديداً للجمهورية بعد شغور طال نحو عامين ونصف العام.

وقال معاليه في تغريدة على موقع تويتر: «نبارك للبنان انتخاب الرئيس ميشيل عون، انتخاب يعزز المؤسسات الدستورية وسط التحديات الإقليمية، موقع لبنان العربي في سيادته وازدهاره وانفتاحه».

ودولياً، صدرت أول المواقف في أوروبا بشأن الانتخابات الرئاسية اللبنانية عن الاتحاد الأوروبي وألمانيا، فقد رحب الاتحاد الأوروبي أمس، بانتخاب العماد ميشال عون لمنصب رئاسة الجمهورية اللبنانية الشاغر منذ منتصف 2014 مؤكداً أهمية ذلك لمستقبل البلاد.

وقالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية فيديريكا موغيريني في بيان إن انتخاب الرئيس يفتح الطريق أمام جميع الأحزاب السياسية للانخراط في الحوار البناء واقتسام المسؤولية لمعالجة الأزمة المؤسسية التي طال أمدها والنظر في احتياجات المواطنين اللبنانيين.

وأضافت أن «الحكومة الجديدة سيكون من واجبها العمل على ضمان استقرار البلاد في هذه المرحلة السياسية الجديدة واعتماد التدابير الاجتماعية والاقتصادية اللازمة».

وفي برلين، هنأ وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير العميد ميشال عون على انتخابه رئيساً جديداً للبنان من قبل البرلمان. وقال شتاينماير عقب انتخاب عون إن انتخاب عون إيذان ببدء عهد سياسي جديد وينهي مقاطعة سياسية استمرت أكثر من عامين.

وأكد شتاينماير أن لبنان «حاز تقديرنا ودعمنا لإيوائه أكثر من مليون لاجئ سوري». وشدد وزير الخارجية الألماني على أن استقرار لبنان ورخاءه يعتبران هدفين مهمين لألمانيا، وقال: «سنظل ندعم هذا البلد بكل قوة».

لقطات

توافد النواب اللبنانيون على المجلس النيابي وسط تدابير أمنية مشددة، والتحضير لاحتفالات شعبية واسعة.

كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أول الوافدين، ليترأس جلسة انتخاب رئيس للجمهورية.

عقدت الجلسة برئاسة رئيس المجلس النيابي وحضور 73 مدعواً رسمياً بينهم رؤساء سابقون وسفراء.

اقترح النائب سامي الجميّل أن توضع ستارة في المجلس، كما في الانتخابات حفاظاً على سرية الاقتراع.

انتشرت في مناطق عديدة من بيروت وخارجها الأعلام البرتقالية الخاصة بالتيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون وبصور الجنرال.

تجمع العشرات من مؤيدي عون في الجديدة، ضاحية بيروت الشمالية، وحملوا أعلام التيار الوطني الحر وشعارات تؤيده.

بدأت الجلسة بتلاوة المادة 49 من الدستور التي تعرف برئيس الجمهورية ووضعه الدستوري وطريقة انتخابه.

تابع كوادر ومسؤولو «التيار الوطني الحر» وقائع الانتخاب قرب المقر المركزي لـ«التيار» من خلال شاشة عملاقة نصبت في المكان.

رئيس المجلس النيابي نبيه بري يعد أبرز المعارضين لانتخاب عون. وأعلن أنه في حال وصول الأخير إلى الرئاسة سينتقل إلى المعارضة.

Email